اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ نيسان ٢٠٢٥
في الوقت الذي تهتز فيه اقتصادات العالم تحت وقع الزلزال التجاري الجديد الذي أحدثه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة، برز المغرب كأحد المستفيدين غير المتوقعين من هذه الحرب، مستفيدا من معاملة تجارية تفضيلية نادرة.
ففي حين فرضت رسوم بنسبة 20% على الاتحاد الأوروبي، و30% على الجزائر، و28% على تونس، احتفظ المغرب برسوم جمركية في حدود 10% فقط، وهو الحد الأدنى الذي حددته الإدارة الأمريكية.
وحسب ما أوضحته جريدة 'El economista' فإن هذه المعاملة الخاصة التي حظي بها المغرب لم تأت من فراغ، بل تعود أساسا إلى العجز التجاري الذي يعاني منه لصالح الولايات المتحدة، حيث يستورد من واشنطن أكثر مما يصدر إليها، ما سمح للرباط بتجنب التداعيات الأشد للحرب التجارية العالمية، مما مكنها من ترسيخ موقعها كشريك 'محايد' في نزاع تجاري تتسع رقعته يومًا بعد آخر.
الامتياز الجمركي الذي حصل عليه المغرب، إلى جانب موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، جعله حسب المصدر ذاته وجهة جذابة محتملة للشركات العالمية التي تسعى إلى تقليل تعرضها لأسواق تضررت من الرسوم الأمريكية.
ويرى مراقبون أن بعض الصناعات الأوروبية، خاصة في بلدان البحر الأبيض المتوسط مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال، قد تلجأ إلى تحويل عملياتها الإنتاجية نحو المغرب للاستفادة من الميزة الجمركية الجديدة.
وعلى الرغم من أن الرئيس السابق دونالد ترامب لم يعرف بحفاظه على الصداقات التاريخية، فإن العلاقات التاريخية القوية بين الرباط وواشنطن ظلت قائمة، مسجلة أن المغرب كان من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777، وهو ما توج لاحقا بتوقيع معاهدة السلام والصداقة سنة 1786، والتي ما تزال سارية المفعول.
واعتُبر قرار الإدارة الأمريكية بالإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة على المغرب عند 10% بمثابة 'دعم غير مباشر' قد يفتح آفاقا اقتصادية غير مسبوقة.
وبحسب بول آمبرغ، الشريك في شركة 'بيكر ماكنزي' الأمريكية والمتخصص في التجارة الخارجية، فإن عددا متزايدا من الشركات بدأ يفكر بإعادة هيكلة سلاسل التوريد والتصنيع نحو بلدان تتعرض لضرائب أقل من قبل الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن مستقبل هذه القرارات يرتبط بمدى استمرارية هذه الرسوم أو استخدامها كأداة تفاوضية فقط.
وأكد آمبرغ، في تصريح لصحيفة، أن مكاتب الاستشارات القانونية تشهد تزايدا كبيرا في الطلبات المرتبطة بكيفية الامتثال للأنظمة الجديدة وتكاليفها المحتملة والطرق الممكنة لتقليل أثر الرسوم الجمركية.
وأشار تقرير الصحيفة الإسبانية أن المغرب يعد خامس أكبر منتج عالمي لزيت الزيتون، ورغم أنه لا يمتلك القدرة حاليًا على منافسة إسبانيا مباشرة، فإن الولايات المتحدة تمثل بالفعل ثاني أكبر سوق للزيت المغربي.
ومع استمرار فرض الرسوم على الصادرات الأوروبية، هناك احتمال كبير لأن يحل الزيت المغربي محل جزء من الصادرات الإسبانية الموجهة إلى السوق الأمريكية، خصوصا إذا استعادت المملكة عافيتها الإنتاجية في هذا القطاع.
وأوضح التقرير أنه من بين أبرز نقاط القوة التي يتمتع بها المغرب حاليا هي كفاءته البشرية، فوفقا لتقرير شركة SGF Global، يتوفر المغرب على يد عاملة شابة ومؤهلة، خصوصا في مجالات الاتصالات والهندسة والبرمجيات.
كما أن تنوع اللغات المستخدمة في بيئة العمل (العربية، الفرنسية، الإسبانية، والإنجليزية) يمنح الشركات العاملة في المغرب قدرة تشغيلية مرنة على المستوى الدولي.
وأشار التقرير ذاته إلى أن المغرب أصبح من بين أبرز الدول الجاذبة لظاهرة 'القربنة الصناعية' أو nearshoring، أي نقل عمليات التصنيع إلى بلدان قريبة جغرافيًا من أسواق الاستهلاك الكبرى، فالمملكة تقع على بعد ساعات قليلة بالطائرة من كبريات العواصم الأوروبية وتتشاطر معها التوقيت الزمني تقريبًا، ما يسهل عمليات الشحن والتعاون اللوجستي.
فضلا عن ذلك، يواصل المغرب استثماراته الضخمة في المراكز التكنولوجية والبنية التحتية الرقمية، ما جعله وجهة مفضلة للشركات التي تبحث عن بيئة تكنولوجية مرنة.
وحسب المصدر ذاته فإن المؤشرات الاقتصادية تدعم هذا الزخم الإيجابي، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد المغربي نموا يصل إلى 3.9% خلال العام الجاري، وهو رقم يعكس الاستقرار السياسي والإصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها الرباط.