اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
حاورته: رشيدة أبومليك
كشف رئيس جماعة تبانت (آيت بوكماز) بإقليم أكدز، خالد تكوكين، أن التأخر التنموي الذي تعاني منه المناطق الجبلية لا يرتبط فقط بمحدودية الموارد، بل أساسا بـ'نظرة سياسية سلبية' تتعامل مع هذه المناطق كخزانات انتخابية سهلة القيادة، بفعل العوز التنموي الذي تعانيه.
ويرى رئيس تيكوكين في حوار مع جريدة 'العمق' أن المغاربة يُجمعون على أن المناطق الجبلية تعيش تأخرا تنمويا واضحا، غير أن ما يثير استياءه هو أن فتح ملفات هذه التنمية لا يتم إلا بعد وقوع أحداث استثنائية، من قبيل زلزال الحوز، أو الحوادث المأساوية التي تقع بسبب هشاشة المسالك الطرقية، أو احتجاجات قوية مثل المسيرة الأخيرة التي شهدتها آيت بوكماز.
وأشار إلى أن إمكانيات العمل داخل الجماعات القروية تظل محدودة بشكل كبير، بالنظر إلى ضعف الموارد المالية، موضحا أن مداخيل هذه الجماعات تعتمد بشكل رئيس على الضريبة على القيمة المضافة، المرتبطة بعدد السكان، في حين أن المناطق القروية، رغم شساعة مجالها الترابي، تعرف كثافة سكانية ضعيفة، ما يجعل كلفة إنجاز المشاريع مرتفعة مقابل مداخيل محدودة، تعيق تحقيق تطلعات الساكنة وتلبية الحد الأدنى من حاجياتها الأساسية.
وفي ما يخص النقاش حول أداء بعض رؤساء الجماعات في العالم القروي، اعتبر تكوكين أن خصوصيات هذه المناطق، من بساطة ساكنتها، وارتفاع معدلات الأمية، وضعف إدماج النساء في التنمية، وتفشي الهدر المدرسي، تؤثر بشكل مباشر في طبيعة النخب المحلية التي تفرزها صناديق الاقتراع، حيث غالبا ما يكون الرئيس واحدا من أبناء المنطقة بإمكانيات محدودة، وهو ما يعكس واقعا بنيويا لا يمكن تحميل مسؤوليته للأفراد فقط.
وانتقد رئيس الجماعة، في حوار مع جريدة 'العمق' الاتهامات الموجهة إليه باستغلال المسيرة الاحتجاجية التي انطلقت من آيت بوكماز نحو مقر عمالة أزيلال، معتبرا أن هذه الاتهامات تفتقد للحد الأدنى من المعرفة والمعقولية، خاصة أن موقفه المبدئي كان رافضا لتنظيم المسيرة بصيغتها تلك.
وأوضح تكوكين، أنه كان قد اقترح أن يتم تنظيم وقفة احتجاجية محلية، بدلا عن المسيرة، لكن الساكنة اختارت شكل المسيرة، وهو ما دفعه لاحقا إلى الانخراط فيها تفاديا لانزلاقها خارج إطارها المنظم، مضيفا أن الاتهامات الموجهة إليه باستغلالها انتخابيا، يصح إن وجه لعدد من الأطراف، الذين حاولوا تصريف أجندتهم خلال المسيرة، أو لمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، حاولوا ركوب الموجة واستغلال زخم المسيرة.
وأكد أنه يتفهم من يرى أن رئيس جماعة لا يجب أن يقود مسيرة، بل أن يشتغل من داخل المؤسسات ويقوم بالترافع وتدبير الملفات، مضيفًا: 'اتفق مع هذا الطرح، وهذا ما حاولنا القيام به، لكن لن أتحدث عمّا أنجزناه، فالأمر متروك للمواطنين للإجابة عنه'.
وأشار رئيس الجماعة إلى أن الملف المطلبي الذي رفعه سكان آيت بوكماز لا يتعلق بمطالب ظرفية أو موسمية، بل هو امتداد لمسار طويل من الترافع داخل الجماعة. وقال: 'مسألة الطبيب أدرجناها مرات عديدة، وخصصنا له السكن، لكن دون جدوى. الإنترنت أيضا حاولنا ما استطعنا، والطريق هي شريان الحياة في الجبل'.
وفي سرده لتفاصيل تنظيم المسيرة الاحتجاجية التي شهدتها منطقة آيت بوكماز، أشار إلى أن الحديث عن المسيرة يعود سنويا إلى مناسبة عيد الأضحى، التي تشهد تجمعا عائليا وعودة العمال والطلبة إلى قراهم، ما يجعلها فرصة لمقارنة واقع المناطق الجبلية بباقي المدن.
ولفت إلى انه مع تعيين عامل جديد بالإقليم، من قبل الملك محمد السادس، تقدم بصفته رئيسا للجماعة بطلب لقاء منذ أكثر من شهر لبحث مشاكل المنطقة وبدء التعاون مع الإدارة الإقليمية الجديدة، دون أن يتلقى أي رد.
وأضاف تكوكين، أن اللجنة المنظمة للمسيرة شرعت في تجهيز الملف المطلبي، وتشكيل لجان التنظيم، في الوقت الذي تلقى فيه جوابا من عامل الإقليم بتحديد موعد اللقاء، يوم الاثنين الماضي، لقترح تكوكين مشاركة ممثلين عن المجتمع المدني، لكن في اليوم السابق للاجتماع تم إبلاغه بالحضور منفردا فقط، للقاء، الذي وصفه بالمطول، حيث تم خلاله مناقشة 15 نقطة مطلبية، قبل أن يعود إلى الساكنة ويشاركهم نتائج اللقاء التي لم ترقى إلى إقناعهم لغياب ضمانات واضحة وتنظيم زمني محدد لتنفيذ المطالب.
وفي ظل استمرار الساكنة في الاستعداد للمسيرة التي تم تنفيذها يوم الأربعاء، قرر تكوكين المشاركة معهم كنوع من التأطير والحفاظ على الشكل النضالي المنظم، مشيرا إلى أن مشاركته لم تكن تدخلا تنظيميا، بل حرصا على سلامة المتظاهرين، خصوصا بعد منع قوات الأمن مرور السيارات في منطقة جبلية شديدة الوعورة.
وواصل رئيس الجماعة سرد تفاصيل اللقاء مع عامل الإقليم بعد المسيرة، موضحا أن تمثيلية الساكنة ضمت 28 شخصا يمثلون 33 دوارا، تقدمت بالملف المطلبي الذي اشتمل على 5 أو 6 نقاط رئيسية، مع الإشارة إلى أن ملف الجماعة الأصلي كان أكثر شمولا ويتضمن 15 مطلبا، وتلقى المشاركون وعدا من العامل بتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، منها توفير طبيب وربط المنطقة بشبكة الإنترنت، والتي شرعت أشغالها على الفور، مع الاتفاق على متابعة بقية النقاط في المستقبل.
ولفت المتحدث إلى أن مخرجات اللقاء أزالت قلق الساكنة بعد فترة ضغط استمرت خلال المسيرة، مضيفًا أن التفاعل الإعلامي أضاف بعدًا آخر للقضية، لكنه أعرب عن أمله في أن تكون هذه الخطوات بداية حقيقية لتحسين واقع التنمية في المناطق الجبلية التي طالما عانت من الإهمال والتهميش.