اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
استمعت غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، صباح اليوم الجمعة، إلى آخر مرافعات دفاع الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي والمدير التنفيذي لشركة النظافة 'أوزون' عبد العزيز البدراوي المتهم على خلفية ملف تدبير قطاع النظافة بجماعة بوزنيقة رفقة رئيسها السابق محمد كريمين الملقب بـ”إمبراطور بوزنيقة”، ومهندس الجماعة.
وحصر دفاع البدراوي مرافعته على تفنيد الاتهامات المتعلقة بالاختلالات المرتبطة بتمديد الصفقات والملاحق التعاقدية، مؤكدا أن اللجوء إلى هذه الإجراءات لم يكن اعتباطيا، بل جاء بدافع الحرص على ضمان استمرارية مرفق النظافة العمومي، وتفادي أي توقف قد يُفضي إلى أزمات بيئية ومخاطر صحية تمس ساكنة المدينة.
وأفاد دفاع المتهم أن الصفقة الثانية تم الإعلان عنها قبل ستة أشهر من انتهاء الصفقة الأولى، وذلك بهدف ضمان انتقال سلس بين الفاعلين واحتراما للمساطر القانونية المعمول بها، مؤكدا أن التمديد تم وفقا للملحق الرابع، الذي تم توقيعه ضمن إطار قانوني واضح، مشددا على أن المصادقة عليه جاءت فقط لضمان استمرارية مرفق النظافة وعدم تعريض الخدمة لأي توقف.
وأوضح الدفاع أن الشركة المفوض لها تنفيذ الصفقة وجدت نفسها مضطرة إلى التراجع فور رفض المصادقة على الملحق، نظرا لوضعها كطرف أضعف في العلاقة التعاقدية، مشيرا إلى أن الجماعة كانت هي الجهة الملزمة بتمكين الشركة من مباشرة أشغالها خلال سنة 2010، مضيفا أن القيمة الحقيقية للصفقة لم تتعد 10 ملايين درهم، خلافا لما تم تداوله بخصوص بلوغها 70 مليون درهم.
وأكد الدفاع خلال مرافعته على أحقية الشركة في مراجعة الأسعار والمطالبة بمستحقاتها داخل الآجال القانونية المحددة، مشيرا إلى ثلاث محطات أساسية في العلاقة التعاقدية: إبرام الصفقة، تنفيذها، ثم انتهاء العقد، وطرح تساؤلات محورية حول مدى التزام الشركة بدفتر التحملات، وما إذا كانت قد توصلت فعلا بكافة مستحقاتها المالية.
وأضاف أن الشركة، وبحسب شهادة رئيس الجماعة السابق، التزمت بكامل تعهداتها التعاقدية، غير أن الجماعة لم تلتزم من جهتها بتسوية المستحقات المالية في وقتها، رغم المحاولات المتكررة التي قامت بها الشركة عبر قنوات ودية.
وشدد المحامي على أنه 'أمام هذا التعثر، لم تجد الشركة من خيار سوى اللجوء إلى القضاء، ملتمسة إجراء خبرة مالية مستقلة لتقدير مستحقاتها، والتي تم تحديدها مبدئيا في حدود ثلاثة ملايير سنتيم'.
ورغم صدور حكم ابتدائي يقر بأحقية الشركة في استيفاء مستحقاتها، دخل الطرفان في مفاوضات أسفرت عن التوصل إلى تسوية ودية حُدد بموجبها مبلغ مليارين سنتيم كقيمة نهائية للمستحقات، وتم توثيق ذلك رسميا في محضر قانوني.إلا أن الجماعة قررت الطعن في الحكم أمام محكمة النقض، رغم تأييده من طرف محكمة الاستئناف، ما أسفر عن نقضه وإعادة الملف إلى هيئة قضائية أخرى، استنادا إلى حجة مفادها أن الشركة لم تستوفِ جميع الإجراءات القانونية المفروضة.
وشدد الدفاع على أن الشركة قامت فعليا بمطالبة الجماعة بتنفيذ القرار المتعلق بمستحقاتها، غير أن الأخيرة امتنعت عن الاستجابة لهذا الطلب، ما دفع بالشركة إلى توثيق الواقعة بمحضر رسمي.
