اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
قال الباحث في العلوم السياسية محمد شقير إن مبادرة المعارضة البرلمانية لتقديم ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش تعكس انسياقاً نحو 'الشعبوية البرلمانية'، مشدداً على أن هذه الخطوة تفتقر إلى الأرضية السياسية اللازمة لإنجاحها، وتندرج ضمن تسخينات سياسية استعداداً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وأوضح شقير، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي'، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سبق أن دعا إلى ضرورة تقديم هذا الملتمس، دون أن تلاقي دعوته استجابة من باقي مكونات المعارضة، غير أن اقتراب موعد الانتخابات دفع هذه الأخيرة إلى القبول المبدئي بإعادة طرحه.
وأشار المحلل السياسي إلى أن قبول هذا الملتمس يقتضي توقيع خُمس أعضاء مجلس النواب، وهو أمر يصعب على المعارضة تحقيقه بالنظر إلى ضعفها العددي. وحتى في حال التمكن من هذا النصاب، فإن التصويت على الملتمس يتطلب الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، وهو ما اعتبره شقير 'مرا صعبا إن لم يكن مستحيلا من الناحية العملية'.
وينص الفصل 105 من الدستور المغربي على أنه 'لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، على انه لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم'.
“العمق” تكشف تفاصيل الخطوط العريضة لمذكرة المعارضة لطرح ملتمس الرقابة
وأكد المتحدث ذاته، أن تاريخ البرلمان المغربي لم يسجل أي نجاح لملتمس رقابة، سواء سنة 1964 أو سنة 1990، ما يعكس، في نظره، أن هذه المبادرة الحالية لا تخرج عن إطار البحث عن الإثارة السياسية، وتدخل فيما تسميه المعارضة بـ'التدخل السياسي'، مضيفًا أن 'مكونات المعارضة تسعى من خلال ذلك إلى التموقع السياسي قبيل الانتخابات المقبلة'.
وأبرز شقير أن هذا الملتمس يعاني من غياب الأرضية السياسية التي يمكن أن تسنده، خاصة بعد أن فشلت المعارضة نفسها في تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الدعم الحكومي، معتبرا أن هذه الخطوة تعبر عن افتقاد المعارضة لأي قوة فعلية تمكّنها من إنجاح هذه الآلية الدستورية.
ووفق المادة 252 من النظام الداخلي لمجلس النواب”يودع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة يسلمها له أحد الموقعين على الملتمس مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها وعند الاقتضاء إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين يأمر الرئيس بنشر ملتمس الرقابة وأسماء الموقعين في المحضر ونشرة المجلس الداخلية وموقعه الالكتروني”.
هذا، وعرفت التجربة البرلمانية في المغرب تقديم ملتمسين للرقابة، الأول عام 1964 والثاني عام 1990، ولم يؤدّ أي منهما إلى إسقاط الحكومة، نظرا إلى القيود الدستورية التي تعرفها هذه الآلية السياسية.ففي 1964، ومع أول تجربة برلمانية عرفها المغرب آنذاك (1963-1965)، تقدمت المعارضة البرلمانية بملتمس الرقابة ضد الحكومة، في محاولة لإسقاط حكومة با حنيني، وقد وقع هذا الملتمس 24 نائبا، لكنه فشل بسبب عدم وجود الأغلبية المطلقة والتي تتمثل في تصويت 73 نائبا وفق مقتضيات دستور 1962 في فصله الـ81.
وفي سنة 1990، عاد ملتمس الرقابة للظهور في البرلمان المغربي، وهو ما كان متوقعا قبل 1990 بسنوات، ووُجه ضد حكومة العراقي، ووقعه نواب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال إضافة إلى منظمة العمل وحزب التقدم والاشتراكية، وصوت لصالحه 82 نائبا بينما عارضه 200 آخرين.