المغرب يضيق الخناق على الأموال المشبوهة لقطع الطريق على تمويل الإرهاب

في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تفرضها الجرائم المالية العابرة للحدود، يواصل المغرب تعزيز منظومته الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر تكثيف آليات الرقابة والتوعية، وفي هذا الإطار، أصدر بنك المغرب، بشراكة مع مؤسسات وطنية متخصصة، النسخة الأولى من دليل شامل يهدف إلى رفع وعي الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات المالية بمخاطر هذه الجرائم وانعكاساتها على استقرار الاقتصاد الوطني.

ويأتي إصدار هذا الدليل في سياق الجهود التي تبذلها المملكة لتعزيز الشفافية المالية والتقيد بالمعايير الدولية، لاسيما بعد نجاحها في الخروج من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي خلال فبراير 2023، ومع تصاعد التهديدات المرتبطة بتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، تعمل السلطات المغربية على إحكام الرقابة وتحصين النظام المالي ضد أي اختراقات قد تستغل القنوات الاقتصادية لتمرير أموال غير مشروعة.

في تصريح لـ 'العمق' شدد المحلل الاقتصادي، محمد جدري، على أهمية الاستثمار في تحفيز الاقتصاد الوطني المغربي، مع التركيز على الاستثمارات الخارجية والداخلية، لا سيما في القطاع الخاص، مؤكدا أن نجاح القطاع الخاص في أن يصبح فاعلا أساسيا في الاقتصاد المغربي يتطلب تحسين مناخ الأعمال في المملكة، وهو ما يرتبط بتشجيع المنافسة وتمويل المشاريع.

وأشار جدري إلى أن هناك فرقا شاسعا بين المقاولات التي تستمد أموالها من مصادر مشبوهة مثل تهريب المخدرات أو تبييض الأموال، وبين المقاولات المستثمرة بشكل قانوني، سواء كانت محلية أو أجنبية، مسجلا أن هذا التباين يجعل من المستحيل وجود منافسة شريفة بين هذه الأطراف، مما يعرقل نمو الاقتصاد المغربي ويؤثر سلبا على مناخ الأعمال.

وفي هذا السياق، أضاف المتحدث أن المغرب قد أظهر التزاما قويا بمكافحة الأنشطة غير القانونية، مثل تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما مكنه من الخروج من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، معتبرا أن الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الصدد كانت ضرورية لضمان استقرار السوق وجذب المستثمرين الأجانب.

وفي حديثه عن حديثه عن الإصدار الأخير من 'دليل بنك المغرب'، الذي يهدف إلى توعية المواطنين والمقاولات المغربية حول مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن هذا الدليل يشمل مفاهيم أساسية حول هذه الأنشطة غير القانونية، كما يعرض إجراءات وقائية يجب أن تتبعها المؤسسات لمكافحة هذه الجرائم.

وأشار المختص إلى أن هذا الدليل سيعزز من فهم المواطنين، سواء كانوا أفرادا أو شركات، لخطورة هذه الأنشطة على الاقتصاد الوطني، داعيا إلى ضرورة التزام الجميع بالقوانين ذات الصلة، وقال جدري: 'إن هذا التحرك يهدف إلى ضمان أن تكون الاستثمارات المغربية خالقة للثروة، ومولدة للفرص الاقتصادية، بما يسهم في تحقيق النمو المستدام'.

وختم جدري حديثه بالتأكيد على أن عدم وجود المغرب في اللائحة الرمادية لا يسهم فقط في تحسين بيئة الاستثمار، بل يفتح أيضا الباب أمام فرص الحصول على تمويلات وقروض بأسعار تفضيلية، وهو ما يعد عاملا أساسيا في دعم المشاريع المستقبلية.

جدير بالذكر أن المملكة المغربية غادرت مسلسل المتابعة المعززة أو ما يعرف بـ”اللائحة الرمادية” لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بإجماع جميع أعضاء مجموعة العمل المالي (GAFI)،بحسب ما أفاد بلاغ للحكومة.

وجاء قرار المجموعة بعد تقييم مسار المغرب وملاءمة منظومته الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منذ اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021. وذلك خلال أشغال الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي المنعقد في باريس بفرنسا، من 20 إلى 24 فبراير 2023.