اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
سلطت 'جون أفريك' الضوء على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وسوريا، بعد انقطاع دام اثني عشر عاما، ورأت في هذه الخطوة تحولا مهما له تداعياته على المشهد الإقليمي، خاصة في سياق التنافس بين الرباط والجزائر.
وأعلن الملك محمد السادس في خطاب موجه إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين في 18 ماي 2025، عن قرار الرباط إعادة فتح سفارتها بدمشق، بعد أشهر من سقوط نظام بشار الأسد ووصول الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة في دمشق أواخر عام 2024.
وفي كلمته التي تلاها وزير الخارجية، ناصر بوريطة، أكد الملك محمد السادس أن فتح السفارة المغربية في دمشق يمثل تعبيرا عن الموقف الثابت للمغرب في دعم وحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية، كما أنه يمثل تضامنا مع تطلعات الشعب السوري في تحقيق الأمن والحرية والاستقرار.
ولم تخلُ هذه الخطوة الدبلوماسية، بحسب تحليل المجلة الفرنسية، من أبعاد استراتيجية تتجاوز مجرد عودة العلاقات إلى طبيعتها. فقد أشارت 'جون أفريك' إلى أن إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق ترتبط بشكل وثيق بملف الصحراء الغربية، الذي ظل في الخلفية خلال سنوات القطيعة.
وأشارت إلى أنها تاريخيا، دعمت سوريا، تحت حكم حافظ وبشار الأسد، جبهة البوليساريو الانفصالية بشكل نشط، بما في ذلك الاعتراف بـ'الجمهورية الوهمية' وتوطيد العلاقات معها.
وترى 'جون أفريك' أن الرباط، من خلال إصرارها على أهمية 'الوحدة الترابية' لسوريا، ترسل رسالة سياسية دقيقة، فهي تؤكد على مبدئها في احترام سيادة الدول، وفي الوقت ذاته تشير إلى أن التطبيع الكامل مع دمشق يتطلب بالضرورة تراجع الدعم السوري للبوليساريو.
ويعتبر هذا الموقف امتدادا للسياسة التي عبر عنها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في ماي 2023، حيث أكد على ضرورة المعاملة بالمثل في قضايا السيادة، وهو ما يجسد السياسة الواقعية في الدبلوماسية المغربية.
على الجانب الآخر، شكل هذا التقارب بين الرباط ودمشق ضربة موجعة للجزائر، التي كانت تعد حليفا رئيسيا لنظام الأسد وسعت جاهدة لإعادته إلى جامعة الدول العربية منذ عام 2022.
واستضافت الجزائر في نونبر 2022 قمة عربية بهدف الإعلان عن عودة سوريا، مقدمة نفسها كلاعب محوري في هذا الملف، على النقيض من المغرب الذي كان قد ابتعد عن هذا المسار.
لكن سقوط نظام الأسد قلب الموازين جذريا، حيث يبدو أن السلطة السورية الجديدة تسعى إلى إعادة تعريف أولوياتها الدبلوماسية وتبني مواقف أكثر انفتاحا.
ومع أن الجزائر تسعى للحفاظ على حوار نشط مع السلطات الجديدة، كما تجلى في زيارة وزير خارجيتها أحمد عطاف إلى دمشق، فإن 'جون أفريك' ترى أن التقارب السوري مع الرباط يضعف الموقف الدبلوماسي للجزائر على الساحة الإقليمية.
وتختتم 'جون أفريك' تحليلها بالقول إن الديناميكية الجديدة تمثل 'نصرا مزدوجا' للمغرب، فهو لم ينجح فقط في استعادة موقعه في فضاء جيوسياسي كان قد أُبعد عنه، بل تمكن أيضا من إضعاف إحدى الروافع الدبلوماسية الرئيسية التي سعت الجزائر إلى استخدامها في حرب النفوذ حول الصحراء المغربية.