الحوار الاجتماعي.. تأجيل إصلاح التقاعد يفاقم تهديد إفلاس الصناديق

في وقت كانت تنتظر فيه النقابات والشغيلة إشارات واضحة للشروع الفعلي في إصلاح أنظمة التقاعد، جاء بلاغ الحكومة عقب جولة الحوار الاجتماعي الأخيرة ليؤكد أن ورش التقاعد ما يزال في طور التشاور، دون أي إعلان عن انطلاق الإجراءات العملية. وأكدت الحكومة بعد عودة عجلة الحوار الاجتماعي للدوران استمرار اعتماد 'المقاربة التشاركية' في تدبير هذا الملف الحساس، وهو ما اعتبره بعض الفاعلين الاجتماعيين مؤشرا على تأجيل الإصلاح أكثر من كونه مقدمة لتفعيله.

ورغم التأكيد على تفعيل اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، وطرح منهجية العمل المرتبطة بها، فإن البلاغ لم يتضمن جدولا زمنيا محددا أو معالم واضحة للإصلاح المرتقب، مكتفيا بالإشارة إلى اتفاق أبريل 2022 كمحدد للمبادئ التي سيتم احترامها في هذا المسار. وهو ما يفتح باب التأويلات حول مدى جاهزية الحكومة لتمرير إصلاح شامل، خاصة في ظل السياق الاجتماعي المتوتر وتزايد المطالب بتحسين أوضاع الأجراء والمتقاعدين.

إقرأ أيضا: السكوري: ملتزمون بتنفيذ اتفاقات الحوار الاجتماعي.. ولا يوجد عرض حكومي حول التقاعد

وينظر إلى هذا الملف كأحد أعقد ملفات الحوار الاجتماعي، نظرا لتداخل أبعاده المالية والاجتماعية والسياسية. ويرى مراقبون أن تأخير الحسم في هذا الورش الاستراتيجي يعيد النقاش إلى نقطة الصفر، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بإيجاد حلول عادلة ومتوازنة تحفظ ديمومة الصناديق وتحمي حقوق المنخرطين في الآن ذاته.

وفي هذا السياق، أكد يونس فيراشين، عضو المكتب الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن ملف إصلاح التقاعد يشهد جمودا منذ أشهر، رغم الاتفاق المسبق على تشكيل لجنة تقنية لمناقشة مختلف الجوانب المرتبطة به.

وأوضح فيراشين، في تصريح لجريدة 'العمق'، أن هذه اللجنة انبثقت عن جولات الحوار الاجتماعي لسنة 2024، وكان من مهامها دراسة تشخيص الحكومة لوضعية الصناديق، والاطلاع على السيناريوهات المقترحة للإصلاح، إلا أن اجتماعاتها توقفت تماما منذ توقيع آخر اتفاق في أبريل من العام ذاته.

وأضاف أن استئناف عمل اللجنة أصبح ضرورة ملحة، مشددا على أن أي إصلاح لنظام التقاعد لا يمكن أن يتم دون توافق، ولا يجب أن يكون على حساب مكتسبات الأجراء، سواء فيما يتعلق بمداخيلهم أو بأعمار الإحالة على التقاعد.

وفي تطور جديد، كشف المتحدث المتحدث ذاته، أن الحكومة أبدت استعدادها لاستئناف أشغال اللجنة، على أن يتم تقديم خلاصاتها خلال جلسة الحوار الاجتماعي المرتقبة، وهو ما يبعث أملا في إعادة الملف إلى طاولة النقاش بعد فترة من التوقف.

إقرأ أيضا: سيناريوهات إصلاح التقاعد.. نقابات ترفض المس بحقوق الموظفين والأجراء

من جانها عبرت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، رفضه لأي تعديل 'مقياسي' من شأنه المساس بحقوق الموظفين والأجراء، مشددًا على موقفه الثابت الرافض لما أسماه “الثالوث الملعون”: الرفع الإجباري لسن التقاعد، والزيادة في المساهمات، وخفض المعاشات.

وحمل الاتحاد اختلالات أنظمة التقاعد إلى سوء الحكامة داخل بعض الصناديق، وغياب الديمقراطية العمالية في المجالس الإدارية لهذه المؤسسات، مقترحا إعادة إحياء اللجنة الوطنية لأنظمة التقاعد، بمشاركة ممثلين عن الحكومة، وأرباب العمل، والنقابات، ومدراء الصناديق، وذلك في أفق إصلاح شامل يحفظ مكتسبات المنخرطين ويضمن ديمومة الأنظمة

وفي سياق متصل، أشار فيراشين إلى أن لقاء الكونفدرالية مع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لم يسفر عن التزامات واضحة من طرف الجهاز التنفيذي، حيث اكتفى اللقاء بطرح المطالب النقابية والتفاعل مع بعض القضايا المستعجلة، من بينها الحريات النقابية، ووصولات الإيداع، وعدد من النزاعات الشغلية والملفات الفئوية.

وبخصوص الجانب المالي، أبدى فيراشين استغرابه من عدم تقديم الحكومة لأي رد حول ملف الزيادة في الأجور وتحسين الدخل والمعاشات، رغم كونه من المطالب المركزية للنقابات. في المقابل، التزم رئيس الحكومة، وفق المتحدث، بعقد لقاءات مع الوزراء المعنيين لدراسة الملفات القطاعية، وذلك قبل حلول فاتح ماي المقبل.