اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
فاطمة الزهراء لطرش
يتجدد النقاش في المغرب حول ظاهرة الكلاب الضالة، بين من يعتبرها تهديدًا للسلامة العامة ومن يطالب بالتعامل معها بأسلوب إنساني، خاصة مع اقتراب المملكة من استقبال ملايين الزوار خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030.
وبينما تؤكد السلطات التزامها منذ سنوات بمقاربة “الالتقاط، التعقيم، التلقيح ثم الإرجاع” للحد من تكاثر هذه الحيوانات دون اللجوء إلى القتل، تواصل تقارير حقوقية الإشارة إلى استمرار الممارسات التقليدية في بعض المناطق، ما يبقي الملف في دائرة الجدل حول السبل المثلى لتحقيق التوازن بين حماية المواطنين وصون حقوق الحيوان.
وبهذا الخصوص كشف حسن الشطيبي، رئيس جمعية 'تامسنا' لحماية المستهلك، عن تفاقم ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في مختلف المدن المغربية، خاصة الكبرى منها مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش، محذرًا من تداعياتها الصحية والأمنية.
وأوضح الشطيبي في تصريح لـ'الأيام 24″ أن هذه الكلاب تتجمع في الأحياء السكنية والأسواق وحتى قرب المؤسسات التعليمية، مما يزيد من خطر تعرض المواطنين، خصوصًا الأطفال، لعضات الكلاب وانتقال أمراض خطيرة كالسعار.
ولفت الشطيبي إلى غياب إحصائيات دقيقة حول أعداد الكلاب الضالة، مشيرًا إلى أن بعض التقديرات غير الرسمية تتحدث عن عشرات الآلاف منها، غير أن نقص البيانات الموثوقة يعرقل إعداد استراتيجيات واضحة وفعّالة لمعالجة الظاهرة، محمّلا الجهات المختصة، مثل وزارة الصحة والسلطات المحلية، مسؤولية توفير بيانات دقيقة لتقييم حجم المشكلة بشكل علمي.
وفي معرض حديثه عن الحلول المقترحة، أشار الشطيبي إلى الجدل القائم حول جدوى التعقيم والتلقيح كبديل عن القتل، حيث يرى المؤيدون أنه خيار إنساني يحد من التكاثر العشوائي ويقلل من انتشار الأمراض، بينما يشكك المعارضون في فعاليته في ظل استمرار تفشي الظاهرة.
وأكد المتحدث عينه، أن مرور خمس سنوات على تنفيذ برنامج التعقيم والتلقيح أظهر نتائج محدودة، إذ لوحظ انخفاض نسبي في أعداد الكلاب ببعض المناطق، لكن دون بلوغ الأهداف المنشودة، مرجحا ذلك إلى عدة تحديات، من بينها ضعف التغطية الجغرافية للبرنامج، وقلة الوعي المجتمعي بأهمية التعقيم، إضافة إلى محدودية الموارد المخصصة لدعم هذه المبادرات.
وأشار الشطيبي إلى أن غياب التنسيق واختلاط الأدوار بين الأطراف المعنية يزيد من تعقيد الوضع، حيث تتقاسم السلطات المحلية، ووزارة الصحة، والجمعيات، والمواطنون مسؤوليات متشابكة، تبدأ من تطبيق القوانين وتدبير النفايات، مرورًا بتلقيح الحيوانات ورصد بؤر المرض، وصولًا إلى حملات التوعية والإبلاغ عن الحالات الخطرة.
وشدد الشطيبي على ضرورة وضع سياسة وطنية متكاملة تحقق التوازن بين الرفق بالحيوان وحماية المواطنين، من خلال حلول مستدامة تشمل التعقيم، إنشاء ملاجئ، وتفعيل تشريعات صارمة، محذرا من أن غياب رؤية واضحة وموارد كافية سيجعل الظاهرة تتفاقم، لتبقى البلاد عالقة في حلقة مفرغة بين القتل الجماعي والانتشار الواسع.
واختتم الشطيبي تصريحه بالتأكيد على أن معالجة هذه المعضلة لا تكمن في إزالة وتصريف الكلاب من الشوارع فحسب، بل في قدرتنا على إيجاد التوازن بين الأخلاق والضرورة، وبين حقوق الحيوان وحقوق الإنسان.
(صحفية متدربة)