اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٦ نيسان ٢٠٢٥
عبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن قلقه وانتقاده الشديدين للتعديلات المقترحة على المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الجرائم الماسة بالمال العام وآليات المساءلة، وذلك في رأي مفصل أصدره حول مشروع قانون المسطرة الجنائية.
واعتبر في تقريره الذي اطلعت عليه جريدة 'العمق'، أن الصيغة الجديدة للمادة 3، التي تربط إجراء الأبحاث وتحريك الدعوى العمومية في جرائم المال العام بطلب أو إحالة مدعومة بتقرير من هيئات وإدارات عمومية محددة، تثير إشكالات جوهرية تهدد فعالية السياسة العمومية لمكافحة الفساد وتقوض مبادئ دستورية والتزامات دولية للمغرب.
وشدد المجلس على أن التعديل المقترح يتعارض بشكل واضح مع الفصل 118 من الدستور الذي يضمن حق الولوج إلى العدالة للجميع دون تمييز، ومع الفصل 12 بشأن أدوار المجتمع المدني. كما يتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي توصي بمشاركة المجتمع المدني في التبليغ عن حالات الفساد.
وأكد أن تقييد صلاحيات النيابة العامة في إجراء الأبحاث وتحريك الدعوى العمومية تلقائيا، كما هو معمول به في باقي الجنح والجرائم بموجب المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية، سيؤدي إلى إضعاف قدرة السلطات العمومية على زجر هذا النوع الخطير من الجرائم، خاصة في ظل صعوبة حصر حالات التلبس في جرائم المال العام المعقدة، كما أشار إليه عدد من الفاعلين الذين استمع إليهم المجلس.
واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن التعديل المقترح يقلل من صلاحيات القضاء في مراقبة تدبير الأموال العمومية وزجر الجرائم الماسة بها، وهو ما يتعارض مع مبدأ استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور ودور القاضي في حماية حقوق الأفراد والجماعات وفق الفصل 117.
كما انتقد المجلس بشدة تقييد حق الجمعيات في الانتصاب كطرف مدني في القضايا الزجرية المتعلقة بالمال العام، باشتراط الحصول على صفة المنفعة العامة والتأسيس منذ أربع سنوات على الأقل والحصول على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل.
وأشار التقرير إلى أن هذا الشرط الجديد 'لا يسير في اتجاه تكريس الأدوار الدستورية للمجتمع المدني والمشاركة المواطنة والفاعلة في قضايا الشأن العام، ويبدو وكأنه تقييد لما هو مقيد أصلا'.
وفي توصياته، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى مراجعة شاملة للتعديلات المقترحة على المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية بما يضمن تعزيز صلاحيات النيابة العامة في إجراء الأبحاث وتحريك الدعوى العمومية في جرائم المال العام بشكل فعال وتلقائي، دون تقييدها بإحالات أو طلبات محددة.
كما أوصى بتكريس دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد وتسهيل انتصابه كطرف مدني في القضايا المتعلقة بالمال العام، مع العمل على مراجعة قانون الجمعيات لتعزيز الحكامة الجيدة، وضمان انسجام السياسة الجنائية مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والالتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال.
وشدد على ضرورة الحفاظ على صلاحيات القضاء في مراقبة تدبير الأموال العمومية وزجر الجرائم الماسة بها في إطار استقلال السلطة القضائية، مؤكدا على ضرورة فتح نقاش عمومي واسع حول هذه التعديلات لما لها من انعكاسات خطيرة على جهود مكافحة الفساد وحماية المال العام وتعزيز الثقة في المؤسسات.