اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
شهدت كرة القدم الأوروبية في العقدين الماضيين تحولا لافتا على مستوى الملكية والتمويل، مع تزايد حضور الاستثمارات العربية التي لم تعد تقتصر على الرعاية التجارية، بل امتدت لتشمل الاستحواذ المباشر على أندية كبرى. هذا التحول، الذي ترجمته نجاحات رياضية متزايدة لأندية مدعومة عربيا، يعكس بعدا ماليا واستراتيجيا أوسع، يجعل هذه الاستثمارات أداة للقوة الناعمة والنفوذ الدبلوماسي.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة 'الشرق' بعنوان 'ماليا ورياضيا.. كيف غيرت الاستثمارات العربية وجه الكرة الأوروبية؟'، فإن هذه الاستثمارات تجاوزت مجرد الدعم المالي المحدود من رجال الأعمال، الذي كان سمة ما قبل عام 2000، لتصبح استحواذات استراتيجية عميقة. ويشير التقرير إلى أن أبرز الأمثلة على التغيير الجذري الذي أحدثته هذه الاستثمارات تشمل أندية مثل مانشستر سيتي المدعوم من أبوظبي، باريس سان جيرمان المدعوم قطريا، نيوكاسل يونايتد المملوك جزئيا لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وأستون فيلا المملوك جزئيا لرجل الأعمال المصري ناصف ساويرس.
ويفصل التقرير كيف أن هذه الاستحواذات، التي بدأت بشكل مؤثر باستحواذ 'مجموعة أبوظبي المتحدة' على مانشستر سيتي عام 2008، ثم 'قطر للاستثمارات الرياضية' على باريس سان جيرمان عام 2011، ودخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي عبر نيوكاسل عام 2021، ورجل الأعمال المصري ناصف ساويرس في أستون فيلا عام 2018، قد غيرت أداء هذه الأندية جذريا. فبعدما كانت بعضها تعاني من تراجع النتائج وغياب عن المنافسات الأوروبية الكبرى، حققت بعد الاستحواذ العربي ألقابا محلية وأوروبية، وتأهلت لمسابقات مرموقة، واستقطبت نجوما عالميين ومدربين من النخبة، بفضل استثمارات ضخمة في شراء اللاعبين وتطوير البنية التحتية.
ومع ذلك، يوضح التقرير أن طريق هذه الاستثمارات لم يكن خاليا من التحديات. فقد واجهت اتهامات بتلقي دعم حكومي غير عادل مما يؤثر على المنافسة، كما فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قيودا على ملكية أكثر من نادٍ من قبل جهة واحدة، وتم استحداث لوائح تحد من صفقات الرعاية بين الأندية والشركات التابعة لنفس المالكين، في محاولة لضبط الإنفاق وتعزيز مبدأ اللعب المالي النظيف.
لكن التقرير يشدد على أن تأثير هذه الاستثمارات تجاوز الجانب الرياضي البحت. فقد أسهمت في رفع القيمة السوقية لهذه الأندية بشكل كبير، وزيادة إيراداتها السنوية لتصل إلى مراتب متقدمة عالميا، كما في حالة مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان. وامتد التأثير ليشمل تطوير العلامات التجارية للأندية لتحويلها من كيانات محلية إلى علامات عالمية، وتحسين البنية التحتية للملاعب ومرافق التدريب، وتعزيز التفاعل الجماهيري.
أما البعد الاستراتيجي الأهم لهذه الاستثمارات، حسب التقرير، فيكمن في دورها كأداة فعالة لتعزيز حضور الدول المستثمرة على الساحة الدولية عبر 'القوة الناعمة'. فمن خلال النجاح الرياضي والتواجد في قلب كرة القدم الأوروبية، رسخت دول مثل الإمارات وقطر والسعودية مواقعها وعززت صورها في العواصم الغربية، وساهمت في التعريف بمشاريعها الوطنية الكبرى مثل رؤية السعودية 2030، واستضافة الأحداث العالمية مثل كأس العالم.
وخلص تقرير 'الشرق' إلى أن الاستثمارات العربية لم تقتصر على إعادة تشكيل المشهد التنافسي في كرة القدم الأوروبية ماليا ورياضيا فحسب، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات الدول المستثمرة لتعزيز نفوذها وقوتها الناعمة على المستوى العالمي.