واستند الدفاع في ذلك إلى المادة 51 من دفتر التحملات، التي تتيح صراحة للطرفين اللجوء إلى القضاء أو إلى مسطرة التحكيم في حال نشوء نزاع، وهو ما لم تحترمه الجماعة، التي تجاهلت هذا الإجراء القانوني وامتنعت عن اتخاذ أي خطوة عملية لتسوية النزاع، مما يعكس، حسب الدفاع، تقاعسا مقصودا ساهم في تعقيد الوضع القانوني.
وقدم الدفاع مجموعة من الوثائق الرسمية قال إنها تؤكد أن الشركة أعادت إلى الجماعة الشاحنتين وجميع المعدات والآليات التي كانت في حوزتها مباشرة بعد انتهاء العقد، التزاما منها ببنود الاتفاق، بحسب تعبيره.
وزاد: 'هذه المعدات ظلت بحوزة الجماعة رغم أنها مملوكة قانونا للشركة، وهو ما يمكن التأكد منه، حسب الدفاع، عبر إجراء معاينة ميدانية بسيطة تثبت الوضعية الواقعية لهذه الآليات'.
وفي رده على الاتهامات الموجهة لموكله بشأن جريمة اختلاس المال العام، شدد المحامي على أن عناصر الجريمة المنصوص عليها في القانون غير متوفرة في هذا الملف. موضحا أن غياب أي اتفاق سابق أو تواطؤ بين الأطراف المعنية يلغي شرط العلم المشترك، كما أن أوراق الملف 'تخلو من أية قرينة قانونية أو مادية تثبت المشاركة أو النية الجنائية، مما يجعل التهمة، من وجهة نظر الدفاع، غير مؤسسة ولا يمكن البناء عليها قضائيا'.
أما بخصوص تهمة التزوير في محرر تجاري، فقد أوضح الدفاع أنها بدورها تفتقر إلى الأساس القانوني، مشيرا إلى أن الفواتير المثارة في هذا السياق لا تحمل توقيع المتهم، كما لم يتم التبليغ بشأنها أو تقديم ما يثبت علم المتهم بها، مضيفا أن الأفعال محل المتابعة مشمولة بالتقادم، إذ مرت أكثر من أربع سنوات على الواقعة، ما يسقط عنها صبغتها الجنائية، وفقا لما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل.
وفيما يتعلق بتهمة استغلال النفوذ، التي وُجهت للشركة بدعوى استفادتها من امتيازات غير مستحقة، فقد رد الدفاع بأن هذه التهمة، حتى في حال التسليم بوجودها، لا تعدو أن تكون جنحة خاضعة لمقتضيات المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تقر بسقوط المتابعة بالتقادم ما لم يتم اتخاذ إجراءات قضائية تَحول دون ذلك.
وأكد أن الجماعة لم تبادر إلى اتخاذ أي خطوة أمام الخازن العام أو الجهات المختصة لوقف تقادم هذه الجنحة، في الوقت الذي كانت فيه الشركة تبعث بإنذارات قانونية متكررة للمطالبة بمستحقاتها، في تعبير واضح عن حسن نيتها ورغبتها في تسوية الأمور بطرق مشروعة.
وفي النقطة المتعلقة بالمطالب المدنية، أردف الدفاع أن الجهة المدنية لم تدلِ بأي دليل يثبت تعرض الجماعة لضرر مباشر نتيجة الأفعال المتابع عليها المتهم، واعتبر أن عدم تبيان هذا الضرر يجعل من الدعوى المدنية غير مقبولة من الناحية القانونية، استنادا إلى أن شرط الضرر المباشر هو أحد الأعمدة الأساسية لقبول مثل هذه الدعاوى.
وأشار إلى أن المتضرر الحقيقي في هذه القضية هو الشركة ذاتها، التي عانت من عدم استخلاص مستحقاتها، ما اضطرها إلى سلوك المساطر القضائية لاسترداد حقوقها.
واختتم الدفاع مرافعته بطلب صريح موجه إلى المحكمة، التمس فيه التصريح بعدم اختصاصها للبت في الشق المدني من الملف، لغياب الضرر المباشر والموثق، ملتمسا براءة المتهم لفائدة اليقين، مؤكدا أن الملف يخلو من أدلة قطعية أو معطيات موثوقة يمكن البناء عليها لإدانته.