البقالي: ليست هناك حرية مطلقة في الصحافة.. والمنافسة مع السوشيل ميديا غير شريفة

أكد مراسل قناة الجزيرة في أوروبا، محمد البقالي، عدم وجود حرية مطلقة في الصحافة، مشددا على أن المنافسة بين الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي 'غير شريفة'.

وقال البقالي، خلال حلول ضيفا على برنامج 'نبض العمق': 'ليس هناك حرية مطلقة فحرية التعبير تعني أن تقول ما تشاء ولكن ليست حرية لسب الناس أو انتهاك أعراضهم أو التشهير بهم وهذه أمور لا يمكن أن نقبلها، لا نتحدث عن تقييد الناس أو فرض ما يجب عليهم فعله أو عدم فعله، بل نتحدث عن القواعد الأخلاقية المرتبطة بأخلاقيات المهنة فأخلاقيات المهنة تقتضي الالتزام بقواعد واضحة مبنية على الحس السليم، وإلا فإننا سنتجه نحو الفوضى حيث سيصبح التشهير سلاحًا بيد الجميع'.

وأضاف: 'التشهير سلاح مدمر فليس من الضروري أن تقتل أحدًا بالرصاص أو بالسلاح الأبيض، بل يكفي أن تقتله رمزيًا، على سبيل المثال، نشر خبر كاذب عن شخص يمكن أن يدمره أمام أسرته، ومجتمعه، وعائلته. أليس هذا جريمة؟، أضف إلى ذلك، الجيل الجديد من الأطفال، كيف سننشئهم على قيم الجدية والتعلم والنجاح القائم على الجهد، وهم يرون أن هناك من يجمع الأموال بطرق فضائحية؟ يكفي أن يقوم أحدهم بنشر فضائح شخصية أو أن يدخل الكاميرا إلى منزله لافتعال الشجارات أو سب الآخرين، ليحصل على الشهرة والمال، كيف ستقنعهم إذن بأن النجاح الحقيقي يأتي من الاجتهاد والعمل الجاد؟.

وفي هذا الصدد، أقر مراسل قناة الجزيرة في أوروبا بوجود مشكلة تمتد إلى المستقبل بالقول: 'كيف سنقنع الأجيال الصاعدة بأن العمل والاجتهاد هما السبيل لبناء البلاد والتقدم'، معتبرا أن 'المشكلة تكمن في أن النجاح أصبح يقاس بطرق سطحية، مثل التفوق في كرة القدم مضيفا: 'كرة القدم شيء جيد، ولكن كم من شخص يمكن أن ينجح في هذا المجال؟ يجب أن يدرك الناس أن النجاح يتطلب تنوعًا في المسارات لدينا في بلدنا مستويات ممتازة من الكفاءات حتى بين الطلبة الذين أدرسهم، أجد مستويات عالية جدًا، مشكلتنا ليست في الكفاءة المهنية للأفراد، ولكن في جوانب أخرى'.

ويرى البقالي أن مشكلة الإعلام تكمن في ثلاثة عناصر هي المال والرؤية، وهامش الحرية، معتبرا أنه 'في الإعلام العمومي، قد لا تكون هناك مشكلة كبيرة في المال، ولكن التحدي الأكبر هو في الرؤية، والخط التحريري وهامش الحرية، مشيرا إلى أنه 'إذا توفرت هذه العناصر الثلاثة يمكن تحقيق نتائج أفضل في الإعلام'.

وأبرز المتحدث ذاته أن 'الإعلام يواجه أيضاً منافسة كبيرة، ليست فقط من الإعلاميين المحترفين، بل كذلك من وسائل التواصل الاجتماعي، وقال بهذا الخصوص: 'سواء أحببنا ذلك أم كرهناه، فإن هذا هو الواقع القائم الآن، هذه المنافسة تكاد تكون غير شريفة لأن أي شخص يمكنه استخدام هاتفه المحمول لتصوير ونشر الأخبار بسهولة، ويسعى لتحقيق الشهرة أو ما يُعرف بـ'البوز'، دون الالتزام بأي قواعد أو قيم مؤطرة أو حدود أخلاقية، ودون وجود جهة تحاسبه'.

أما وسائل الإعلام التقليدية، يضيف البقالي، 'فتعمل في الغالب وفق قواعد محددة، ما يستلزم وقتاً وجهداً، مما يجعلها في كثير من الأحيان متأخرة بخطوة عن وسائل التواصل الاجتماعي'، معتبرا أن 'المشكلة الكبرى أن وسائل التواصل الاجتماعي تسحب المحتوى نحو الأسفل، بمعنى أنها تقلل من المستوى المهني، حيث تزداد الإثارة لجذب المزيد من المشاهدات'.

وشدد الإعلامي المغربي على أن 'الأسوأ من ذلك هو أن الإعلام التقليدي بدأ هو الآخر ينساق تحت ضغط الجمهور، ملفتا أننا اليوم أمام 'ديكتاتورية نسب المشاهدة والقراءة' و'ديكتاتورية النقرات' و'ديكتاتورية الخوارزميات'، حيث تغيرت حتى صياغة الأخبار، وفق تعبيره، مضيفا أن 'الطريقة التقليدية التي كانت تعتمد على الهرم المقلوب، حيث تُعرض الأهم فالأقل أهمية، أصبحت غير مستخدمة'.

وأكمل: 'وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مصدر دخل كبير للبعض، مما يجعلها تجذب الكثير من الأشخاص الذين يرون فيها فرصة للربح السريع، كما أن معظم الأشخاص الذين ينشرون الشائعات، يمارسون التشهير، أو ينشرون الأخبار الزائفة، أو حتى يستغلون القضايا الأخلاقية وانتهاك الخصوصيات، يفعلون ذلك بدافع الكسب المالي، وهو أمر يعكس تحولاً مجتمعياً كبيراً وهذا التحول لا يتماشى مع القيم الأخلاقية الإنسانية والكونية.