اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
يشهد سوق السيارات في المغرب تحولات ملحوظة في توجهات المستهلكين، حيث بدأت العلامات الصينية تكتسب حضورا قويا على حساب الماركات الأوروبية، خصوصا الفرنسية والألمانية، التي طالما احتلت الصدارة في اختيارات المغاربة.
فعبارة 'صنع في الصين' لم تعد تثير التردد أو الشك لدى المستهلك المغربي، بل تحولت إلى عامل جذب بفضل ما توفره من توازن بين السعر والجودة والتكنولوجيا. ومع ارتفاع أسعار السيارات الأوروبية وتراجع مستوى الخدمات، وجدت السيارات الصينية طريقها بسلاسة إلى السوق، مستجيبة لتطلعات المستهلك المغربي الباحث عن الأداء المقبول والكلفة المناسبة.
في هذا السياق، أشار سمير شوقي، رئيس مركز التفكير المغربي 'أوميغا'، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك، إلى التحول الكبير في سلوك المستهلك المغربي، مؤكدا أن السيارات الصينية باتت أكثر إغراء من حيث الأسعار، وأن جودتها في تحسن مستمر. ولفت إلى أن العلامات الفرنسية والألمانية مطالبة بمراجعة أسعارها لتظل قادرة على المنافسة، وإلا فإنها مهددة بفقدان مواقعها داخل السوق المغربي.
وتوقع شوقي أن تهيمن السيارات الصينية على السوق المغربي بشكل شبه كلي في أفق سنة 2030، مرجحا أن يتم ذلك بعد بسط نفوذها على السوقين الأوروبي والأمريكي، رغم العوائق الجمركية المرتفعة.
من جانبه، أكد بدر الزاهر الأزرق، الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد، أن هناك تحولا عميقا في نظرة المغاربة تجاه السيارات الصينية، مذكرا بأن تلك الماركات كانت في بداياتها مثار شك بسبب ارتباطها في الذهنية العامة بضعف الجودة. وأضاف أن النقص في توفر قطع الغيار وغياب شبكة توزيع صينية منظمة في المغرب شكل نقطة ضعف رئيسية، لكنها تمت معالجتها خلال العامين الأخيرين، ما ساهم في تعزيز حضور تلك العلامات وتحسين صورتها لدى المستهلك.
وأوضح الأزرق أن جزءا من ثقة المغاربة في السيارات الصينية استند إلى نجاحها في الأسواق الأوروبية، حيث لاحظوا أن المستهلك الأوروبي بات بدوره يقتنيها بكثافة، ما عزز القناعة بأنها تلبي بالفعل معايير الجودة والأمان.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن عامل السعر لا يزال يلعب دورا محوريا في قرار الشراء لدى شريحة واسعة من المغاربة، بسبب محدودية الدخل، وهو ما يجعل السيارات الصينية خيارا مفضلا، كونها تقدم منتجات بتكلفة معقولة مقارنة بنظيراتها الأوروبية، بل إن بعض الطرازات الأوروبية أصبحت تباع بأثمنة مضاعفة لنظيرتها الصينية.
واعتبر الأزرق أن هذا التحول يشكل 'اختراقا كبيرا' في عقلية المستهلك المغربي، وقد تكون له تداعيات أوسع مستقبلا، ما لم تتدارك الشركات الأوروبية والموزعون المحليون هذا الوضع من خلال مراجعة استراتيجياتهم التسويقية والسعرية.
وأشار إلى أن هذا التأثير لا يطال فقط السيارات المستوردة من أوروبا، بل يشمل أيضا السيارات المصنوعة محليا في المغرب، والتي قد تفقد جزءا من جاذبيتها أمام المد الصيني، بالرغم من التطور الملحوظ الذي يعرفه قطاع تصنيع أجزاء السيارات، خاصة المرتبطة بالمحركات الكهربائية والبطاريات.
وتساءل الأزرق ما إذا كان من الممكن أن تعتمد الشركات الصينية مستقبلا على المغرب كمنصة لتصنيع سياراتها الموجهة إلى الأسواق الأوروبية، معتبرا أن هذا السيناريو وارد، وإن كان لم يتم تأكيده حتى الآن على أرض الواقع.
وختم الباحث تصريحه بالتأكيد على أن المنافسة المحتدمة بين الماركات الأوروبية والصينية تصب في مصلحة المستهلك المغربي، الذي سيستفيد من خيارات أكثر تنوعا وتنافسية من حيث الجودة والأسعار.