اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٧ حزيران ٢٠٢٥
أكد الباحث في الإعلام والتواصل، المحفوظ أيت بنصالح، أن الصحافة العالمية والمحلية دخلت منعطفا تاريخيا حاسما مع جائحة كورونا، التي لم تكن مجرد أزمة صحية، بل كانت بمثابة 'شهادة وفاة' رسمية للنموذج الصحفي التقليدي ومنظومته القديمة.
واعتبر أيت بنصالح، خلال مداخلته في ندوة نظمها 'المركز الأطلسي للصحافة وتكنولوجيا الإعلام' السبت الماضي بمدينة العيون، أن فترة الجائحة أوقفت بشكل نهائي وقسري 'اجترار' النموذج القديم، وفتحت الباب على مصراعيه للتفكير في نموذج جديد كليا، تفرض فيه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة.
ورفض الباحث الخطاب التشاؤمي الذي يعتبر أن الصحافة 'وصلت إلى الحضيض'، موضحا أن ما انهار وانتهى هو المنظومة القديمة القائمة على أساليب تقليدية، وليس مهنة الصحافة في جوهرها، والتي تولد اليوم من جديد في ثوب إبداعي وتكنولوجي متطور.
وشدد أيت بنصالح خلال الندوة التي نظمت بإشراف من رابطة أنصار الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية على أن هذا العصر الجديد للصحافة يتطلب 'تواضعا معرفيا' من الممارسين، وقطيعة تامة مع فكرة أن الصحافة 'مهنة من لا مهنة له'.
وأضاف بلهجة حاسمة: 'لا مكان لأنصاف المتعلمين في صحافة المستقبل، فالذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يمارسه إلا المثقفون المتمكنون القادرون على طرح الأسئلة الصحيحة والدقيقة'.
وأوضح الإعلامي ذاته أن الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة مشروطة بامتلاك 'ذكاء مهني' لدى الصحفي، فالخوارزميات لا تقدم إجابات ذات قيمة إلا إذا تلقت أوامر وأسئلة دقيقة وذكية. فجودة المخرجات تعتمد كليا على جودة المدخلات، وهو ما يبرز أهمية 'مهارة توجيه الأوامر' ككفاءة أساسية للصحفي العصري.
وربط الباحث هذه التحولات بضرورة خدمة القضايا الوطنية الكبرى، مشيرا إلى أن المغرب لم يعد بحاجة للصحافة للدفاع عن قضاياه التقليدية فقط، بل لتسويق صورته للعالم بلغات متعددة، واستعدادا لاستحقاقات عالمية ضخمة مثل كأس العالم 2030.
وضرب مثالا بجهل بعض الأمريكيين قبل مونديال قطر بالفرق بين المغرب (Morocco) وموناكو (Monaco)، مما يؤكد الحاجة الماسة لإعلام احترافي قادر على الوصول للرأي العام الدولي بفعالية.
وخلص أيت بنصالح خلال الندوة التي خصصت لموضوع الذكاء الاصطناعي إلى أن الصحافة اليوم أصبحت حقلا متعدد التخصصات، يتقاطع فيه الإبداع الصحفي مع البرمجة والتصميم وفنون الصوت والصورة، مؤكدا أن الهدف الأسمى هو بناء إعلام قوي يسعف المغرب في تقديم نفسه للعالم بأحسن صورة ممكنة.