اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٥ شباط ٢٠٢٥
أثارت الأرقام التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط فيما يتعلق بارتفاع معدل البطالة إلى 13.3% خلال سنة 2024 بزيادة 0.3 نقطة عن سنة 2023، مخاوفة عديدة، حيث ارتفع عدد العاطلين ما بين سنتي 2023 و2024 بـ 58 ألف شخص بزيادة قدرها 4% مقارنة بسنة 2023، فيما بلغت نسبة المشتغلين من ذوي الشهادات العليا 19.1% مقارنة بـ 48% من النشيطين الذين لا يتوفرون على أية شهادة.
وتعكس الأرقام المعلن عنها من قبل المندوبية استمرار التحديات البنيوية التي تواجه سوق الشغل المغربي، فرغم إحداث 82.000 منصب شغل بين سنتي 2023 و2024، فإن ارتفاع حجم البطالة بـ 58.000 شخص يعكس عدم قدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب الطلب المتزايد على فرص الشغل.
مندوبية بنموسى أشارت إلى الهوة الشاسعة بين الوسطين الحضري والقروي، خاصة وأن إحداث مناصب الشغل كان محصورا في المدن، بينما فقدت المناطق القروية 80.000 منصب، فيما فقد قطاع الفلاحة والغابة والصيد 137.000 منصب شغل.
في هذا السياق أشار المحلل الاقتصادي، علي الغنبوري، إلى أن ' السمة البارزة بالنسبة لهذه المعطيات هي فقدان مناصب الشغل في قطاع الفلاحة، الذي فقد لوحده 137.000 منصب، وهو ما يعكس التأثير العميق لتراجع النشاط الفلاحي في المغرب'.
وأعزي المتحدث هذا النزيف في مناصب الشغل الفلاحية إلى الجفاف البنيوي الذي أصاب البلاد لأكثر من خمس سنوات متتالية، والذي أثر بشكل مباشر على المردودية الفلاحية ومستوى الإنتاج، خاصة في ظل اعتماد شريحة واسعة من الساكنة القروية على الفلاحة كمصدر رئيسي للدخل.
وشدد المحلل الاقتصادي في تصريح لـ 'العمق' على أن الأمر المقلق في هذه المعطيات هو ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 13.3%، وهو مؤشر يعكس هشاشة سوق الشغل، خصوصا بالنسبة لفئات الشباب (36.7%) وحاملي الشهادات (19.6%) والنساء (19.4%)، كما أن استمرار ارتفاع الشغل الناقص الذي بلغ 1.082.000 مليون شخص، سواء في المدن أو القرى، يظهر أن العديد من العاملين يشتغلون في وظائف لا توفر لهم دخلا كافيا أو لا تتناسب مع مؤهلاتهم.
وفي الجانب المتعلق بارتفاع النشيطين المشتغلين الذين لا يتوفرون على شهادة (48%)، مقارنة بالمشتغلين الحاصلين على شهادة عليا (19.1%)، أكد الغنبوري أن ' هذه الأرقام تعكس بنية سوق الشغل المغربي الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على القطاعات غير المؤهلة، مثل الفلاحة والبناء، والاقتصاد غير المهيكل، حيث لا يشترط الحصول على شهادة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد فرص العمل الناقص بشكل كبير جدا'.
وحسب المتحدث فإن العمل الناقص يشير إلى الوضعيات التي يكون فيها العاملين إما مشتغلين لساعات أقل مما يرغبون فيه، أو يعملون في وظائف لا تستغل مؤهلاتهم وقدراتهم بالشكل الأمثل، حيث يتمثل هذا النوع من التشغيل في فئات واسعة تشتغل في مهن غير مستقرة أو ذات مردودية ضعيفة، مثل الأعمال الموسمية، والمهن غير الرسمية.
هذا وعلل المحلل محدودية نسبة حاملي الشهادات العليا المندمجين في سوق الشغل، بـ ضعف الملائمة بين التكوين الجامعي ومتطلبات السوق، إذ نجد أن العديد من الخريجين يعانون من قلة الفرص الملائمة لتخصصاتهم، إضافة إلى ذلك هناك تفضيل واضح من قبل المشغلين للخبرة العملية على حساب الشهادات الأكاديمية، ما يجعل إدماج الخريجين الجدد أكثر صعوبة.
وأوضح الغنبوري أن ارتفاع معدل البطالة لدى هذه الفئة، يعود إلى محدودية بعض فرص الشغل ذات القيمة المضافة العالية، والتي تستقطب حاملي الشهادات العليا، مقارنة بالطلب المتزايد.
وفي سياق متصل، شرح المحلل أن الحد من ارتفاع معدل البطالة، يستوجب من الحكومة تحفيز الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل التكنولوجيا والصناعات التحويلية، إضافة إلى دعم المقاولات الصغرى باعتبارها محركا رئيسيا لخلق فرص العمل.
كما دعا المتحدث عينه الحكومة إلى تعزيز برامج التشغيل الموجهة للفئات الهشة خاصة الشباب غير الحاصلين على شهادات، عبر آليات تحفيزية لتشجيع اندماجهم المهني، مسجلا، بالقول إن دعم الفلاحة عبر حلول مبتكرة للتكيف مع الجفاف وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يمكن أن يساهم أيضا في توفير فرص شغل مستدامة وتقليص الفوارق بين المجالين الحضري والقروي.
وخلص المحلل الاقتصادي، علي الغنبوري، قائلا 'يمكننا القول إن خارطة الطريق الحكومية التي تشمل تخصيص 14 مليار درهم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات تشكل خطوة مهمة نحو تحفيز سوق التشغيل وخلق فرص شغل جديدة'.