اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٩ نيسان ٢٠٢٥
كشف معهد هادسون الأمريكي في تقرير حديث عن تحوّل ملف الصحراء المغربية من نزاع إقليمي إلى ساحة جديدة في صراع القوى الكبرى، مشددا على أن جبهة البوليساريو لم تعد مجرد حركة انفصالية بل أصبحت، وفق التقرير، 'ميليشيا مزعزعة للاستقرار' تدعمها إيران وروسيا والصين، وتشكل تهديدا مباشرا للمصالح الأمنية الأمريكية.
وحذر المعهد في التقرير المعنوان بـ 'المسوغات الاستراتيجية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية '، من أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لطبيعة أنشطة جبهة البوليساريو من شأنه أن يزيد من تفكك منطقة الساحل ويقوض جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في شمال إفريقيا وغربها.
وأوضح المصدر أن النزاع في الصحراء، الذي نشأ في سياق الحرب الباردة، لم يعد نزاعا مجمّدا، بل تحوّل إلى جبهة نشطة في إطار تنافس القوى الكبرى، حيث تستغل إيران وروسيا والصين الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة على حساب حلفاء واشنطن.
وفي هذا السياق، وصف التقرير البوليساريو بأنها 'تتجاوز كونها حركة تقرير مصير، لتصبح أداة تخريب مدعومة من قوى خارجية'، مشيرا إلى تورطها في تهريب الأسلحة، وتجنيد الشباب عبر الخطاب العقائدي، والتعاون مع منظمات مصنفة إرهابية مثل حزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني.
ودعا معهد هادسون الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ خطوة حاسمة تتمثل في تصنيف جبهة البوليساريو كـ'تنظيم إرهابي أجنبي'، مؤكدا أن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية لن يضعف شبكتها فقط، بل سيعزز موقف الولايات المتحدة في صراع القوى، ويؤكد التزامها تجاه حلفائها، ويوجه رسالة صارمة لأعدائها.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن الجبهة تفي بكافة المعايير القانونية المنصوص عليها في قانون الهجرة والجنسية الأمريكي لتصنيف أي كيان كتنظيم إرهابي: فهي منظمة أجنبية، متورطة في أنشطة إرهابية، وتمثل تهديدا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة وشركائها، مضيفة أن تصنيفها كمنظمة إرهابية سيسقط خطابها الدعائي، ويجردها من الغطاء الإنساني الزائف.
واتهم التقرير الجبهة بسرقة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى مخيمات تندوف، وتحويلها لتمويل بنيتها العسكرية، مع فرض نظام صارم على سكان المخيمات البالغ عددهم نحو 90 ألف شخص، حيث لا تُجرى انتخابات، ولا وجود لصحافة حرة، وتُمارس التجنيد الإجباري بمعاقبة الممتنعين بالسجن، وفق ما نقل التقرير عن منظمات حقوقية من بينها 'هيومن رايتس ووتش'.
وأشار أيضا إلى تقارير صادرة عن مكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي، والتي وثقت تحويل وجهة المساعدات الأوروبية، ما يعكس طبيعة الجبهة ككيان مسيطر عسكريا أكثر منه كيانا سياسيا يمثل إرادة سكان المخيمات.
وسلط المعهد الضوء على العلاقة المتنامية بين البوليساريو والحرس الثوري الإيراني، مشيرا إلى نقل طائرات مسيّرة إلى الجبهة عبر الأراضي الجزائرية، واستضافة عناصر من حزب الله لتدريب عناصر البوليساريو. كما اعتبر أن هذا التحالف يهدد مباشرة أمن المغرب، الحليف غير العضو في الناتو، ويقوض التوازن الجيوسياسي في المنطقة.
وأضاف أن إيران تسعى إلى فتح جبهة غير تقليدية في شمال إفريقيا، شبيهة بتلك التي تديرها في اليمن أو سوريا، عبر أذرع محلية متطرفة.
وأبرز التقرير أن المغرب استثمر بقوة في تنمية الأقاليم الجنوبية، وقدم مقترح الحكم الذاتي كحل عملي للنزاع، وهو المقترح الذي حظي بدعم متزايد من دول غربية مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة، خاصة بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020.
وفي المقابل، يواصل النظام الجزائري دعم البوليساريو، مدفوعا بصراع إقليمي طويل الأمد مع المغرب، وبتقاربه الإستراتيجي مع كل من موسكو وطهران وبكين.
وأشار التقرير إلى تصاعد أنشطة الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، متهما الجبهة بتهريب الأسلحة إلى حركات جهادية في مالي والنيجر، وهي أنشطة تمثل تهديدا مباشرا للقوات الأمريكية الموجودة في المنطقة، حسب تعبيره.
كما ذكّر بمقتل أربعة جنود أمريكيين في كمين نُسب إلى جماعة 'الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى' عام 2017، بقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي وُصف بأنه أحد المنشقين عن البوليساريو. واستُهدف لاحقا في غارة فرنسية سنة 2021.
وخلص التقرير إلى التأكيد على أن الحياد الأمريكي في هذا الملف لم يعد مجديا، وأنه آن الأوان لتبنّي نهج أكثر صرامة في مواجهة التهديدات التي تتخفى تحت شعارات 'التحرير'، في حين ترتبط فعليا بشبكات التهريب والإرهاب.واعتبر أن تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي سيبعث برسالة واضحة لحلفاء الولايات المتحدة وخصومها على السواء، مفادها أن دعم الحركات المسلحة خارج القانون لن يُقابل بالتسامح، بل بسياسات ردع واضحة.