اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
وصف الخبير في الشؤون المغاربية، أحمد نور الدين، الصمت المغربي بكافة مستوياته الرسمية والأكاديمية والثقافية تجاه الحكم القضائي الجزائري الذي قضى بسجن الكاتب بوعلام صنصال، بأنه كان صمتا مدويا وصاخبا أثار الاستغراب والدهشة. واعتبر الخبير هذا الموقف معيبا ومخجلا على كافة الأصعدة، ودعا في تصريح سابق إلى ضرورة تحويل قضية الكاتب من مجرد حدث عابر إلى قضية رأي عام دولي تحظى بالاهتمام والمتابعة اللازمين.
وطالب نور الدين ضمن تصريح لجريدة العمق بضرورة إبداء تضامن كامل وفوري مع الكاتب الجزائري، الذي يحمل أيضا جنسية فرنسية، معتبرا أن هذا الموقف كان واجبا أملته اعتبارات متعددة لم تنحصر في بعدها الوطني الضيق. وشدد الخبير على أن أسباب التضامن امتدت لتلامس مبادئ إنسانية وحقوقية وكونية يتقاسمها المغرب مع بقية دول العالم، إذ رأى أن جوهر قضية صنصال تتمثل في منعه من ممارسة حقه الأساسي والأصيل في حرية التعبير.
واعتبر أن هذا الحق الكوني، الذي كفلته كافة المواثيق الدولية، قد تم ضربه في مقتل من قبل النظام الجزائري، الذي لجأ إلى اعتقاله ومحاكمته بشكل افتقر إلى أبسط شروط العدالة. وأوضح المتحدث أن الجريمة الوحيدة التي نُسبت إلى صنصال، والتي قادته لقضاء شهور طويلة في السجن دون محاكمة وفي ظروف قاسية بالرغم من وضعه الصحي وسنه المتقدم، كانت تعبيره عن رأي تاريخي.
وتمحور هذا الرأي، حسب الخبير، حول حقيقة أن أجزاء واسعة من الخارطة الجزائرية الحالية، التي كانت إرثا عن الحقبة الاستعمارية، وهي في أصلها أراضي تابعة للسيادة المغربية. وأكد نور الدين أن هذا الطرح استند إلى وقائع تاريخية ثابتة، حيث كانت مناطق شاسعة في الغرب الجزائري الحالي والصحراء الكبرى جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية قبل أن تقوم سلطات الاستعمار الفرنسي باقتطاعها وضمها بشكل قسري.
ورأى الخبير أن هذا الموقف التاريخي كان هو الدافع الحقيقي وراء حملة التعسف التي تعرض لها الكاتب، والتي بلغت ذروتها بإصدار حكم قضائي جائر تم تأييده لاحقا. وفي هذا السياق، دعا إلى ضرورة تحرك مغربي شامل على مختلف الأصعدة من أجل تحويل هذه القضية إلى قضية رأي عام دولي تحظى بالاهتمام والمتابعة.
واقترح على مستوى النخب المثقفة إطلاق حملات تضامن دولية واسعة، تبدأ بتنظيم حملة إفريقية هدفها فضح ممارسات النظام الجزائري. وحث المتحدث على توسيع نطاق هذه الحملات لتشمل عرائض دولية وجمع توقيعات ومناشدات من مثقفين وكتاب وأكاديميين من العالم العربي وأوروبا والأمريكيتين، لخلق زخم دولي ضاغط. ووجه نداء إلى الهيئات الثقافية والأكاديمية المغربية لمراسلة المؤسسات النظيرة لها في مختلف أنحاء العالم، من اتحادات للكتاب والصحفيين، بهدف كشف حقيقة هذا الاعتداء على حرية الفكر وحرية التعبير.
كما دعا المنظمات الحقوقية المغربية، سواء المستقلة أو الرسمية، بتبني هذه القضية الحقوقية بامتياز، ومراسلة المنظمات الدولية الكبرى كمنظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وانتقد بشدة صمت الإعلام الرسمي المغربي، ودعا إلى ضرورة جعل قضية صنصال مادة أساسية للنقاش العمومي عبر تخصيص برامج وحوارات لكشف أبعادها المختلفة.
وشدد على أهمية الدور الذي كان يمكن أن تلعبه الدبلوماسية المغربية عبر مراسلة الهيئات الدولية الرسمية، مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة، للتعريف بهذا الاعتقال التعسفي. وخلص نور الدين في تحليله إلى أن هذا الصمت المغربي شكل موقفا معيبا ومخجلا على كافة الأصعدة، الرسمية والجامعية والإعلامية، خاصة وأن القضية ارتبطت ارتباطا وثيقا بقضية وطنية محورية تعلقت بالحدود التاريخية للمملكة.