اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
في أجواء مهيبة ومليئة بالمشاعر، اجتمع عدد كبير من الصحافيين والزملاء الصحافيين وأفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة في حفل تأبيني لتكريم ذكرى الصحافي الراحل أيوب الريمي، الذي غادر الحياة، في فبراير الماضي، تاركًا أثرًا عميقًا في قلوب كل من عرفه.
الحفل، الذي عُقد يومه الأربعاء بالمعهد العالي للصحافة والإعلام بالرباط، قدمت فيه زوجة الراحل وابنه الصغير وأصدقائه وزملائه شهادات مؤثرة تسلط الضوء على المسار المهني المميز للفقيد، إلى جانب قيمه الإنسانية التي جعلت منه شخصية محبوبة لدى الجميع.
وتخلل الحفل عرض مقاطع فيديو توثق لحظات من مسيرة الريمي المهنية، بما في ذلك تغطياته الميدانية التي كانت تعكس التزامه الكبير بالموضوعية والمهنية، وأثارت هذه المشاهد موجة من التأثر بين الحاضرين، الذين لم يستطيعوا إخفاء دموعهم وهم يشاهدون الفقيد في أوج عطائه، حيث كان الحفل لحظة مؤثرة للجميع، جسد فيها الحاضرون معنى الوفاء والتقدير لشخص ترك بصمة لا تُنسى في مجال الصحافة وفي قلوب من عرفوه.
مسيرة من الحب ولحظات أخيرة من الصبر والصمود
قدمت أرملة الراحل، سارة آيت خرصة، شهادة استثنائية عن تفاصيل حياته ولحظاته الأخيرة، مسلطة الضوء على شخصيته الهادئة والمتفانية، وفي حديثها الممزوج بالدموع، استعرضت ذكرياتهما المشتركة، بدءًا من أيام الدراسة في المعهد العالي للإعلام والاتصال، حيث جمعتهما الصحافة واهتماماتهما المشتركة، كما تحدثت عن زواجهما المبكر، وعن قصتهما التي شكلت نموذجًا للحب والدعم المتبادل، حيث كان أيوب 'الصديق والرفيق' الذي منحها القوة حتى في أحلك الأوقات.
وأشارت الزوجة إلى شجاعة أيوب في مواجهة المرض، وإلى اللحظات الأخيرة التي عاشها، وهو يحمل حبًا كبيرًا للمغرب وقضاياه. وأضافت: 'حتى في أيامه الأخيرة، كان متمسكًا بالأمل وبعزمه على متابعة ما يدور في الوطن العربي، رغم أنه كان يودع كل شيء بصمت وهدوء.'
وتطرقت سارة لمواجهة أيوب الريمي للموت بالقول: 'حين بدأ وميض وجهه يخفت مع اقتراب النهاية، أدرك أيوب أن الموت يعاجله، لكنه ظل يصر على أن أعيش وأنجح عوضًا عني وعنه، وأن أجادل الحياة بنفس الروح التي جمعتنا. لقد واجه المرض بشجاعة نادرة، لكنه قتلته الغصة لعدم وجود أمه بجانبه في أيامه الأخيرة. كان يحبها حبًا كبيرًا، وكنت شاهدة على ذلك الشوق الذي أضناه'.
واصلت حديثها بنبرة مؤثرة: 'أيوب لم يكن مجرد زوج، بل كان شريك درب ورفيقًا ملهمًا. كان هادئًا، صموتًا، لكنه مليء باليقين والحكمة. قال لي يومًا إن اسمه أيوب لأنه سيصبر على أحاديثي التي لا تنتهي، وكان دائمًا يُجيب بحب وهدوء. اتفقنا على أن نتشارك كل شيء، حتى في الأوقات الصعبة، وظل وفاؤه لي ولمبادئه حتى لحظة الرحيل.'
تطرقت الزوجة أيضًا إلى حديثهما عن الموت، وقالت:
'ناقشنا الموت كثيرًا، ولم يخف منه. قال لي إن أرواحنا قادرة على التواصل حتى في عالم البرزخ. رحل أيوب، لكنه ترك لي وعدًا بأن يبقى قريبًا مني بطريقة ما، وها أنا اليوم أتحدث عنه وكأنني أتواصل معه. كان أيوب يريد حياة بسيطة وسلامًا داخليًا، وكان يؤمن بأن الموت ليس إلا محطة عابرة.'
