اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
قال الناشط الإعلامي والمعارض السياسي الجزائري، وليد كبير، إن الوقت قد حان لإعلان قطيعة نهائية مع ما أسماه 'وهم مشروع الوحدة المغاربية'، الذي طالما رُوج له كحلم مشترك، لكنه اصطدم بواقع التناقضات الصارخة والرهانات السيادية المتباينة، خاصة فيما يتعلق بالمظلومية التاريخية والجغرافية التي تعرض لها المغرب. ودعا كبير إلى تبني تفكير استراتيجي جديد يعترف بهذه الحقائق ويصحح الموازين في المنطقة.
وسجل كبير في مقال تحليلي، على أن المغرب عانى تاريخيا من محاولات المساس بسيادته ووحدته الترابية. فبينما حافظ المغرب على استقلاله السياسي والروحي لقرون، كانت دول الجوار الشرقي، كالجزائر وتونس وليبيا، إيالات تابعة للدولة العثمانية. هذا التباين أسس لقطيعة هيكلية، تفاقمت مع محاولات العثمانيين الفاشلة لاحتلال المغرب. ثم جاء الاستعمار الفرنسي ليزيد من مظلومية المغرب، حيث فرض اتفاقية لالة مغنية سنة 1845 وبدأ في اقتطاع أراضٍ مغربية خالصة مثل 'توات'، 'تندوف'، 'تيديكلت'، و'الساورة'، وضمها بشكل تعسفي إلى كيانه الاستعماري في الجزائر.
وأبرز أن هذه الأراضي المغربية لا تزال محتلة من قبل الجزائر منذ انسحاب فرنسا، دون أي إطار قانوني أو تفاوض، مما يمثل 'الخلل الجيوسياسي الأكبر' الذي أدى إلى هيمنة إقليمية غير مشروعة. وأكد أن السكوت عن هذا الوضع غير مبرر، وأن فتح هذا الملف لم يعد خيارا بل ضرورة لتحقيق العدالة التاريخية للمغرب وتصحيح الخريطة الجيوسياسية لشمال أفريقيا. واعتبر أن لا استقرار ولا وحدة حقيقية يمكن أن تتحقق دون تصفية هذا الإرث الاستعماري الذي يعد أحد أبرز جذور النزاع المغربي الجزائري، وأحد أسباب فشل أي مشروع تكاملي حقيقي.
كما انتقد الناشط الإعلامي ذاته سياسة 'احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار' التي فرضتها منظمة الوحدة الأفريقية، معتبرا أنها لم تُنتج إلا الشلل وتأبيد الانقسامات، وفي السياق الشمال أفريقي، كانت أداة لترسيخ واقع غير عادل استفاد منه المستعمر القديم ومن وصفه بـ'وكيله في الجزائر' الذي ما زال يحكم بمفاهيم السيطرة لا الشراكة، على حساب حقوق المغرب المشروعة.
في مقابل هذا الواقع، رأى كبير أن المغرب بدأ في إعادة بناء استراتيجيته بالعودة إلى عمقه الأفريقي الطبيعي، وهو امتداد تاريخي وثقافي وروحي. واستشهد بالدور المحوري للمغرب تاريخيا في غرب أفريقيا، معتبرا المبادرة الملكية لتمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي عبر التراب المغربي خطوة لإعادة رسم ملامح الخريطة الجيوسياسية وتأسيس محور استقرار في وجه من يسعون للفوضى والعداء.
وأشار رئيس الجمعية المغاربية للسلام والتعاون والتنمية إلى أن النظام العسكري في الجزائر، الذي يحتقر خيار الملكية الدستورية في المغرب، يشكل عائقا أساسيا أمام أي تكامل، حيث جعل من العداء للمغرب جزءا من هويته السياسية، واحتضن الانفصال وغذى النزاعات. وفي ظل هذا العداء المزمن، لا يمكن الحديث عن 'وحدة مغاربية'.
واقترح كبير كبديل إنشاء تكتلين إقليميين منسجمين، تكتل يضم المغرب ودول الساحل، وآخر يضم الجزائر وتونس وليبيا. واختتم بأن القطيعة مع وهم الوحدة المغاربية ليست انسحابا، بل انتقال لمشروع أكثر عقلانية يقوم على الشرعية التاريخية والسيادة والإنصاف، مشددا على أن فتح ملف الصحراء الشرقية المغربية شرط لتحقيق الاستقرار وإعادة رسم خريطة المنطقة بشكل عادل، وتصحيح لخلل دام طويلا، بعيدا عن إملاءات من ورثوا الخرائط المفروضة على حساب حقوق المغرب.