اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٢ نيسان ٢٠٢٥
كشفت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بنحيى، أن نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أبرزت تغيرات مهمة مست بنية الأسرة، سواء من حيث العلاقة بين مكوناتها، أو من حيث أدوارها والوظائف التي تقوم بها مما عزز تحولات ستترك تأثيرها على المدى البعيد، إن لم تواجه بسياسات عمومية مندمجة وفعالة، وفق تعبيرها.
وحسب العرض الذي قدمته بنيحيى، صبيحة اليوم الثلاثاء أمام أنظار لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، حول 'الأسرة المغربية على ضوء نتائج الإحصاء العام لسنة 2024″، فقد ارتفع عدد الأشخاص المسنين، حيث بلغ نسبة السكان البالغين 60 سنة في سنة 2024، 5 ملايين نسمة، فيما بلغ عدد النساء المسنات حوالي 2.3 مليون سنة 2022.
ووفق المصدر ذاته فيمثل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 سنة أكثر من نصف (58.8%) إجمالي كبار السن، بينما تبلغ نسبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 70 و 79 سنة 28.3% و 12.9% بالنسبة للأشخاص الذين تفوق أعمارهم 80 سنة.
ارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية والصحية
أبرز العرض الذي قدمته وزيرة التضامن أن 'النتائج الإحصائية لسنة 2024 لها تأثيرات على المستوى الديموغرافي والاجتماعي والاقتصادي، من بينها أن الانخفاض الحاد في معدل الخصوبة يهدد تجديد الأجيال، فضلا عن خطورة تداعياته المتعلقة باختلال الهرم السكاني'.
وشددت المسؤولة الحكومية على أن 'تسارع شيخوخة السكان بحدة تصل نسبة المسنين إلى أكثر من 25% في أفق 2050، يزيد الضغط على الرعاية الصحية والاجتماعية وارتفاع تكاليفها، مع ازدياد العبء على الفئات النشيطة، وبالتالي تفاقم تآكل التوازن المالي لأنظمة التقاعد والرعاية الصحية'.
وأشارت إلى أن هذه التحولات تؤثر سلبا على توازن الهرم السكاني على المدى المتوسط والبعيد، وعلى استدامة النظم الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما صناديق التقاعد والحماية الاجتماعية، ملفتة أن هذه التحولات لا تقتصر آثارها على الحاضر، بل تنذر بإعادة تشكيل شاملة لوظائف ودور الأسرة على المدى المتوسط والبعيد، مع انعكاسات اقتصادية، اجتماعية، ومؤسساتية متشابكة.
انكماش حجم الأسرة وعمل المرأة يفرز توترات أسرية
أكدت نعيمة بنيحيى أن هذه النتائج 'ستحول وظيفة الرعاية من خلال تقلص دور الأسرة في رعاية كبار السن بسبب ضيق الوقت وارتفاع تكلفة المعيشة، مما يفرض ضغطا إضافيا على الدولة لتطوير بدائل للرعاية الأسرية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والصحية'، فضلا عن 'انكماش حجم الأسرة مما يؤثر، وفق تعبيرها، على آليات الدعم النفسي والاجتماعي الداخلي، ويزيد من هشاشة بعض الفئات (المسنون، النساء في وضعية عزلة، الطفولة الصغرى).
ومن بين التأثيرات الاجتماعية أيضا، تحول في العلاقات الأسرية حيث ذكرت المسؤولة الحكومية أن 'دخول المرأة بقوة إلى سوق الشغل، وصعوبة الملاءمة بين الحياة المهنية والأسرية ستفرز توترات أسرية كبيرة مما يخلق تحديات في التوفيق بين الوظيفة وأدوارها الأسرية، ويستدعي اعتماد سياسات داعمة (تثمين العمل المنزلي، تكريس مبدأ الرعاية المشتركة في تدبير الشأن الأسري، تعميم دور الحضانة للطفولة الصغرى والإجراءات التحفيزية الداعمة للتكفل بالغير، العمل المرن، الإجازات الوالدية…)'.
وحسب العرض ذاته، فإن النتائج الإحصائية لها تأثيرات اجتماعية أخرى من بينها 'ارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسري والاستغلال مما يهدد بتفاقم مشاكل الاجتماعية والصحة النفسية مع تراجع التضامن بين الأجيال والترابط الاجتماعي مما يهدد صلاحية النسيج الأسري والوطني والتمسك بقيم الانتماء والهوية المغربية والمواطنة'.
تزايد الضغط المالي على الأسر
أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والمرأة أنه 'مع تقلص حجم الأسر وتزايد عدد المسنين والمعاقين، ستواجه الأسر عبئاً مالياً أكبر، لتغطية تكاليف الرعاية الصحية والمعيشية لكبار السن والطفولة الصغرى والأشخاص فاقدي السند العائلي'، مشيرة إلى أن 'تقلص مساهمة أفراد الأسر الممتدة يؤثر على كلفة التعليم، والصحة، والسكن، ويشكل عبئا على دخل الأسر، خصوصا لدى الطبقات المتوسطة والهشة'.
ومن بين التأثيرات الاقتصادية لنتائج إحصاء 2024، حسب المسؤولة الحكومية، 'ضعف الاستقلالية الاقتصادية للشباب بسبب تأخر الولوج للعمل يفرز تأخرا في سن الزواج وبقاء الشباب لفترات أطول داخل بيت الأسرة، دون استقلال اقتصادي، مما يعني استمرار الأسرة في الإنفاق عليهم لسنوات إضافية'، إضافة إلى أن 'ارتفاع نسبة البطالة، خصوصا بين الشباب والنساء، يعمق الفجوة الاقتصادية داخل الأسرة، ويؤخر بناء أسر جديدة.'
وشددت بنيحيى على أن 'استنزاف مداخيل الأسر التي تضطر لتحمل جزء كبير من التكاليف المتزايدة بسبب ارتفاع الطلب على الرعاية الطبية والدعم الصحي طويل الأمد للمسنين وفاقدي الاستقلالية، يستوجب تعزيز التغطية الصحية الشاملة والتقاعد المناسب لكبار السن'، كما أن 'تراجع الولادات وعدم تعويض الأجيال، سيؤدي إلى انكماش في عدد السكان النشيطين، مما يؤثر على النمو الاقتصادي'، وفق تعبيرها.