اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
أصدر قائد الملحقة الإدارية المصلى بعين الشق، يوم الإثنين 21 يوليوز 2025، أمرا يقضي بهدم مستودعات تم تشييدها 'بشكل غير قانوني فوق الملك الخاص للدولة، ودون التوفر على التراخيص القانونية اللازمة'، غير أن التجار المتضررين ينفون ذلك، مؤكدين توفرهم على عقود كراء لمستودعات قائمة من الأملاك المخزنية، وأنهم قاموا بإصلاحات وفق رخص إدارية موثقة.
وحسب القرار الذي تتوفر جريدة 'العمق' على نسخة منه، فإنه 'يأتي في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء'.
ووفق الوثيقة ذاتها، فإن الأمر يتعلق بمستودعات مكتملة البناء تقع بحي مولاي عبد الله، حيث جرى إنجازها دون ترخيص مسبق، كما استُغلت دون الحصول على رخصة المطابقة، ما يشكل خرقًا صريحًا للقوانين المنظمة لقطاع التعمير.
وقد جاء القرار بناء على محضر معاينة للمخالفة، أنجزته الضابطة القضائية بتاريخ 30 يونيو 2025، تلاه أمر بإنهاء المخالفة تحت عدد 2025/13، لم يتم الامتثال له من طرف المخالفين.
وأكدت الرسالة الإخبارية الموجهة من السلطات المحلية أن المعنيين بالأمر لم يستجيبوا للأوامر الإدارية داخل الأجل القانوني، ما دفع المصالح المختصة إلى إصدار أمر صريح بالهدم، مع تحديد مهلة لا تتجاوز سبعة أيام لإعادة الوضع إلى حالته الأصلية.
وقد أثار القرار موجة غضب واستياء في أوساط المهنيين الذين يعتبرون أنفسهم متضررين من خطوة وصفوها بـ'المجحفة وغير المفهومة'، في غياب أي حوار مسبق أو توفير حلول بديلة تحفظ لهم ولأسرهم مصدر عيشهم.
وحسب المعطيات المتوفرة لدى جريدة 'العمق'، فإن السلطات المغربية سبق لها أن سلمت خلال سنة 1983 مستودعات لمجموعة من المستفيدين من أجل استخدامها في بيع مواد البناء والتجهيزات، مع اشتراط احترام هؤلاء المستفيدين جميع الواجبات المتعلقة بالكراء والضرائب المؤداة على البناء.
وأكد عدد من التجار في تصريحات متفرقة للجريدة، أن نشاطهم قائم منذ ما يزيد على أربعة عقود بشكل قانوني ومنظم، وأنهم ملتزمون بجميع التزاماتهم التعاقدية، سواء فيما يتعلق بأداء واجبات الكراء أو الرسوم الجبائية، مشيرين إلى أنهم يحتفظون بعقود تثبت علاقتهم الإدارية مع الدولة في هذا الشأن.
غير أن قرار الهدم، الذي توصل به المستفيدون مؤخرًا، فجّر موجة من الاستغراب، خصوصًا وأنه يستند في حيثياته القانونية إلى كون المستودعات 'لا تتوفر على رخصة المطابقة'، وهو ما اعتبره التجار تناقضًا صارخًا، على اعتبار أن الدولة نفسها هي التي أنشأت هذه البنايات على أراضيها، وسلمتها لهم في إطار مشروع منظم، وبالتالي فإن مسألة رخصة المطابقة لم تكن واردة أصلًا في ظروف التشييد الأصلية.
وفي هذا الصدد، أوضح أحد التجار قائلًا: 'نحن لا نتحدث عن مستودعات عشوائية أُقيمت خلسة، بل عن بنايات سلمتنا إياها الدولة رسميًا منذ أكثر من 40 سنة، وعبر عقود موثقة. واليوم نفاجأ بقرار الهدم بسبب رخصة لم نُطالب بها يومًا، لأن الدولة هي صاحبة المشروع في الأصل'.
