اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
كشفت مصادر برلمانية مطلعة لجريدة 'العمق'، عن الخطوط العريضة لمذكرة قوى المعارضة ، لطرح ملتمس الرقابة الذي ولوحت به في وقت سابق لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، مشيرة إلى أن مكونات المعارضة تداولت خلال اجتماع رؤساء فرقها النيابية مساء أمس الأحد في مسودة الوثيقة التي ينتظر أن تحال على أنظار مجلس النواب في غضون الأيام القليلة المقبلة.
ولم تتمكن فرق مجموعة المعارضة خلال اجتماعها يوم أمس الذي استغرق حوالي 3 ساعات، من الحسم النهائي في الصيغة النهائية للمذكرة المتعلقة بملتمس الرقابة. وأكدت مصادر الجريدة أنه رغم ذلك هناك حرص كبير من طرف جميع المكونات على إنجاح هذه المبادرة وتحصينها من أي تشويش قد يهدد بفشلها، مشددة على أن رؤساء الفرق تعهدوا بإبعاد هذه المبادرة المشتركة عن أي حسابات سياسية أو تموقعات سياسية.
وأوضحت مصادر الجريدة، أن تقديم هذه المبادرة البرلمانية الأولى من نوعها في ظل دستور 2011، يأتي في أعقاب محاولة الحكومة وأغبيتها البرلمانية الالتفاف على فكرة تشكيل لجنة لتقصي حقائق حول دعم استيارد القطيع واللحوم الحمراء، والذي رافقه جدل سياسي كبير وتضارب في المعطيات والأرقام، خاصة داخل أحزاب الائتلاف الحكومي نفسها.
إقرأ أيضا: المعارضة تضع اللمسات الأخيرة لتقديم ملتمس الرقابة.. والبيجدي يدعم المبادرة
وأشارت المصادر نفسها، إلى أن حزب الاستقلال أحد أقطاب الأغلبية الحكومية أقر على لسانه أمين العام، بمراكمة أرباح 'غير أخلاقية' من دعم استيراد الماشية، علما أن وزير الصناعة والتجارة المسؤول المباشر عن العلمية ينتمي إلى هذا الحزب، وهو ما يجعل الحكومة في موقع 'المتواطئ' ضد البرلمان وضد حق الراي العام في معرفة الحقائق المراد إخفاؤها من خلال تحرك الأغلبية لإقبار المبادرات الرقابية للمعارضة بهذا الخصوص.
المسألة الثانية التي دفعت المعارضة متجتمعة إلى التفكير في طرح ملتمس الرقابة في السنة الأخيرة من عمر الحكومة هو تنصل الحكومة من كثير من التزامات برنامجها الحكومي الذي نال ثقة البرلمان، وعلى رأس ذلك التشغيل الذي تراجعت فيه الحكومة عن تعهدها بإحداث مليون منصب شغل، في وقت بلغت فيه أرقام البطالة مستويات قياسية.
فضلا عن ذلك، تراجعت الحكومة حسب قوى المعارضة عن وعد إخراج مليون أسرة من الفقر، وعن مدخول كرامة لفائدة المسنيين، وعن الرفع من تمثيلية النساء، مؤكدة أن الوضعية الصعبة التي يجتازها الاقتصاد الوطني تؤكد محدودية النموذج التنموي المعتمد، وذلك حسب احصائيات المندوبية السامية للتخطيط أمام التنامي المضطرد للواردات مما يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة الأمر الذي يفرض تأهيل النسيج الاقتصادي المغربي بهدف الرفع من نسبة الصادرات.
وينص الفصل 105 من الدستور المغربي على أنه “لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، على انه لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم”.
ووفق المادة 252 من النظام الداخلي لمجلس النواب'يودع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة يسلمها له أحد الموقعين على الملتمس مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها وعند الاقتضاء إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين يأمر الرئيس بنشر ملتمس الرقابة وأسماء الموقعين في المحضر ونشرة المجلس الداخلية وموقعه الالكتروني'.
وتعتبر مكونات المعارضة، أن أحد أسباب تحركها لطرح ملتمس الرقابة في خطوة تهدف إلى إثارة المسؤولية السياسية للحكومة، هي إخفاق الحكومة في عدد من الملفات وضمنها إعمار المناطق المتضررة من الزلزال وتطبيعها مع الفساد وتضارب المصالح وعجزها عن مواجهة موجة الغلاء، خاصة أن مسألة الأمن الغذائي مرتبطة، بالسياسات العمومية الهادفة إلى ضمان العيش الكريم، وحماية القدرة الشرائية للمغاربة.
مسألة أخرى، دفعت قوى المعارضة إلى التحرك من أجل طرح ملتمس الرقابة في الأمتار الأخيرة من عمر حكومة أخنوش، ومن المقرر أن تتضمن مذكرة الملتمس، ويتعلق الأمر بما تعتبره الأخيرة 'خروقات الحكومة المتكررة لأحكام الدستور' من خلال امتناع رئيس الحكومة عن المثول أمام البرلمان في إطار الجلسة الشهرية، وغيابات الوزراء المتكررة دون أعذار مقبولة عن جلسات ولجن البرلمان، فضلا عن تجاهل وإقصاء المبادرات الرقابية والتشريعية للمعارضة.
في غضون ذلك، كشفت مصادر الجريدة، أن هناك اجتماعا سينعقد اليوم الاثنين بين إدارات الفرق والمجموعات النيابية من تدقيق صياغة وثيقة المذكرة الترافعية الخاصة بملتمس الرقابة طبقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، أخذ بعين الاعتبار الملاحظات والاقتراحات التي أثارها رؤساء الفرق خلال اجتماعهم يوم أمس الأحد.
هذا، وعرفت التجربة البرلمانية في المغرب تقديم ملتمسين للرقابة، الأول عام 1964 والثاني عام 1990، ولم يؤدّ أي منهما إلى إسقاط الحكومة، نظرا إلى القيود الدستورية التي تعرفها هذه الآلية السياسية.ففي 1964، ومع أول تجربة برلمانية عرفها المغرب آنذاك (1963-1965)، تقدمت المعارضة البرلمانية بملتمس الرقابة ضد الحكومة، في محاولة لإسقاط حكومة با حنيني، وقد وقع هذا الملتمس 24 نائبا، لكنه فشل بسبب عدم وجود الأغلبية المطلقة والتي تتمثل في تصويت 73 نائبا وفق مقتضيات دستور 1962 في فصله الـ81.
وفي سنة 1990، عاد ملتمس الرقابة للظهور في البرلمان المغربي، وهو ما كان متوقعا قبل 1990 بسنوات، ووُجه ضد حكومة العراقي، ووقعه نواب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال إضافة إلى منظمة العمل وحزب التقدم والاشتراكية، وصوت لصالحه 82 نائبا بينما عارضه 200 آخرين.