اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
في ظل تصاعد المطالب الاجتماعية بضرورة ضبط الأسعار ومحاربة المضاربة في الأسواق، وضع فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب مقترح قانون جديد على طاولة النقاش التشريعي، يرمي إلى تنظيم مهنة الوسيط التجاري، خاصة في مجال تسويق المنتجات الفلاحية والبحرية، التي تشكل عصب الأسواق الشعبية في المغرب.
ويأتي هذا المقترح، الذي وقعه النواب إدريس السنتيسي، محمد والزين، محمد هيشامي، عبد القادر لبريكي وفاطمة كشوتي، استنادا إلى التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش لسنة 2011، والذي دعا إلى تخليق الحياة الاقتصادية ومحاربة اقتصاد الريع والامتيازات غير المشروعة.
يشير المقترح إلى أن العديد من التقارير الرسمية، سواء تلك الصادرة عن البرلمان أو عن مؤسسات الحكامة، نبهت إلى التأثير المتعاظم للوسطاء في سلاسل التوزيع، حيث يتحكم هؤلاء في الأسعار النهائية من خلال تعدد الحلقات، وغياب أي إطار تنظيمي واضح، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل يثقل كاهل المستهلك المغربي.
ويؤكد الفريق الحركي أن هذا الوضع أضر بالمواطنين والمنتجين على حد سواء، مبرزا أن 'كل وسيط يضيف هامش ربحه الخاص'، وهو ما يضاعف من الكلفة النهائية، دون أن ينعكس ذلك على جودة أو وفرة العرض.
ويقترح النص القانوني أن تخضع مهنة الوساطة لاعتماد رسمي يسلمه القطاع المكلف بالفلاحة أو الصيد البحري، وفق شروط دقيقة يحددها دفتر تحملات، يحدد الخدمات التي يمكن للوسيط تقديمها، وشروط التخزين والنقل، وآليات منع الاحتكار والمضاربة.
كما يشترط في الوسيط أن يكون حاملاً للجنسية المغربية، ونظيف السجل العدلي، ومسجلا في السجل التجاري أو مقيداً كمقاول ذاتي، وأن يكون مقره بالمغرب.
بموجب هذا المقترح، يُعتبر الوسيط تاجرا بالمعنى القانوني، مما يفرض عليه مجموعة من الالتزامات، أبرزها التسجيل في السجل التجاري، ومسك محاسبة قانونية، والخضوع للرقابة الضريبية، واحترام القواعد المحاسباتية المنصوص عليها في القانون رقم 9.88.، رقابة مشددة وعقوبات رادعة
وتضمن الباب الخامس من المقترح إجراءات زجرية واضحة، تعكس إرادة واضعي القانون في محاربة اقتصاد المضاربة وتعزيز الشفافية في السوق. ومن أبرز هذه العقوبات سحب الاعتماد من كل وسيط يثبت تورطه في ممارسات احتكارية أو تدليسية، خاصة تلك التي تهدف إلى رفع الأسعار من خلال تعدد الوسطاء.
ويفرض مقترح القانون غرامات مالية تتراوح بين 10.000 و50.000 درهم على كل من يزاول المهنة دون ترخيص قانوني، مع إمكانية الحجز على البضاعة في حالة العود، أي تكرار المخالفة، وإمكانية اتخاذ إجراءات إدارية أو قضائية إضافية وفق القوانين المعمول بها.
ينص المقترح على أن يدخل القانون حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية، على أن تُصدر الحكومة النصوص التنظيمية المرتبطة به في أجل أقصاه سنة واحدة. كما أسند مهام المراقبة للمصالح المختصة التابعة للسلطات الحكومية المكلفة بالفلاحة والداخلية، مع إمكانية إشراك الغرف المهنية في مهام التتبع والرقابة.
ويرى مقدمو المقترح أن تقنين مهنة الوساطة من شأنه أن يعيد التوازن إلى السوق، من خلال تقليص تدخلات الوسطاء غير المنظمين الذين يرفعون الأسعار بشكل مصطنع، ويضعون المنتج والمستهلك معا في خانة المتضررين.
وفي حال المصادقة عليه، سيكون لهذا المقترح وقع ملموس على مسارات التوزيع في المغرب، لا سيما في القطاعات الحساسة مثل الخضر والفواكه والأسماك، التي تمس بشكل مباشر القدرة الشرائية للمواطن المغربي.