اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٨ أذار ٢٠٢٤
تستمر قضية البيدوفيل الكويتي المتورط في اغتصاب قاصر مغربية بمدينة مراكش دون الـ15 سنة من عمرها، المعروضة على القضاء، في التأجيل لما يزيد عن 4 سنوات، بسبب فرار المتهم الرئيسي إلى بلاده وغيابه عن جميع أطوار جلسات المحاكمة، مما أثار تساؤلات حول أخذ العدالة مجراها الطبيعي، خاصة بعد تدخلات سفارة الكويت وتنازل أبوي الطفلة عن حقهم في المتابعة.
وأجلت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمدينة مراكش، في آخر جلسة لها، عقدت بتاريخ 17 نونبر 2023، النظر في قضية 'البيدوفيل الكويتي' إلى يوم 07 يونيو 2024، واستدعائه على الطريقة الديبلوماسية للمرة السابعة منذ بداية المحاكمة.
الكويت لم تفي بوعودها
الناشط الحقوقي بمدينة مراكش، عمر أربيب، رجح أن يتم اللجوء في مسار المحاكمة إلى المسطرة الغيابية، على اعتبار أنه 'تم سلك جميع المساطر بما فيها مسطرة الاستدعاء على الطريقة الديبلوماسية'.
ترجيح أربيب للجوء للمسطرة الغيابية في متابعة 'البيدوفيل الكويتي'، جاء من خلال ما اعتبره 'عدم وفاء السلطة الديبلوماسية الكويتية، خاصة السفارة الكويتية بالمغرب، التي تعهدت في وثيقة مكتوبة بإحضار المتهم في حالة تمت متابعته في حالة سراح، لكنها لم تلتزم بوعدها'.
فضيحة القضاء المغربي
وأضاف أربيب في تصريح خاص لجريدة 'العمق'، أن ملف 'البيدوفيل الكويتي' يشكل 'فضيحة كبرى' عند القضاء المغربي، لأن المتهم غادر تراب المغرب يوم تمتيعه بالسراح المؤقت.
وزاد المتحدث أن هروب ومغادرة الكويتي يشتبه فيه أن 'يكون مدبرا'، لأنه حصل على قرار المتابعة في حالة سراح تمام الساعة الثامنة ليلا، وغادر المغرب من المطار قبل منتصف ليلة نفس اليوم.
وقال الناشط الحقوقي إن السلطة القضائية 'قد أخطأت، لأنها لم تتخذ قرار سحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجهه، ولم تضعه تحت تدابير المراقبة القضائية'، وبالتالي فإن هذه الفجوة وعدم الانتباه مكّن المتهم مباشرة من الخروج من سجن الوداية بمراكش ومغادرة المغرب مباشرة، وفق تعبيره.
وأشار أربيب إلى أن قرار السراح المؤقت 'لم تستأنفه النيابة العامة حتى صباح اليوم الموالي، ولم يكن لديها الوقت للشروع في مسطرة الاستئناف، لأن القرار اتخذ ليلا'. محملا القضاء الجالس مسؤولية ما وقع.
شكوك بعد تنازل الأبوين
وبخصوص تنازل والدي الضحية عن حقهم في متابعة المتهم، أكد ذلك أربيب، وقال إنه من المفروض بعد ذلك فتح تحقيق في الموضوع، لأن انسحاب الطرف المدني الأول، أي أم الضحية، بعد أن قدمت تنازلا، ودخول الأب كطرف مدني ثاني بعد انسحاب الأم، والذي انسحب كذلك في آخر لحظة، يثير العديد من علامات الاستفهام والشكوك.
وشدد أربيب على ضرورة إعادة النظر في الحالات التي يتنازل فيها الطرف المدني في حالات العنف ضد الأطفال والقاصرين، سواء كان جنسيا أو ماديا أو غيرها من الانتهاكات الصارخة لحقوق الطفل والقاصرين، والعمل على وضع الأطفال القاصرين تحت ولاية قاضي القاصرين، حماية لحقوق الطفل الفضلى.
استبعاد تسليم البيدوفيل
واستبعد أربيب تسليم البيدوفيل الكويتي إلى القضاء المغربي بعد مرور كل هذه المدة، قائلا: 'لا أعتقد ذلك، بل متأكد من كون السفارة الكويتية لن تقوم بأي إجراء ولن يستجيب السلك الديبلوماسي للدعوات القضائية المغربية'.
يبقى الحل في القضية، وفق تعبير المتحدث، هو اللجوء إلى القضاء الدولي، وهذا يحتاج انتهاء جميع مراحل التقاضي بالمغرب، مردفا أن التوجه العام يسير نحو سلك المسطرة الغيابية.
