اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ نيسان ٢٠٢٥
تعيش مدينة الفنيدق على وقع احتجاجات أمهات أطفال توحديين، عقب قرار تقليص عدد المستفيدين من خدمات مركز جمعية الأمل للأطفال التوحديين إلى 10 أطفال فقط من أصل 108 منخرط، وهو القرار الذي أدى أيضا إلى تقليص عدد الأطر التربوية بالمركز من 16 إلى 5 فقط.
ونظمت أمهات الأطفال المقصيين من المركز، وقفة احتجاجية، يوم الإثنين، موجهين 'نداء استغاثة' إلى الملك محمد السادس من أجل التدخل لإعطاء تعليماته للجهات المسؤولة من أجل تشييد مركز كبير يتماشى مع أعداد الأطفال التوحديين بالمدينة، فيما تعهد باشا المدينة بإيجاد حل للإشكال.
وبعد سنوات طويلة من استفادة عشرات الأطفال من خدمات المركز المذكور، اشترطت إدارة التعاون الوطني على المركز تقليص أعدادهم إلى 10 فقط من أجل الاستفادة من الدعم، وذلك على بعد أسابيع قليلة من نهاية الموسم الدراسي الحالي، وهو ما خلق حالة من الارتباك لدى عائلات الأطفال.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها جريدة 'العمق'، فإن قرار تقليص أعداد الأطفال المستفيدين جاء بعد زيارة لجنة مركزية من مؤسسة التعاون الوطني، والتي سجلت بعض الملاحظات التي تتعارض مع دليل المساطر.
واستند القرار على ضيق مقر المركز وأنه لا يسع سوى 10 أطفال و5 مربيات، وهو ما دفع إدارة المركز إلى الاستجابة لملاحظات إدارة التعاون الوطني بتقليص عدد المستفيدين، مع حذف بعض برامج الدعم والتكوين، وإلغاء نظام التفويج الذي تتمسك الأمهات بأنه أثبت فعاليته طيلة سنوات.
تغيير نظام المركز
في هذا الإطار، أوضحت مديرة جمعية الأمل للأطفال التوحديين بالفنيدق، أن القرار الجديد أملته الملاحظات التي توصل بها المركز عقب زيارة لجان مركزية إلى الجمعيات المنخرطة في صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي وتحسين تمدس الأطفال في وضعية إعاقة.
وأضافت في تصريح لجريدة 'العمق' أن المركز توصل بمراسلة من طرف مصالح مؤسسة التعاون الوطني، تتضمن مجموعة من الملاحظات، على رأسها تقليص عددا الأطفال في الفئة (أ) من 21 إلى 10 أطفال، بالنظر إلى أن الطاقة الاستعابية للمركز لا تستوعب أكثر من ذلك، مع دمج الفئة (ب) مع (ت).
وكان نظام التكوين والعلاج بالمركز يقوم على تقسيم الأطفال ضمن 3 برامج، برنامج الفئة (أ) الذي يضم الأطفال أصحاب الإعاقات العميقة والذين لا يستطيعون المواكبة بالمدارس، وكان عددهم 21 طفلا يستفيدون من الخدمات الكاملة للمركز، والتي تشمل التربية الخاصة (الفردية) والنطق والدعم والمواكبة النفسية والرياضة وغيرها، ضمن حصص يومية تدوم 6 ساعات.
ويتعلق برنامج الفئة (ب) بأطفال توحديين متمدرسين لكنهم بحاجة إلى التربية الخاصة بالمركز، إلى جانب باقي الخدمات، حيث يستفيدون من حصص محدودة أسبوعيا، فيما يضم برنامج الفئة (ت) الأطفال المتمدرسين في وضعية علاج متقدم، ويستفيدون كذلك من حصص محدودة لخدمات المركز، بالموازاة مع برامج منزلية تشرف عليها أسرهم.
وبحسب مديرة المركز، فإن المركز ظل يعمل بهذا النظام لسنوات لصالح أزيد من 100 طفل كل سنة، حيث كان يستفيد من خدماته الرسمية 67 طفلا، إلى جانب 41 آخرين يستفيدون من حصص محدودة مؤدى عنها بمساهمات رمزية (19 درهما فقط مقابل مبلغ يصل إلى 300 درهم بمدن أخرى)، قبل أن يصدر قرار بتغيير هذا الوضع عبر تقليص عدد المستفيدين، وحذف برنامج الفئة (ب) ودمجه مع (ت)، وإلغاء نظام التفويج.
وعقب هذا القرار، أصبح عدد الأطفال المستفيدين بشكل قار من خدمات المركز بشكل مجاني هو 10 فقط ضمن برنامج الفئة (أ)، فيما سيضطر أسر 46 طفلا في الفئة الجديدة (ت) إلى أداء مساهمات الاستفادة من حصص التربية الخاصة، مع استمرار استفادتهم من باقي الخدمات مجانا، لافتة إلى أن المساهمات المذكورة ستعرف ارتفاعا من أجل توفير تعويضات 11 إطارا لم يعد يشملها دعم صندوق التماسك الاجتماعي عقب هذا القرار.
وأشارت المتحدثة إلى أن إدارة المركز عقدت لقاءً تواصليا مع أمهات الأطفال لإخبارهم بهذه المستجدات، إلا أنهم رفضوا القرار وطالبوا الجهات المعنية بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، مشيرة إلى أن الجمعية تواصل التنسيق مع السلطات المعنية من أجل إيجاد حلول مناسبة لضمان استمرار استفادة باقي الأطفال من العلاج والتكوين.
غضب الأمهات
وتقول أمهات أطفال توحديين بالمركز، في حديث لجريدة 'العمق'، إن القرار خلف معاناة كبيرة لدى الأسر التي تعجز عن توفير الدعم التربوي والتأهيلي اللازم لأطفالها، خصوصاً أن بعضهم تجاوز سن التمدرس، أو يعاني من إعاقات توحدية عميقة.
وتتساءل الأمهات عن ما مصير أطفالهن المقصيين بسبب مساحة المقر، مطالبات بإعادة النظر في هذه القرارات، والتعجيل بإيجاد حلول تحفظ كرامة الأطفال وتعيد الأمل لأسرهم، محذرات من ضياع مكتسبات علاجية وسلوكية وتربوية هامة تمكن أطفالهن من اكتسابها خلال تجربتهم بالمركز لسنوات.
في هذا الصدد، قالت أم طفل توحدي أقصي من المركز، إن القرار نزل على عائلات الأطفال كالصاعقة، خاصة أنه جاء مع قرب نهاية الموسم الدراسي وبدون سابق إنذار، متسائلة: 'طيلة سنوات والجمعية ترسل تقارير عن عملها لإدارة التعاون الوطني دون إبداء أي ملاحظة، لماذا الآن بالضبط يتم فرض هذا القرار؟'.
وكشفت المتحدثة أن المركز ظل يقدم خدماته لنفس الأعداد من الأطفال طيلة سنوات بدون أي ملاحظات من طرف التعاون الوطني، وأن نتائج عمل المركز كانت ملموسة على الأطفال، في ظل فريق تربوي متمكن وبالتعاون مع إحدى أفضل الأخصائيات بالمغرب (إبتسام بنزهرة)، وفق تعبيرها.
وأضافت: 'باشا المدينة استقبلنا بصدر رحب وأبدى تفهمه الكبير لظروفنا، معبرًا عن استعداده لبذل كل الجهود الممكنة من أجل دعم هذه الفئة ومساعدتها على استرجاع حقها. ونتمنى أن يُترجم ذلك إلى إجراءات ملموسة تُعيد البسمة والأمل لأطفالنا في هذه المدينة'، مشيرة إلى أن العائلات شرعت في توقيع عريضة لإنصاف أبنائها.
وتتمسك أمهات الأطفال ببقاء نفس الأخصائية والأطر التربوية بالمركز، بالنظر إلى النتائج الكبيرة التي حققوها مع أطفالهن، محذرات من انهيار كل المكتسبات التي حققوها بالمركز، خصوصا بعد ظهور سلوكيات عدوانية لبعض الأطفال خلال الأيام الجارية بعد توقيف استفادتهم من المركز.
تقول إحدى الأمهات في هذا السياق: 'عوض توسيع المركز أو تشييد آخر، لجؤوا إلى أسهل حل وهو إقصاء الأطفال، نحن ندرك أن الطفل العادي يرتبك في حال تغيير مدرسته، فما بالك بطفل توحدي له مشاكل نمطية ويتعرض لأزمة سلوكية بمجرد تغيير بسيط في أسلوب حياته'، مناشدة كل الجهات المعنية، من سلطات محلية ومجالس منتخبة وجمعيات المجتمع المدني، بالتحرك العاجل لضمان حق الأطفال في العلاج والتكوين.