وتابع آخر: 'المئات من الأسر مهددة بالتشرد إذا تم تنفيذ القرار بهذا الشكل، ونحن لا نرفض تطبيق القانون، لكننا نطالب بفتح حوار جدي ومسؤول مع السلطات المحلية، من أجل إيجاد بدائل تحفظ كرامتنا واستقرارنا المهني والاجتماعي'.
وسبق أن أصدرت مصالح مقاطعة عين الشق بالدار البيضاء رخصة إصلاح، تسمح لهم بإجراء إصلاحات داخلية بسيطة على مستوى هذه العقارات، وذلك خلال سنتي 2005 و2015.
الرخصة المذكورة أكدت على مجموعة من الشروط والضوابط القانونية التي يتوجب على المستفيد الالتزام بها، أبرزها أداء رسم مالي محدد في 500 درهم لفائدة القباضة قبل الشروع في الأشغال، وإخبار المصالح المختصة بانطلاق الإصلاحات.
وجاء في الفصل الثالث من القرار أن الأشغال تخضع لمراقبة الأعوان الجماعيين، وتُمنح الرخصة 'تحت جميع التحفظات'، مع تأكيد أنها لا تخول للمستفيد أي حق في التعويض، ويمكن سحبها أو تعديلها كلما اقتضى الأمر، خاصة إذا تعلق الأمر بالمصلحة العامة أو الحفاظ على جمالية المدينة والسير والسكينة العامة.
كما شددت الرخصة على ضرورة احترام كافة القوانين المتعلقة بالبناء، بما في ذلك عدم ربط قنوات المياه المنزلية بالقناة الخاصة بالتطهير، وتعليق رقم وتاريخ الرخصة بورش الأشغال طيلة مدة الإصلاحات.
وأكدت المقاطعة في نص الرخصة أن أي خرق لمضامينها أو تنفيذ أشغال غير مرخص بها سيعرض المعني للأحكام الزجرية المنصوص عليها في قانون التعمير والبناء، مشددة على أن هذه الوثيقة لا تعفي من الحصول على باقي التراخيص الإدارية التي قد تفرضها الأشغال، كالرخص البيئية أو تلك المتعلقة بشبكات الماء والكهرباء.
وطالب التجار المتضررون من قرار هدم المستودعات العشوائية بمنطقة عين الشق، بفتح حوار مباشر مع كل من عاملة عمالة مقاطعات عين الشق، رشيدة برادي، ووالي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، في خطوة وصفوها بـ'الضرورية والعاجلة'، من أجل البحث عن حلول بديلة تحفظ كرامتهم وتضمن استمرار أنشطتهم الاقتصادية.
وأوضح المتضررون أن القرار المفاجئ بهدم محلاتهم ومستودعاتهم دون توفير بدائل عملية، يهدد مصدر رزقهم الوحيد، ويضع مستقبلهم المهني والاجتماعي على المحك، مشيرين إلى أن عشرات الأسر باتت مهددة بالتشرد والبطالة نتيجة فقدانها لفرص الشغل التي كانت توفرها تلك الأنشطة التجارية، التي غالبًا ما تشكل موردًا أساسيًا للعيش في أوساط الأسر الفقيرة والمتوسطة.
وأكد التجار أنهم لا يرفضون تطبيق القانون، لكنهم يشددون على ضرورة التعامل بمرونة وإنسانية في معالجة هذا الملف، عبر تبني مقاربة تشاركية تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، وتستحضر تداعيات أي قرار على حياة المواطنين، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها فئات واسعة من المجتمع المغربي.
كما دعوا إلى عقد لقاءات مستعجلة مع ممثلي السلطات المحلية والجهوية، من أجل عرض مقترحاتهم ومطالبهم، وعلى رأسها تخصيص بدائل مناسبة أو أماكن نظامية يمكن أن تحتضن أنشطتهم التجارية بشكل قانوني ومنظم، بما يحقق التوازن بين متطلبات التنظيم الحضري ومصالح المواطنين.