وأكملت: 'رحل أيوب وفي قلبه غصة وهو يطرق الأبواب ويسعى ويرى أنه يستحق الفرص التي كانت تمنح لغيره، لكنه كان يصر أن يصنع فرصته بنفسه، ويصنع نفسه بنفسه. كان أيوب مشغولًا، أكلت هموم الأمة قلبه'.
الأثر كبير وغصة مغادرة المغرب
من جهته، قاب مدير نشر جريدة العمق المغربي، محمد لغروس: 'برحيل أيوب الريمي، من تيتّم هو مشهدنا الإعلامي وفقدنا رجلًا شجاعًا، طيبًا، خلوقًا، كفؤًا، أيوب الريمي، لم يمت ما دام ترك أثرًا، وما دام ترك تجربة في مشهد إعلامي توفّت الكثير من أطرافه. الموت هو موت الضمير والقلوب، الموت هو أن تموت فينا هذه المهنة وشغفها.
وأضاف لغروس، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي' على هامش حفل التأبين: 'لقد قالت أرملته أن أيوب مات وفي قلبه غصة ولكي لا نقتل أيوب مرتين ينبغي أن نبحث في هذه الغصة خاصة أنه وهو يغادر تراب الوطن 'هل ضاقت بنا بلادنا ذرعًا؟' هذا الذي ينبغي أن نفكر فيه.
وتابع: 'كمهنيّين وكإعلاميّين مسؤولون على أن نزيل شيئًا من غمة أيوب، وأن لا نجعل هذا البلد يضيق بكفاءته وبأبنائه وينبغي أن نتحرك لكي نترك تجربة مثل تجربة أيوب الذي أزهر حيثما وُضع، أو حيثما أُكره، واضطر أن يذهب.
وزاد: 'لو ذهب أيوب الريمي حتى للمريخ، كان سيبدع وكان سينتج وفق تلك الشروط، فنحن في حاجة إلى أن نحيي مثل هذه التجارب وأن نساهم كل من موقعه في خلق بيئة تجعل أمثال أيوب يحيّون ولا يرحلون، والموت الحقيقي هو موت الفعل والإبداع والابتكار'.
وتوفي، صباح السبت 1 فبراير الماضي، الصحافي أيوب الريمي، بعد صراع طويل مع المرض، مخلفا أجواء من الحزن والألم التي عمت الجسم الإعلامي، حيث تميز الراحل بشغفه الكبير بمجال الإعلام وحبه العميق للمعرفة، ما جعله أحد الأسماء اللامعة في الصحافة المغربية المعاصرة.
وكان الزميل أيوب مراسلا للجزيرة نت منذ سنوات، كما كان من أكثر المراسلين نشاطا، وعرف بجديته واجتهاده وتفانيه في العمل، كما عُرف رحمه الله بسيرته الطيبة وحُسن خلقه مع زملائه ومع عموم الناس.
وارتبط الراحل أيوب الريمي ارتباطًا وثيقًا بالوسط الإعلامي المغربي من خلال مسيرته المهنية المتميزة، وتميز المرحوم بأخلاقه الرفيعة وكرم أخلاقه، مما جعله محبوبًا بين زملائه وطلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال الذين درسوا معه.
وأيوب الريمي صحافي مغربي وُلِد سنة 1990 بمدينة القنيطرة (نحو 30 كيلومترا غرب الرباط)، وهو خريج المعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة المغربية سنة 2013، تخصص الصحافة السمعية البصرية.
وعمل الريمي صحافيا مع عدد من وسائل الإعلام المغربية والدولية، قبل أن ينتقل إلى العاصمة البريطانية لندن ويواصل عمله الصحفي، ومن هناك كان مراسلا للجزيرة نت منذ سنوات، كما أطلق على صفحته في يوتيوب برنامج 'بودكاست هنا لندن'.