إلغاء شعيرة الأضاحي يشل أسواق الفحم.. وتجار: مصلحة الوطن أولى من الربح

تشهد أسواق الجملة للفحم خلال الأيام الجارية، حالة من الركود التجاري غير المسبوق، بعد القرار الملكي بإلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي ترتبط خصوصا بوضعية القطيع الوطني وارتفاع الصاروخي لأثمنة اللحوم الحمراء.

في هذا الصدد، عبر العديد من تجار الفحم بالدار البيضاء، والذين اعتادوا على تحقيق أرباح كبيرة خلال فترة عيد الأضحى، في تصريحات متفرقة لجريدة 'العمق المغربي'، عن تفهمهم وتأييدهم لهذا القرار، مؤكدين أن صحة المواطن واستقرار الوطن أولى من أي مصلحة تجارية ضيقة، رغم ما خلفه هذا الإجراء من آثار اقتصادية مباشرة على نشاطهم.

ورغم ذلك، شدد العديد من التجار على ضرورة التضامن المجتمعي في مثل هذه الظروف، داعين إلى التفكير في حلول بديلة ومستدامة، مثل تطوير شراكات مع مطاعم وفنادق لخلق قنوات توزيع جديدة على مدار السنة، بدل الاعتماد الكلي على الأنشطة الموسمية.

عبد الواحد الفلاح، أمين سوق الجملة للفحم بالدار البيضاء، أشار إلى أن السوق يعيش هذا العام وضعية استثنائية بكل المقاييس، حيث لم يشهد مثل هذا الانخفاض منذ سنوات في بيع مادة الفحم.

وقال الفلاح في تصريح لجريدة 'العمق المغربي': 'كنا ننتظر موسم عيد الأضحى بفارغ الصبر، لأنه يشكل لنا أهم فترة في السنة من حيث البيع والطلب، إذ يزداد الإقبال على مادة الفحم بشكل كبير بسبب استخدامها في عملية شي الأضاحي، لكن القرار الملكي أوقف هذه الدورة الاستهلاكية بشكل كلي، وهذا كان متوقعا نظرا للظروف الحالية.'

وأكد الفلاح أن القرار الملكي لقي ترحيبا واسعا بين المهنيين، لأنهم يدركون حجم التحديات التي تواجه البلاد، لاسيما في ما يتعلق بضعف القطيع الوطني وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب الاعتبارات المناخية والبيئية.

وأوضح عبد الواحد الفلاح أن نشاط تجارة الفحم خلال هذه الفترة يقتصر حاليا على تلبية حاجيات المطاعم والمقاهي ومموني الحفلات، مضيفا أن هذه الفئات هي الزبائن الدائمون طيلة السنة، إلا أنهم لا يعوضون بأي شكل من الأشكال الحجم الكبير من الطلب الذي كانت تعرفه الأسواق خلال عيد الأضحى.

وأضاف قائلا: 'في السنوات الماضية، كنا نستعد لموسم العيد قبل شهرين على الأقل، ونضاعف كميات التوريد ونخصص موارد إضافية للتخزين والتوزيع، لكن هذه السنة، توقف كل شيء فجأة.

وأفاد أمين سوق الجملة للفحم بالدار البيضاء أنه لم تعد هناك حاجة إلى الفحم بنفس الشكل، وهذا أثر على المداخيل، بل حتى على العاملين الموسميين الذين كنا نوظفهم في هذه الفترة.'

وشدد الفلاح على أن سوق الفحم يعد من أحد الروافد الأساسية للاقتصاد غير المهيكل في المغرب، ويضم فئات عريضة من التجار والعمال الموسميين الذين يعتمدون بشكل شبه كلي على المناسبات الدينية كمصدر رئيسي للدخل.

وتابع المتحدث عينه أنه 'مع غياب عيد الأضحى هذه السنة، وجد الكثير من هؤلاء أنفسهم في وضعية صعبة، ما يزيد من التحديات الاجتماعية المطروحة على السلطات'.

وعبر عبد الواحد الفلاح عن ثقته الكبيرة في حكمة القرارات الملكية، مشيرا إلى أن التجار اليوم، رغم الصعوبات، يؤمنون بأن ما تمر به البلاد يستدعي قرارات شجاعة ومسؤولة، مثل قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذه السنة.

وأردف: 'صحيح أن القرار كانت له آثار اقتصادية علينا كتجار، لكن نعلم جيدا أنه قرار صائب من أعلى سلطة في البلاد، ويهدف أولا وأخيرا إلى حماية المواطنين وتخفيف العبء عنهم في ظرفية استثنائية.'