اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
تثير الاستعدادات المغربية لإطلاق ميناء 'الناظور غرب المتوسط' حالة من القلق والاستنفار في الجارة الشمالية إسبانيا، مع اقتراب تدشين هذا المشروع الضخم الذي من شأنه إعادة رسم موازين القوى اللوجستية في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، وتقويض موقع ميناء 'الجزيرة الخضراء' الذي لطالما شكل بوابة أوروبا إلى إفريقيا.
الميناء المغربي الجديد، الذي يقع على بعد نحو 50 كيلومترا من مدينة مليلية، يرتقب أن تكتمل مرحلته الأولى نهاية 2026 أو مطلع 2027، بطاقة استيعابية أولية تُقدّر بـ3,5 ملايين حاوية سنويا، قابلة للتوسعة لتصل إلى 5,5 ملايين حاوية، ما يقارب الأرقام التي يحققها ميناء 'الجزيرة الخضراء' (4,7 ملايين حاوية في 2024).
أمام هذا التحدي المباشر، سارعت سلطات 'الجزيرة الخضراء' إلى تفعيل مرحلة التوسعة B لميناء 'إيسلا بيردي'، لرفع الطاقة الإجمالية إلى 7 ملايين حاوية سنويا، في محاولة لتأمين موقعها الاستراتيجي، بدعم من استثمارات كورية جنوبية تناهز 150 مليون يورو.
ما يقلق الفاعلين المينائيين في الجنوب الإسباني أكثر هو أن الموانئ المغربية، ومنها 'الناظور غرب المتوسط'، تستفيد من تكاليف تشغيل منخفضة، وإعفاءات ضريبية، وعدم تطبيق آلية تسعير الكربون الأوروبية (ETS)، في مقابل القيود التنظيمية والبيئية التي تكبل الموانئ الأوروبية.
في الصدد ذاته، لم يمر الدعم المالي الأوروبي للمشروع المغربي مرور الكرام، إذ منح البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD) تمويلات بأكثر من 300 مليون يورو، إضافة إلى منح مخصصة لمشاريع بيئية مرتبطة بالميناء، ما أثار سخطا في مليلية المحتلة ودوائر إسبانية تعتبر أن بروكسيل تدعم بشكل غير مباشر خصما تجاريا لموانئها.
ويتجاوز المشروع المغربي طابعه التجاري، إذ ينتظر أن يضم منطقة صناعية حرة على مساحة 8.000 هكتار، مع منصة طاقية متكاملة تشمل محطات للمحروقات والفحم، إضافة إلى مشروع محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال (GNL) مربوطة بأنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، في سياق خطة انتقال طاقي خصص لها المغرب 11 مليار يورو حتى 2030.
بالتكامل مع 'طنجة المتوسط'، الذي بلغ في 2024 ما مجموعه 10,2 ملايين حاوية و140 مليون طن من البضائع، يمثل 'الناظور غرب المتوسط' خطوة جديدة في طريق المغرب نحو الهيمنة على حركة الشحن في غرب المتوسط، وهو ما تعتبره أوساط إسبانية تهديدا حقيقيا يستدعي تدخلا سياسيا وهيكليا عاجلا.