اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٥ نيسان ٢٠٢٥
في ظل منافسة محتدمة داخل سوق السيارات الأوروبية، يواصل المغرب تعزيز موقعه كمحور صناعي صاعد، وهو ما يزيد من تعميق جراح قطاع السيارات في إسبانيا، خاصة في إقليم الباسك، حيث تتصاعد موجات الغضب وسط المصنعين المحليين بسبب ما يعتبرونه 'أفضلية غير عادلة' يتمتع بها المغرب على مستوى تكاليف الإنتاج والتصدير.
فبينما ترهق الضرائب وارتفاع كلفة اليد العاملة كاهل الشركات الإسبانية، يحصد المغرب ثمار استراتيجية صناعية طموحة تعتمد على أجور منخفضة، وبنيات تحتية متطورة، ودعم حكومي سخي لجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما دفع العديد من المصنعين الدوليين إلى تفضيل الضفة الجنوبية للمتوسط على حساب نظيرتها الشمالية.
ويصف فاعلون في القطاع الصناعي الإسباني هذا الواقع بأنه 'تنافس غير متكافئ'، في ظل ما يرونه تقصيراً من الحكومة الإسبانية في دعم الانتقال الطاقي والرقمي للقطاع، مقارنة بالدينامية القوية التي يشهدها المغرب.
وليس فارق الأجور وحده ما يثير القلق في مدريد، بل أيضا التكاليف اللوجستيكية. ففي الوقت الذي لا تتجاوز فيه كلفة شحن سيارة من شمال المغرب إلى أوروبا 100 يورو، تواجه الشركات الإسبانية مصاريف أكبر بكثير، ما يفاقم التفاوت في التنافسية ويهدد استمرارية بعض الوحدات الإنتاجية.
وتحذر تقارير صناعية من أن هذا الوضع قد يهدد آلاف الوظائف، خاصة في مدن مثل فيتوريا، التي تحتضن مصنعًا كبيرًا لشركة 'مرسيدس'، حيث أعربت إدارة الشركة عن نيتها تحويل جزء من إنتاجها إلى المغرب، نظرا لانخفاض التكاليف وجودة الإنتاج.
ورغم أن المغرب لا يزال يعتمد جزئيا على استيراد مكونات السيارات من أوروبا، إلا أن وتيرة التطور التي يعرفها القطاع في المملكة توحي بطموح واضح نحو إقامة منظومة تصنيع متكاملة، ما قد يُحوّل البلاد من ورشة تجميع إلى مركز تصدير إقليمي منافس لكبريات العواصم الصناعية الأوروبية.
غير أن هذه الدينامية لا تخلو من تبعات داخلية. فبالرغم من الجاذبية الاستثمارية التي توفرها الأجور الزهيدة، فإن العديد من العاملين المغاربة في القطاع يشتكون من ضعف الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة المتزايدة، ما يُذكي شعورا باللاعدالة ويُغذي الاحتقان الاجتماعي في أوساط واسعة من المستخدمين.
وبذلك، تتحول الميزة التنافسية التي تسعى الشركات لاستغلالها إلى مصدر توتر داخلي في بلد الاستقبال، ما يطرح تحديات حقيقية أمام تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.