اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١١ أذار ٢٠٢٥
بعد سنوات من الجفاف، استبشرت الأراضي المغربية خلال الأيام القليلة الماضية بأمطار الخير التي أغدقت على ربوع الوطن في الأيام الأخيرة، هذه الأمطار لم تكن مجرد قطرات ماء، بل كانت بمثابة شريان حياة أعاد الأمل إلى قلوب الفلاحين، وأنعش التربة العطشى، وملأ السدود التي كادت تجف.
تساقطات مطرية مهمة جعلت العديد من المراقبين للمجال الزاري يستبشرون خيرا بنهاية الموسم بنتائج إيجابية، ويساهم في تخفيف العبء على مجموعة من الأسر المغربية التي عانت خلال مدة طويلة من غلاء الأسعار جراء استمرار موجات الجفاف التي أثرت على الانتاجية، وسط آمال بتحسن الموارد المائية مع استمرار التساقطات المطرية خلال الأسابيع المقبلة.
وأكد الخبير الفلاحي محمد الطاهر السرايري، في تصريح لـ'العمق'، أن المعيار الأول لقياس مستوى الفلاحة في المغرب هو الإنتاج السنوي من الحبوب، مشيرا إلى أن التساقطات المطرية لهذا الموسم جاءت متأخرة، إذ بدأت الأمطار فعليا منذ شهر فبراير، وهو ما أثر بشكل سلبي على الحبوب.
وأوضح السرايري أن هذا التأخر في هطول الأمطار أدى إلى تضرر معظم زراعات الحبوب، باستثناء تلك التي تم زراعتها في شهر يناير، خاصة مع قيام بعض الفلاحين بزراعة الحبوب في وقت مبكر، ورغم ذلك، توقع الخبير الفلاحي، أن تكون الإنتاجية لهذا الموسم ضعيفة، وأن مخلفات الحبوب من التبن ستكون قليلة.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ 'العمق' أن التساقطات المطرية الأخيرة ستفيد بشكل أكبر الزراعات الموسمية والأشجار المثمرة، إلى جانب القطاني مثل العدس والحمص، فضلا عن المراعي الطبيعية التي تعد أساسية بالنسبة للثروة الحيوانية التي تأثرت كثيرا بفعل سنوات الجفاف الماضية، مع جعل العرض لا يلبي احتياجات السوق.
وأكد السرايري، أن هذه التساقطات ستكون لها أيضا انعكاسات هامة على السدود والثروة المائية والخزانات، مشجلا ضرورة التفكير في استراتيجيات للحفاظ على هذه الثروة، معتبرا أن مجاري المياه في المغرب تتجه عادة نحو البحر، ما يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من المياه، مما يعزز الحاجة الملحة للبحث عن تقنيات أكثر فاعلية في جمع مياه الأمطار.
وسجلت نسبة ملء السدود بالمملكة تحسنا طفيفا عقب التساقطات المطرية الأخيرة، حيث بلغت 29.1% من إجمالي القدرة التخزينية، التي تقدر بـ4895 مليون متر مكعب. حيث سجل حوض سبو 37.10%، فيما بلغ مخزون حوض ملوية 37.09%. أما حوض اللكوس فحقق نسبة ملء بـ46.05%، مقابل 42.98% لحوض أبي رقراق.
وبلغت نسبة الملء بحوض تانسيفت 51.50%، بينما سجل حوض كير-زيز-غريس أعلى معدل بنسبة 53.07%. في حين لم تتجاوز نسبة الملء في حوض سوس ماسة 17.82%، فيما سجل حوض أم الربيع أدنى مستوى بـ6.85%. بينما بلغت نسبة الملء في حوض درعة واد نون 30.95%.
وفيما يتعلق بالاستثمار في تقنيات جمع المياه، أشار السرايري إلى أن هذه التقنيات، تتطلب استثمارات ضخمة، إلا أنها تعد ضرورية لضمان استدامة الموارد المائية، معتبرا أن تقنيات جمع مياه الأمطار، خاصة الغزيرة منها، يجب أن تحظى باهتمام كبير في المستقبل.
وفيما يخص السيادة الغذائية، لفت السرايري إلى أن الاستراتيجيات الفلاحية السابقة، كانت تميل إلى تصدير الخضروات والفواكه، بينما يتم استيراد الحبوب التي تشكل أكثر من 60% من السعرات الحرارية اليومية للمغاربة، اليوم، منبها إلى أن المغرب يعاني من تبعية كبيرة للاستيراد، حيث تصل نسبة الواردات إلى أكثر من 70% من احتياجات البلاد.
ورأى المختص أن الاستراتيجية الفلاحية المستقبلية، يجب أن تكون موجهة نحو تعزيز زراعة الحبوب، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد، ناهيك عن أن الاستثمار في سلالات الحبوب التي تتأقلم مع الظروف المناخية الجديدة سيكون ضروريا لتحسين الإنتاج المحلي.
و دعا الخبير الفلاحي محمد الطاهر السرايري، إلى تبني استراتيجيات فلاحية تأخذ بعين الاعتبار التنوع الجغرافي، مشيرا إلى أن الحبوب التي تزرع في المناطق الجبلية تختلف عن تلك التي تزرع في المناطق القريبة من البحر، مؤكدا على أن ركائز هذه الاستراتيجيات يجب أن تتضمن تدبير المياه وخصوبة الأراضي، بالإضافة إلى تربية المواشي التي تساهم في تحسين خصوبة الأرض عبر مخلفاتها.