وشدد على أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كطرف مدني في القضية، ما تزال متشبثة بمتابعة الملف ومتشبثة بمحاكمة المتهم حضوريا.
مواطنين من الدرجة 2
أشار أربيب أيضا إلى أن التشريع الكويتي من التشريعات المتقدمة في حالات اغتصاب الأطفال أقل من 15 سنة، وتصل عندهم العقوبة لـ15 سنة، كما أن الكويت مصادقة على جميع الاتفاقيات الدولية، ولديها مدونة خاصة بحقوق الطفل.
واعتبر عدم التزام الكويت بتشريعاتهم الوطنية والدولية في موضوع الطفلة المغربية يوحي على أنهم 'يرو أطفال الدول الأخرى من درجة ثانية، وهذا ما جعلهم لا يحترمون التزاماتهم الدولية وقوانينهم المحلية'، وقال إن عدم تحقيق العدالة في القضية 'سيضيّع حق الطفلة والمجتمع والحركة حقوقية في عدم الإنصاف والمحاسبة'.
4 سنوات من التأجيل
ويتم الاستدعاء بالطريقة الدبلوماسية عن طريق وضع الوكيل العام للملك الاستدعاء لدى سفارة المغرب بالكويت، والتي ستقوم بتبليغ المتهم وفق المسطرة المتعارف عليها، لكن دون أن يتحقق حضور المتهم بـ'اغتصاب قاصر مغربية وافتضاض بكارتها'.
ويعد هذا التأخير الـ27 منذ فتح الملف يوم 21 يناير 2020، والسابع بعد إصدار قرار الاستدعاء على الطريقة الديبلوماسية، والرابع من نوعه بعد تغيير هيئة الحكم بتاريخ 10 يناير 2023.
أول جلسة وآخرها
وكانت أول جلسة محاكمة حضر فيها المتهم الكويتي وهي آخرها أيضا، قد عقدت في 23 يناير 2020، وتم وضعه بعدها بسجن الوداية، ضواحي مراكش، وقرر متابعته في حالة اعتقال، قبل أن يتقرر متابعته في حالة سراح بعد تدخل سفارة بلاده، يوم 28 من نفس الشهر.
وكان سفير دولة الكويت بالمغرب، قد تعهد في ندوة صحفية بأنه “في حالة ما تمت إدانة المواطن الكويتي بمراكش، فإن الكويت ستحرص على تنفيذه بقوة اتفاقية التعاون الدولي، إما بإعادته إلى المغرب أو حسب حكم القضاء”.
أصل القصة
ويتابع الكويتي البالغ من العمر 24 سنة بتهمة 'اغتصاب فتاة قاصر أٌقل من 15 سنة وافتضاض بكرتها'، وذلك بعد أن سبق للمحكمة تمتيعه بالسراح المؤقت بضمانات من سفارة الكويت بالرباط، قبل أن يتفاجأ الرأي العام بإعلان المحكمة فرار المتهم إلى بلده الأصلي.
وأثارت القضية غضبا حقوقيا واسعا نظمت على إثرها عدة وقفات احتجاجية، وأصدرت مجموعة من الهيئات بيانات استنكارية، فيما نصبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان طرفا مدنيا في القضية.
وتعود بداية القصة إلى 22 يوليوز من سنة 2020، حيث اتفق الكويتي المدعو عبد الرحمان محمد سمران مطلق سمران العازمي مع القاصر المغربية على الالتقاء لتصاحبه إلى شقة فاخرة يكتريها في المنطقة النخيل، حيث وقعت الحادثة، التي تقول القاصر إنها 'اغتصبت بالقوة' فيها، فيما يؤكد الكويتي 'أنها مارست الجنس معه من القبل والدبر عن رضى، وأنه وثق رقصها بالصوت والصورة'.
الفتاة الضحية قامت برفقة والدتها في 11 دجنبر الماضي بتسجيل شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش، حيث تم القبض على المتهم في اليوم ذاته، وتم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية قبل إحالته على النيابة العامة يوم 13 دجنبر، حيث تقرر إحالة الملف على قاضي التحقيق الذي أمر بوضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي ومتابعته في حالة اعتقال لأجل الجنايات المنصوص على عقوبتها في الفصلين 485 و488 من القانون الجنائي.
غير أن الرأي العام الوطني اهتز يوم 28 يناير على قرار للمحكمة بتمتيع المتهم بالسراح المؤقت، ووجهت أصابع الاتهام إلى سفارة الكويت بالتدخل في شؤون القضاء، وكذا بمساعدة المتهم على الهرب والإفلات من العقاب، لأنه لم يحضر الجلسة الموالية حيث تم الإعلان داخل المحكمة أنه غادر التراب الوطني.
