ما المخفي في المنتجات الخالية من السكر؟

في زمن يتزايد فيه الوعي الصحي، أصبحت عبارة 'خالٍ من السكر' مغرية لكل من يسعى إلى تقليل استهلاك السكر أو اتباع نمط حياة أكثر توازنًا، فهي توحي بالأمان، وتقدَّم كخيار 'أقل ذنبًا' لعشاق الحلويات والمشروبات الغازية.

هذه العبارة التي نراها اليوم منتشرة على عبوات البسكويت، والشوكولاتة، والعصائر وحتى المشروبات الغازية الدايت، قد تعطي انطباعًا بأنها صحية تمامًا، ولكن، هل هي فعلًا كذلك؟ أم أن المستهلكين يقعون في فخ التسويق الذكي؟

جاذبية المنتجات الخالية من السكر: حقيقة أم خدعة؟

يكشف الدكتور بوميش تياجي، استشاري الطب العام في مركز Sharda Care، خلال حواره مع موقع OnlyMyHealth، عن أسرار وخفايا منتجات 'من دون سكر' التي قد لا يدركها الكثيرون.

ويُوضح بوميش أن الإقبال المتزايد على المنتجات الخالية من السكر ينبع من القلق المتزايد بشأن أضرار السكر المكرر، والتي تشمل زيادة الوزن، وخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وتسوس الأسنان، وأمراض القلب.

ولهذا السبب، يتجه الكثير من الأشخاص، خصوصًا مرضى السكري، إلى المنتجات التي تحمل عبارة 'من دون سكر' أملًا في تقليل السعرات الحرارية والتحكم في مستويات السكر في الدم.

ولكن، كما يشرح الدكتور، فإن السكر لا يُزال من هذه المنتجات من دون بديل، بل يتم استبداله بأنواع مختلفة من المحليات الصناعية أو ما يُعرف ببدائل السكر غير الغذائية، وهي مركبات تمنح الطعم الحلو من دون أن ترفع مستويات الغلوكوز أو تضيف سعرات حرارية كبيرة.

ما الذي تحتويه المنتجات الخالية من السكر فعلًا؟

من أبرز المحليات الصناعية والبدائل المستخدمة في المنتجات الخالية من السكر:

الأسبارتام (Aspartame): أحد أكثر المحليات الصناعية شيوعًا، يوجد في المشروبات الغازية الدايت، والعلكة، وبعض أنواع الحلويات، يُستخدم بكميات صغيرة نظرًا لحلاوته القوية.

السكارين (Saccharin): من أقدم المحليات الصناعية، يُستخدم في بعض المشروبات الدايت ومنتجات التحلية منخفضة السعرات.

السكرالوز (Sucralose): يُعرف تجاريًا باسم 'سبليندا'، ويُستخدم على نطاق واسع في الأطعمة منخفضة السعرات والمخبوزات بفضل تحمّله للحرارة.

ستيفيا (Stevia): رغم أنه مُستخرج من نبات طبيعي، إلا أن الأشكال التجارية الشائعة منه غالباً ما تكون معالجة صناعيًا، وتُستخدم في المشروبات والمكملات الصحية.

الإريثريتول والزايلتول (Erythritol & Xylitol): من كحوليات السكر، وتُستخدم بكثرة في الحلويات الخالية من السكر والعلكة، تتميز بترك طعم بارد في الفم، لكنها قد تسبب اضطرابات هضمية لدى بعض الأشخاص.

الآثار الجانبية والمحاذير المرتبطة بالمحليات الصناعية

تشير دراسات حديثة وفق دورية onlymyhealth، إلى أن بعض المحليات الصناعية قد تخل بتوازن البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي، ما يؤثر على الهضم، والمناعة، وحتى المزاج، ومن بين أبرز هذه التأثيرات:

الاضطرابات الأيضية

على الرغم من خلوها من السعرات الحرارية، إلا أن بعض المحليات الصناعية قد تؤثر في كيفية استجابة الجسم للأنسولين والغلوكوز، ويعزز الرغبة في تناول السكريات وقد يرفع من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي.

مفارقة إدارة الوزن

رغم أن المحليات الصناعية تهدف لتقليل السعرات الحرارية، إلا أنها قد تزيد الشهية للطعام، إذ يتهيأ الجسم لتلقي طاقة لا تصل، ويؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام لاحقًا.

تأثير على حاسة التذوق

الاستخدام المتكرر للمحليات الصناعية شديدة الحلاوة قد يؤدي إلى تقليل حساسية حاسة التذوق للأطعمة الطبيعية مثل الفواكه والخضروات، هذا الأمر قد يساهم في خلق اعتماد على الأطعمة المصنعة والمحليات الصناعية، وبالتالي يؤثر سلبًا على العادات الغذائية الصحية.

مشكلات هضمية

تناول كميات كبيرة من كحوليات السكر مثل الإريثريتول والزايلتول قد يؤدي إلى مشكلات هضمية شائعة، تشمل الانتفاخ، والغازات، وحتى الإسهال. هذه الأعراض تظهر غالبًا عند الإفراط في استهلاك المنتجات التي تحتوي على هذه المحليات الصناعية.

هل 'خالٍ من السكر' يعني بالضرورة خيارًا صحيًا؟

بحسب الدكتور بوميش، الموضوع ليس بهذه البساطة، بالنسبة لـمرضى السكري، قد تُعد المنتجات الخالية من السكر أداة فعالة في ضبط مستويات السكر في الدم وتقليل السعرات الحرارية.

لكن بالنسبة لمعظم الناس، الاعتماد الكلي على منتجات 'خالٍ من السكر' كخيار صحي قد يكون مضللًا، بدلًا من الانتقال من منتج مصنع إلى آخر، يُفضل اتباع نهج متوازن يرتكز على:

تناول الأطعمة الطبيعية والكاملة بعيدًا عن المعالجة الصناعية.

تقليل الاعتماد على النكهات الصناعية والمحليات البديلة.

قراءة المكونات بعناية لفهم ما تحتويه المنتجات.

ممارسة الأكل الواعي للتركيز على الإحساس بالجوع والشبع.

شرب الماء بانتظام للحفاظ على الترطيب والصحة العامة.

الصحة الحقيقية لا تُبنى على ملصق 'خالٍ من السكر'، بل على وعي شامل وممارسة مستدامة لنمط حياة صحي ومتوازن.