اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
قالت المجلة الفرنسية 'جون أفريك' إن الكشف عن تلقي عناصر تابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية التي تتواجد بمخيمات تندوف التابعة للجزائر على يد إيران. يعتبر انتكاسة سياسية ثقيلة قد تتجاوز تداعياتها حدود ملف الصحراء.
وأشارت المجلة استنادا إلى معطيات التحيقيق الذي نشرته صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية إلى تصاعد الأصوات المطالبة بتصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي، بالرغم من النفي القاطع الذي تصر عليه قيادة البوليساريو الانفصالية تجاه ما ورد في تحقيق واشنطن بوست، مؤكدة أن النائب الجمهوري جو ويلسون، يقود هذا المسار منذ أبريل، بينما اعتبر النائب البريطاني المحافظ ووزير الدفاع السابق، ليام فوكس، أن البوليساريو ليست سوى 'وكيل إيراني'.
وأضافت 'جون أفريك' أن هذه المعطيات الجديدة تشكل بالنسبة للمغرب تأكيدا ملموسا على صحة التحذيرات الدبلوماسية التي وجهها في السنوات الماضية، وأشارت إلى أن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة سبق أن أعلن في عام 2018 قطع العلاقات مع إيران، متهما إياها بتسليح البوليساريو عبر 'حزب الله'، وتدريب عناصرها عسكريا. وفي مقابلة مع جون أفريك حينها، تحدث عن تنسيق ممنهج يشمل دعما لوجستيا وتأطيرا وتدريبا. واعتبرت الرباط أن محور طهران – 'حزب الله' – الجزائر – البوليساريو يشكّل تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وتابع تقرير 'جون أفريك' أن مع الوثائق السورية التي كُشف عنها مؤخرا، تتعزز تلك التحذيرات القديمة، إذ تُظهر أن التعاون لم يكن غير مباشر فقط، بل وصل حد إرسال مقاتلين صحراويين إلى الجبهات السورية لدعم النظام عسكريا، وهي تفاصيل لم تكن الرباط على دراية بها آنذاك – على الأقل بشكل رسمي – ولم تتضح إلا بعد رفع السرية عن الأرشيف السوري.
صبري: الجزائر تنفخ في قربة مثقوبة وتورط البوليساريو في الإرهاب سيضع حدا لنزاع الصحراء
وذكرت المجلة إلى أن جذور هذه القضية تعود إلى وثيقة مصنفة 'بالغة السرية' تعود إلى عام 2012، تم العثور عليها في أرشيف المخابرات السورية وحصلت عليها مجلة جون أفريك. وتوجّه الوثيقة إلى رئيس الفرع 279، أي المديرية الخارجية للاستخبارات العامة السورية، وتفصّل اتفاقا بين ما يسمى 'الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية'، والجزائر، ونظام دمشق. وينص الاتفاق على تدريب 120 مقاتلا صحراويا، موزعين على أربع مجموعات، تم دمجهم في وحدات سورية منذ يناير 2012.
وتصف الوثيقة اجتماعا في تندوف ضمّ ممثلين جزائريين وسوريين، إلى جانب الأمين العام السابق لجبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، وخلفه الحالي إبراهيم غالي، وعبد القادر طالب عمر، سفير ما يسمى بالجمهورية الصحراوية في الجزائر، لوضع تفاصيل تنفيذ الاتفاق. كما تشير إلى زيارة مسؤولين صحراويين إلى بيروت في دجنبر 2011 للقاء قيادي عسكري في 'حزب الله'. ورغم عدم تمكنهم من الاجتماع بحسن نصر الله، الزعيم التاريخي للحزب الشيعي اللبناني الذي قُتل في سبتمبر 2024 بغارة إسرائيلية، إلا أن التنسيق أسفر عن تحديد معالم تدخل ميداني. وقد شارك المقاتلون الصحراويون في مهام خاصة إلى جانب القوات السورية دفاعا عن نظام بشار الأسد، ولم يقتصر دورهم على رمزية الحضور.
وفي سياق متصل، كشف معهد هادسون الأمريكي في تقرير حديث عن تحوّل ملف الصحراء المغربية من نزاع إقليمي إلى ساحة جديدة في صراع القوى الكبرى، مشددا على أن جبهة البوليساريو لم تعد مجرد حركة انفصالية بل أصبحت، وفق التقرير، 'ميليشيا مزعزعة للاستقرار' تدعمها إيران وروسيا والصين، وتشكل تهديدا مباشرا للمصالح الأمنية الأمريكية.
وحذر المعهد في التقرير المعنوان بـ 'المسوغات الاستراتيجية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية '، من أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لطبيعة أنشطة جبهة البوليساريو من شأنه أن يزيد من تفكك منطقة الساحل ويقوض جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في شمال إفريقيا وغربها.
وأوضح المصدر ذاته أن النزاع في الصحراء، الذي نشأ في سياق الحرب الباردة، لم يعد نزاعا مجمّدا، بل تحوّل إلى جبهة نشطة في إطار تنافس القوى الكبرى، حيث تستغل إيران وروسيا والصين الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة على حساب حلفاء واشنطن.
وفي هذا السياق، وصف التقرير البوليساريو بأنها 'تتجاوز كونها حركة تقرير مصير، لتصبح أداة تخريب مدعومة من قوى خارجية'، مشيرا إلى تورطها في تهريب الأسلحة، وتجنيد الشباب عبر الخطاب العقائدي، والتعاون مع منظمات مصنفة إرهابية مثل حزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني.
ودعا معهد هادسون الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ خطوة حاسمة تتمثل في تصنيف جبهة البوليساريو كـ'تنظيم إرهابي أجنبي'، مؤكدا أن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية لن يضعف شبكتها فقط، بل سيعزز موقف الولايات المتحدة في صراع القوى، ويؤكد التزامها تجاه حلفائها، ويوجه رسالة صارمة لأعدائها.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن الجبهة تفي بكافة المعايير القانونية المنصوص عليها في قانون الهجرة والجنسية الأمريكي لتصنيف أي كيان كتنظيم إرهابي: فهي منظمة أجنبية، متورطة في أنشطة إرهابية، وتمثل تهديدا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة وشركائها، مضيفة أن تصنيفها كمنظمة إرهابية سيسقط خطابها الدعائي، ويجردها من الغطاء الإنساني الزائف.