اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
أكدت فرق الأغلبية بمجلس النواب أن قطاع التعليم هو القضية الوطنية الأولى بعد الوحدة الترابية، موجهة انتقادات حول الفجوة وغياب العدالة المجالية بين المدن والفرى.
واعتبرت فرق الأغلبية، خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية المخصصة لرئيس الحكومة بمجلس النواب، الإثنين حول 'استراتيجية الحكومة لإصلاح المنظومة التعليمية، أن إصلاح منظومة التعليم ببلادنا تشكل أولوية وطنية والتحدي الأكبر والرهان الأساسي لبلوغ التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبرزة أن أكبر عائق أمام إصلاح التعليم هو غياب العدالة المجلية والفجوة الكبيرة بين المدن والقرى.
إصلاح التعليم.. رهان أساسي للتنمية الاقتصادية
أكد النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، محمد حدادي، أن 'إصلاح منظومة التعليم ببلادنا تشكل أولوية وطنية والتحدي الأكبر والرهان الأساسي لبلوغ التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، على اعتبار أن إصلاح هذا القطاع أساس الاستثمار في الرأسمال البشري الذي يشكل الثورة الوطنية الاستراتيجية لمواجهة تحديات العولمة والتنافسية والسباق نحو امتلاك العلوم والتقنيات'.
واعتبر حدادي أن الحكومة تحلت بالشجاعة الكافية لتخوض معركة هذا الإصلاح وتضع خارطة طريق مستقبلية بلوغ مدرسة الجودة والإنصاف، مشيرا إلى أنها حققت مكتسبات وإنجازات للشغيلة التعليمية لا يمكن، وفق تعبيره، إنكارها، مشددا على أن قطاع التعليم في عهد هذه الحكومة ظل يحتل صدارة اهتماماتها، معتبرا أن حكومة عزيز أخنوش نجحت في تنزيل البرنامج الحكومي في شقه المتعلق بقطاع التعليم لضمن ولوج منصف لمنظومة التربية والتكوين.
وأشار المتحدث ذاته إلى المؤشرات 'الإيجابية' التي يعرفها قطاع التربية والتكوين من خلال وضوح العرض الحكومي ومصداقيته باعتبار أن التعليم من ركائز الدولة الاجتماعية، ملفتا أن الحكومة تسعى لرد الاعتبار لميدان التدريس ونجاح الحوار الاجتماعي القطاعي مع النقابات التعليمية توجت بالتوقيع على اتفاق 14 يناير 2024 وتحقيق 90 في المائة من تنزيل بنود الاتفاق مع تعبئة البنود المالية اللازمة للإصلاح من خلال تخصيص 90 مليار درهم كميزانية سنوية وتعبئة 9.5 مليار درهم إضافية كل سنة في أفق 2027.
ولفت النائب البرلماني عن التجمع الوطني للأحرار أنه 'لا معنى لإصلاح منظومة التربية والتكوين دون تحقيق الجودة والإنصاف والعدالة المجالية وهو ما قامت به الحكومة، وفق تعبيره، في العالم القروي وتجاوبت مع انتظارات الأسر وتأهيل المدارس القروية وتراجع نسبة الهدر المدرسي'.
من جهته، لفت النائب البرلمان عن التجمع الوطني للأحرار، أن الحكومة أطلقت مساراً إصلاحياً شجاعاً لمنظومة التعليم العالي، في وقت لا يزال فيه البعض، وفق تعبيره، 'أسير الشعارات الفضفاضة والخطابات الفارغة ولعل الفرق اليوم واضح بين من يشتغل وينجز ومن يكتفي بالتهجم والنقد العقيم'، على حد قوله.
وأشار إلى أن الحكومة وضعت يدها على مكامن الخلل من قبيل، 'انقطاع حوالي 49% من الطلبة دون الحصول على شهادة جامعية ونسبة بطالة مرتفعة في صفوف الشباب بلغت 18.7%، وضعف ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل'.
وذكر أن الحكومة قامت بعدة إجراءات أهمها المصادقة على النظام الأساسي الجديد لهيئة الأساتذة الباحثين مع زيادة في الأجر الصافي بحوالي 3000 درهم ومراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية للإجازة والماستر والدكتوراه وتعزيز المهارات اللغوية والرقمية والذاتية للطلبة وإحداث شعب أفقية بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح واعتماد التعليم عن بعد كمكمل ضروري للتعليم الحضوري وإطلاق مراكز التميز لفائدة الحاصلين على الباك +2 وتبني نموذج مرن لإعادة التوجيه مع ترصيد المكتسبات.
النقل المدرسي يعيق تطوير التعليم بالعالم القروي
ركز النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، العربي المحرشي في مداخلته، على أن 'النقل المدرسي مازال يشكل عائقا أمام إصلاح المنظومة التعليمية في العالم القروي'، موجها طلبا لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بالتدخل شخصيا لحل هذا الملف على اعتباره أن الطرفين الرئيسين فيه هما الجماعات ومبادرة التنمية البشرية.
وأشار المحرشي إلى أن 'معظم الاحتقانات والاحتجاجات التي يعرفها قطاع التعليم في العالم القروي سببها النقل المدرسي، ما يؤدي، وفق تعبيره، إلى ارتفاع نسب الهدر المدرسي خاصة في صفوف الفتيات، مقترحا إبرام اتفاقيات مع القطاع الخاص بشراكة مع الجماعات لحل الموضوع، داعيا من جهة أخرى إلى الاهتمام بالمرافق الرياضية في ظل غياب مسؤولين عن القطاع الرياضي في المديريات الإقليمية للتربية والتكوين مع الاهتمام بالتكافؤ والعدالة المجالية.
