اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٩ نيسان ٢٠٢٥
أعلنت فرنسا أول أمس الاثلاثاء، وفي خطوة تصعيدية، طرد 12 دبلوماسيا جزائريا واستدعاء سفيرها لدى الجزائر للتشاور، ردا على قرار جزائري مماثل. ويأتي هذا التوتر بعد توقيف فرنسا لموظف في القنصلية الجزائرية يُشتبه في تورطه بمحاولة اختطاف المعارض الجزائري أمير بوخرص، المعروف بـ'أمير دي زد'، والذي يتمتع بحق اللجوء السياسي في فرنسا.
ووصفت باريس القرار الجزائري بأنه قرار غير مبرر ولا يمكن فهمه، ويتجاهل القواعد الأساسية لإجراءاتها القضائية. وحمّلت السلطات الجزائرية كامل المسؤولية عن التدهور الحاد الذي طرأ على علاقات البلدين الثنائية.
وفي ظل التصعيد المتسارع بين باريس والجزائر، يرى مراقبون أن بيان قصر الإليزيه الأخير يشكل منعطفًا حادًا وغير مسبوق في خطاب فرنسا تجاه النظام الجزائري، ويكشف عن تبدّل عميق في منهجية التعامل الفرنسي مع ما اعتبرته تهديدات مباشرة لأمنها القومي.
وفي تصريح خص به جريدة 'العمق'، قدّم الإعلامي الجزائري، وليد كبير، قراءة تحليلية لهذا الموقف الفرنسي، متوقفا عند دلالاته السياسية، وأبعاده الأمنية، وانعكاساته المحتملة على مستقبل العلاقات بين البلدين. وأكد أن البيان الصادر عن قصر الإليزيه بشأن طرد 12 دبلوماسيا جزائريا واستدعاء السفير الفرنسي في الجزائر للتشاور، يمثل تحولا غير مسبوق في لهجة باريس، ويعكس تخلّيها عن سياسة المجاملة والخصوصية التاريخية التي طالما طبعت علاقتها مع النظام الجزائري.
وأوضح المتحدث أن صدور البيان عن قصر الإليزيه مباشرة، وليس عن وزارة الخارجية، يدل على أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر التدخل شخصيا في هذا الملف واتخاذ موقف صارم تجاه ما وصفه بـ'الخرق الجسيم' للقواعد القضائية الأساسية. وأضاف أن الطرد المتبادل للموظفين الدبلوماسيين يكشف تصعيدا غير مسبوق منذ عقود، ويضع الجزائر في موقف 'المدان' دوليا.
واعتبر المتحدث أن اللهجة الحادة التي طبع بها البيان، والتي تضمنت وصف القرار الجزائري بـ'غير المبرر وغير المفهوم'، تعكس رفض فرنسا القاطع لمبررات الجزائر، محمّلة إياها مسؤولية التدهور الحاد في العلاقات بين البلدين.
وأشار كبير إلى أن الأزمة تعود جذورها إلى ملفات أمنية بالغة الخطورة، من بينها مخطط اغتيال وعمليات تجسس تورطت فيها جهات استخباراتية جزائرية عبر موظفين في البعثة الدبلوماسية بالتراب الفرنسي، وهو ما اعتبرته باريس تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وأضاف أن الجزائر حاولت الالتفاف على هذه الوقائع عبر التذرع باتفاقية فيينا لحماية المتورطين، إلا أن باريس قررت أخيرا كسر صمتها والتخلي عن سياسة ضبط النفس التي ميزت تعاطيها مع النظام الجزائري منذ استقلال هذا البلد عام 1962.
وفي سياق متصل، لفت الناشط إلى أن البيان الفرنسي جمع بين الحزم والانفتاح، حيث أكد في ختامه على أهمية استئناف الحوار الثنائي، معتبرا أن مصلحة البلدين تقتضي تجاوز الخلافات، مستشهدا بزيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر في 6 أبريل الجاري، والتي وُصفت حينها بالمبادرة الإيجابية.
غير أن المتحدث شدد على أن ما صدر عن قصر الإليزيه يحمل دلالات سياسية تتجاوز حادث الطرد، إذ يبعث برسالة مفادها أن فرنسا لن تتراجع عن مواقفها السيادية، وعلى رأسها دعمها المتنامي لمغربية الصحراء. واعتبر أن محاولة النظام الجزائري الضغط لتليين الموقف الفرنسي باءت بالفشل، مشيرا إلى أن باريس أكدت تمسكها بموقفها من السيادة المغربية خلال اللقاء الأخير بين وزيري خارجية المغرب وفرنسا.
وختم الناشط الإعلامي الجزائري تصريحه بالقول إن النظام الجزائري اختار الدخول في مواجهة خطيرة مع باريس في توقيت غير مناسب وسياق دولي لا يصب في مصلحته، خاصة في ظل توتر علاقاته مع عدة دول وتنامي عزلته الإقليمية والدولية، ما يجعل من هذه الأزمة محطة فاصلة في مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية.