اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
شهدت جلسة محاكمة الرئيس السابق لجماعة بوزنيقة، محمد كريمين، أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، دفوعات قانونية قوية من طرف هيأة الدفاع، التي وصفت تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية بـ'العبثي' و'المفتقر للشرعية القانونية'، في سياق ما بات يُعرف بملف 'صفقات النظافة'.
ويتابع في هذا الملف كل من محمد كريمين، وعبد العزيز البدراوي، الرئيس الأسبق لنادي الرجاء البيضاوي وصاحب شركة 'أوزون'، إضافة إلى مهندس جماعي سابق، بتهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، فضلاً عن التزوير.
وخلال جلسة المرافعة التي ترأسها القاضي علي الطرشي، شدد دفاع كريمين على أن التهم الموجهة إلى موكله مبنية على وقائع بسيطة جرى تضخيمها ومنحها توصيفات قانونية متعددة، دون أن يرتكز ذلك على أدلة دامغة، معتبرا أن تقرير المفتشية، الذي استندت عليه النيابة العامة، لا يتضمن مؤشرات تثبت حصول اختلاس لأموال عامة.
وفي معرض تفكيكه لمضمون التقرير، طعن الدفاع في صلاحيات المفتشية العامة، مؤكداً أن مهامها محددة تنظيمياً ولا تشمل تقييم أداء رؤساء الجماعات أو إجراء افتحاصات مالية شاملة، وهو ما اعتبره 'تجاوزاً خطيراً' يمس بمبدأ الشرعية ويكرس 'العبث الإداري'.
واعتمد الدفاع على المادة 107 من قانون المحاكم المالية، مشدداً على أن اختصاص الافتحاص المالي منوط بالمجلس الأعلى للحسابات دون سواه، وأن أية ممارسة من طرف مفتشي الداخلية في هذا الإطار تُعد خروجاً عن الاختصاص و'تحايلاً قانونياً' يضر بحقوق المتهمين.
كما أشار المحامي إلى أن تحريك الدعوى العمومية يفترض أن يتم حصراً عبر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، باعتباره رئيس النيابة العامة، وليس بناء على تقارير إدارية، ما يجعل الأساس القانوني للمتابعة محل تساؤل مشروع.
ولم يفت الدفاع التنديد بتسريب مضمون تقرير المفتشية إلى الرأي العام، رغم أن الملف لا يزال رهن التحقيق، واصفاً هذا السلوك بأنه 'جريمة قائمة الذات' تمس بحق المتهم في محاكمة عادلة، متسائلًا إن كان موكله ضحية لعبد العزيز البدراوي أو العكس، داعياً المحكمة إلى التريث في تقييم الأدوار والوقائع.
وأضاف الدفاع أن علاقات الشراكة التي تربط الجماعة بشركة 'أوزون' تصب في مصلحة المرفق العام، ولا تشير إلى أي استغلال أو منفعة شخصية، وبهذا المنطق، فإن قرارات الرئيس السابق للجماعة كانت مؤطرة قانوناً وتخدم الصالح العام.
أما بخصوص الاتهام باستغلال المال العام، فقد أكد الدفاع أن الجريمة المفترضة سقطت بالتقادم، وأن تسليم محمد كريمين لشهادة تقادم يُعد من صميم صلاحياته كرئيس جماعة، ولا يمكن اعتباره إخلالاً أو تجاوزاً قانونياً.
وتناول الدفاع كذلك تهمة التزوير، مؤكداً غياب أي دليل على تورط موكله، ومعتبراً أن التوصيف القانوني غير متطابق مع الأفعال المعروضة، مستندا في ذلك إلى اجتهادات قضائية مغربية وأخرى دولية، بينها قرارات صادرة عن محكمة النقض الفرنسية، والتي تشترط توفر نية التزوير إلى جانب عناصره المادية والمعنوية لإثبات الجرم.
وشدد المحامي على أن القضاء المغربي نفسه يعتبر جريمة تبديد المال العام من الجرائم العمدية، التي لا تقوم إلا بتوفر نية واضحة وقصد جنائي صريح، مذكّراً بأن الأصل في القضاء هو قرينة البراءة.
وفي ختام مرافعته، طالب الدفاع ببراءة موكله، مؤكدا أن مطلبه نابع من ثقة راسخة في عدالة القضاء، ومن قناعة بأن ما طاله من اتهامات لا يستند إلى أساس قانوني صلب، بل إلى تأويلات فضفاضة لمعطيات محدودة، واختتم بالقول: 'العدالة وحدها قادرة على رفع الظلم وإنصاف المتابعين في هذا الملف المعقد'.