من جهتها، أكدت النائبة عن فريق الأصالة والمعاصرة، حنان الماسي، أن بناء اقتصاد حقيقي وتنمية وشاملة وتحقيق الأوراش الكبرى يمر عبر توفير رأسمال بشري مبتكر ومؤهل ومتخصص، ملفتة أن الحكومة لم تدخر جهدا في إيلاء التعليم العالي الأهمية المستحقة بدليل النتائج المحققة، وفق تعبيرها.
وأبرزت الماسي أن الحكومة سارعت إلى المصادقة على النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين في التعليم العالي، معتبرة أنه يمثل تحولا مفصليا في هذه المنظومة مما يعكس، وفق تعبيرها، جدية الحكومة في تنفيذ التزاماتها خصوصا مخرجات الاتفاق بين الحكومة والنقابة الوطنية للتعليم العالي وتفعيلا للالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي المتصلة بتحفيز الرأسمال البشري وإضفاء الجاذبية على مهنة الأستاذ الباحث وتحفيزه على الانخراط في المهام الجديدة الموكولة له بزيادة 3000 درهم لجميع الفئات.
وشددت المتحدثة ذاتها أن الحكومة، في معالجتها لإشكالية الهدر الجامعي، اتخذت مجموعة من الإجراءات أهمها الرفع من عدد المنح الجامعية بين 409 ألفا برسم موسم 2021/2022 إلى 420 ألف برسم موسم 2023/2024 في أفق تحقيق 450 ألف منحة في أفق 2026/2027، داعية لتعميم المنحة الجامعية وصرفها في وقتها والرفع من قيمتها والرفع من وتيرة بناء الأحياء الجامعية.
غياب العدالة المجالية في التعليم
أكد النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، محمد الطيبي، أن الحكومة حرصت على جعل التعليم القضية الوطنية الأولى بعد الوحدة الترابية وإعطائها الأولوية في تدبير السياسات العمومية والقطاعية سواء من خلال الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع التربية والتعليم بزيادة تصاعدية ملحوظة بشكل غير مسبوق وصلت إلى 85.6 مليار درهم فضلا عن ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي بـ16.4 مليار درعم أو من خلال ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين عبر اعتماد خارطة الطريق 2022-2026.
وأبرز الطيبي أن التعليم أداة حقيقية للانخراط في عام المعرفة والتواصل والاندماج في سوق الشغل والارتقاء الفردي والجماعي من أجل 'مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء وإرساء مدرسة جديدة مفتوحة أمام الجميع وتأهيل الرأسمال البشري على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والارتقاء بالفرد والمجتمع، مع وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي بهدف إرساء نهضة تربوية قادرة على تحسين جودة التعليم بشكل جوهري'.
وذكر المتحدث ذاته أن البرنامج الحكومي جعل من رد الاعتبار للمدرسة العمومية ومهنة التدريس وتعزيز الأثر على التعليم والطالب إحدى أولوياته، مقرا أنه رغم جميع الجهود المبذولة المرتبطة بالسياسات التعليمية والميزانيات الضخمة فإن الارتقاء المنظمومة غير مرتبط بهذه الميزانيات المرصودة.
ومن جملة النقائص، حسب النائب البرلماني، الهدر المدرسي واكتظاظ الأقسام وارتفاع أسعار الكتب واللوازم المدرسية وضعف البنيات التحتية المدرسية خاصة بالعالم القروي والوسائل والتجهيزات البيداغوجية والوسائل العلمية المتطورة والفجوة الرقمية بين المدن والقري.
من جهته، شدد النائب البرلمان عن الفريق الاستقلالي، عبد الحليم المنصوري، على أن 'إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي كل لا يتجزأ، وبالتالي لا ينبغي النظر إليه، وفق تعبيره، كسياسة قطاعية بمدلولها الضيق، بل العمل على جعله في قلب السياسات العمومية حتى تتحمل جميع الأطراف المعنية بالمسار الدراسي العمومي كامل مسؤولياتها في ربح هذا الرهان الوطني.
ودعا المنصوري إلى تعبئة شاملة وسياسة مستدامة ومقاربة تشاركية قادرة على ضمان الالتقائية والتنسيق والتعاون والتكامل والحكامة الجيدة، لا تقبل الحلول المرحلية ، من أجل الإسراع بتنفيذ الأوراش والبرامج الكفيلة بتجاوز إشكالية هدر الزمن التعليمي، وإعادة الثقة في المدرسة العمومية، وضمان حق التلميذ والطالب في التعليم النافع بشكل مستمر ومنتظم، وفي ظروف ملائمة، وعلى أساس مبدأ تكافؤ الفرص، ومراعاة مصلحة تلميذ اليوم الذي سيكون مواطن الغد.
وشدد النائب البرلماني على ضرورة الانتقال من تعليم مبني على التلقين والحفظ وشحن ذاكرة التلميذ إلى تعليم يعتمد على بيداغوجية تُفجر طاقاته وتصقل مهاراته وتقوي قدراته التعليمية؛ تجديد المناهج والبرامج لمواكبة تطورات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وأكد المتحدث ذاته أهمية تسريع وتيرة المخطط الوطني المتكامل للتربية الدامجة للأشخاص في وضعية إعاقة؛ تعميم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية المرتبطة بالنقل المدرسي، الايواء، الاطعام، المنح الدراسية.