اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢٥
بعد جلسة محاكمة ماراثونية امتدت حتى الثالثة صباحا، أسدلت المحكمة الابتدائية بمدينة برشيد الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل والمتعلقة باختفاء جثة رضيع من داخل إحدى المصحات الخاصة، حيث أصدرت أحكاما بالسجن النافذ في حق أربعة متهمين وبرأت الخامس.
وقضت المحكمة بثلاثة أشهر حبسا نافذا في حق المتهم الرئيسي عبد الحق، الذي يشتغل 'رصاصا' بالمصحة، وبالعقوبة نفسها في حق مدير المصحة، فيما أدينت الأم العازبة وشقيقتها بشهرين حبسا نافذا لكل منهما، بينما تم الحكم ببراءة الممرض المكلف بالاستقبال.
وكانت جلسات المحاكمة قد شهدت لحظات مشحونة واستماعا إلى شهادات مثيرة، حيث تم الاستماع للمتهم الرئيسي الذي أكد أنه لم يكن على علم بالحادث إلا بعد عودته من عطلته.
وبخصوص كاميرات المراقبة، أشار إلى أن الرمز السري الخاص بها كان بحوزة الطبيب المشرف، وأنه تلقى اتصالا من القابلة 'مريم' والطبيب معا، يخبرانه بوجود خلل في نظام التسجيل، وطلبا تدخله لإصلاحه، مضيفا أنه استعان بتقني أكد أن الكاميرات معطلة بالكامل.
وردا على سؤال ممثل النيابة العامة حول ما إذا كان قد حاول الاطلاع على التسجيلات بعد علمه بالحادث، أكد المتهم أنه فعل ذلك بالفعل دون نتيجة، مشيرا إلى أن الطبيب طلب منه جلب تقني آخر لإصلاح النظام، إلا أن ذلك لم يتم في نهاية المطاف.
كما صرح المتهم أنه، أثناء مساعدته لعاملة النظافة في نقل صنبور من مكان إلى آخر، تفاجأ بباب مستودع الأموات مفتوحا، في وقت كان المبرد يعمل دون وجود أي جثة بداخله، وهو ما دفعه إلى إبلاغ إدارة المصحة فورا، مؤكدا أن مثل هذه الواقعة تقع لأول مرة منذ اشتغاله بالمؤسسة.
وفي معرض رده على سؤال من المحامي أغناج، أوضح المتهم أنه كان يُطلب منه في أحيان كثيرة التحقق من كاميرات المراقبة بأمر من مدير المصحة، رغم أن هذه المهمة لا تدخل ضمن اختصاصه كـ 'رصاص' (سباك).
من جهته، أدلى مدير المصحة، المتابع في حالة سراح، بشهادته مؤكدا أنه تلقى اتصالا من نائبة وكيل الملك، تطلب فيه تقديم المساعدة الطبية لسيدة حامل، مشيرا إلى أن الأخيرة خضعت للفحوصات والتحاليل، وتبين أنها بصحة جيدة، وعادت يوم الخميس إلى المصحة حيث وضعت مولودها ميتا.
وأشار الطبيب نفسه إلى أنه تم إشعار الشرطة كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، خاصة وأن الأم غير متزوجة، لكنه عبّر عن استغرابه من تأخر عناصر الأمن في الحضور وعدم تحرير محضر بالواقعة في حينه، قائلا إنه تلقى، يوم الأحد، اتصالا من القابلة تخبره بأن الشرطة حضرت إلى المصحة لفتح تحقيق بخصوص اختفاء الجثة، حيث التقى بعميد الشرطة المعني بالملف.
وأوضح المدير أن شقيقة الأم حاولت استعجال تسلّم الجثة قصد دفنها، غير أن إدارة المصحة رفضت ذلك إلى حين استكمال الإجراءات القانونية، مؤكدا في السياق ذاته أن المتهم الرئيسي كان يشرف على نظام المراقبة ومسجل الفيديو الرقمي وكان يحتفظ بالرمز السري، ويقوم بمراجعة التسجيلات بصفة دورية.
وعن احتمال الجهة المستفيدة من اختفاء الجثة، أشار المدير إلى أن 'الأب البيولوجي للرضيع' قد يكون الطرف الوحيد الذي يمكن أن تكون له مصلحة في الواقعة، نظرا لكون الأم غير متزوجة، مبرزا أن شقيقة الأم سددت تكاليف الولادة نقدا، وأنها غادرت المصحة برفقة عميد الشرطة بوشعيب وبعدها اختفت الجثة.
وفي سياق الجلسة نفسها، استمعت المحكمة إلى ستة شهود من العاملين بالمصحة، بينهم مولدتان، عاملة نظافة، والحارس الليلي، ومستخدم آخر، حيث جاءت شهاداتهم متطابقة في مجملها مع تصريحات المتهم الرئيسي والمدير والممرض.
غير أن دفاع المتهم الرئيسي سجل وجود تناقضات جوهرية صارخة بين أقوال الشهود أمام الضابطة القضائية وتصريحاتهم أمام المحكمة، مشيرا إلى أن هذه التباينات تمس بمصداقية الشهادات.
وشهدت الجلسة توترا ملحوظا خلال الاستماع لشقيقة الأم، التي فجّرت معطى جديدا بحديثها عن وجود خبرة جينية تثبت أن زوجها الحالي، الذي تزوجت به بعد الواقعة، هو الأب البيولوجي للرضيع، حيث جاء هذا التصريح ردا على سؤال مباشر من الدفاع حول هوية والد الجنين.
لكن هذا المعطى أثار جدلا قانونيا حادا، بعدما أشار الدفاع إلى أن وثيقة الخبرة غير مرفقة بملف القضية، في حين أكد وكيل الملك أنه هو من أدرجها ضمن الوثائق منذ نحو أسبوع، ما دفع دفاع المتهم إلى المطالبة بالاطلاع عليها وتسجيل ملاحظته بغيابها ضمن محضر الجلسة.
وتحولت القاعة إلى ساحة مواجهة قانونية مفتوحة بين النيابة والدفاع، وسط تبادل التأكيدات والنفي بشأن وجود الخبرة الجينية ضمن الملف، في وقت اعتبرت فيه هيئة الدفاع أن هذا المعطى قد يكون حاسما في توجيه مسار القضية.
وشهدت الجلسة توترا خلال الاستماع لشهادة شقيقة الأم، التي أكدت وجود 'خبرة جينية' تثبت أن والد الجنين هو زوجها الحالي، الأمر الذي فجر نقاشا قانونيا بين الدفاع والنيابة العامة، خاصة بعد تأكيد وكيل الملك أنه سبق وأرفق الوثيقة بالملف، وهو ما نفاه الدفاع مطالبا بتسجيل هذا المعطى في محضر الجلسة.
وبهذا القرار، تكون المحكمة قد وضعت حدا لواحدة من أكثر القضايا التي أثارت اهتمام الرأي العام المحلي، في انتظار ما إذا كانت الأطراف ستلجأ إلى استئناف الأحكام الصادرة.