اخبار ليبيا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٥ نيسان ٢٠٢٥
تردي الأوضاع الاقتصادية وصراعات النفوذ ينتهيان بحشود عسكرية من مصراتة إلى طرابلس
تستمر التحشيدات المسلحة من مدينة مصراتة شرق طرابلس نحو العاصمة طرابلس التي شهدت مناطق عدة منها تحركات وتمركزات لعدد من الفصائل المسلحة على غرار منطقة صلاح الدين وسوق الجمعة، التي سارع مجلسها الاجتماعي إلى تبني جملة قرارات أبرزها تفعيل المجلس العسكري لمنطقة 'سوق الجمعة' وتأسيس قوة أهلية شعبية أمنية محلية لدعم الأمن في جميع مداخل المنطقة.
والتحركات المسلحة من مصراتة، وهي مسقط رأس عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، تقودها 'القوة المشتركة'، مما دفع بقيادات بقية الفصائل المسلحة في المدينة إلى إصدار بيان وصفت فيه التحركات العسكرية نحو طرابلس بـ'الغادرة' وأنها مدعومة من 'أطراف خارجية'.
بيان قوات وثوار مصراتة اعتبر أية محاولة 'لفرض أمر واقع في طرابلس ستواجه برد عنيف'، مؤكداً أن 'أبناء مصراتة لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام محاولات تمكين أجندات أجنبية من العبث بأمن الدولة الليبية'.
حرب وشيكة
تطورات جديدة تأتي بعد إعلان مصرف ليبيا المركزي، الأحد الماضي، خفض سعر صرف الدينار الليبي بنسبة 13.3 في المئة ليصبح 5.56 دينار مقابل الدولار الأميركي، ويعد هذا أول تخفيض رسمي للدينار الليبي منذ عام 2020 عندما حُدد بـ4.48 دينار للدولار الأميركي الواحد.
وتزامنت التحركات الخاصة بسعر صرف العملة الوطنية مع تأكيد مصرف ليبيا المركزي أن الإنفاق العام عمق أزمة ارتفاع الدين العام في فرعيه بكل من العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي شرق البلاد، ليصل إلى نحو 270 مليار دينار ليبي (48.56 مليار دولار).
ورفعت هذه الأحداث المتلاحقة أسهم مخاوف الرأي العام الليبي من عودة البلاد إلى مربع الصراعات المسلحة، لا سيما في ظل استمرار الانقسامات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنذر بإمكان انزلاق ليبيا نحو حرب أهلية جديدة.
يقول المحلل السياسي عبدالله الديباني إن المشهد الليبي بطبيعته معقد ومتداخل بين المصالح السياسية والتحركات العسكرية، إذ يمكن تفسير استمرار تحرك التشكيلات المسلحة نحو طرابلس بأنه تجهيز 'لحرب وشيكة'، باعتبار أن جميع المؤشرات تذهب إلى ذلك، ومنها تصاعد وتيرة التحركات ونشر آليات ثقيلة وإغلاق بعض الطرق وذهاب بعض المناطق نحو تكوين مجالس عسكرية واجتماعية، وخروج عدد من الفصائل المسلحة إلى نقاط ارتكاز جديدة، إضافة إلى كثرة الخلافات الحادة بين القوى المتصارعة، يقابلها فشل في الوصول إلى اتفاق سياسي.
رسائل ضغط
ويمكن أن تصب هذه التحشيدات المسلحة - وفق الديباني - في خانة الضغوط السياسية، التي يبقي هدفها الرئيس هو الضغط على أطراف حكومية لإعادة توزيع النفوذ (أي نفوذ الفصائل المسلحة) والحصول على امتيازات معينة من دون اللجوء لحرب مفتوحة.
وقال المحلل السياسي في حديثه إلى 'اندبندنت عربية'، إن الترجيح بين الاحتمالين (أي حرب وشيكة أو ضغوط سياسية) يعتمد على التطورات القادمة، فإذا استمرت التحركات من دون اشتباكات واضحة، فالأرجح أنها ستكون رسائل ضغط على صناع القرار السياسي، أما إذا ترافقت مع عمليات مسلحة ولو كانت محدودة فقد تكون بداية شرارة لتصعيد مسلح.
ورجح أن تكون التحركات العسكرية هدفها إرسال رسائل ضغط سياسية، بخاصة أن الأطراف المسلحة غالباً ما تستخدم التحركات الميدانية كأداة للضغط من دون نية مباشرة للاشتباك، موضحاً أنها محاولة لفرض شروط معينة على طاولة المفاوضات السياسية لتحسين المواقع التفاوضية قبل حصول أي تغيير سياسي جديد مثل الانتخابات أو تشكيل حكومة جديدة، وأيضاً لإرسال رسائل خارجية للدول الداعمة للخصوم السياسيين.
تضارب مصالح
مع مؤشرات الأوضاع الاقتصادية المتدهورة واستمرار الانسداد السياسي قد تتحول هذه الضغوط المسلحة المتكررة على الأطراف السياسية إلى حرب أهلية، هكذا علق المحلل السياسي وسام عبدالكبير على التحركات المسلحة في طرابلس، مؤكداً أنه لا ضامن لعدم حدوث صدام مسلح بين الفصائل العسكرية المسيطرة على العاصمة والأخرى القادمة من مصراتة.
وأشار عبدالكبير إلى أن صراع النفود بين التشكيلات المسلحة وخريطة السيطرة في العاصمة ورقعة الشطرنج المتغيرة ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى عام 2011، منوهاً بأنه كلما اتسعت مساحة سيطرة التشكيلات المسلحة ازداد نفوها وتأثيرها في المشهد الأمني والسياسي.
وأوضح أنه لا مؤشرات رسمية على حرب قادمة في العاصمة، فكل ما يحدث هو استمرار لصراع النفود وتضارب المصالح بين التشكيلات المسلحة في العاصمة بصورة خاصة والمنطقة الغربية بصورة عامة.
صراع المنطقة الغربية
المحلل السياسي محمد قشوط اعتبر بدوره أن الهدف الرئيس لتحركات ميليشيات 'القوة المشتركة' من مصراتة، التابعة والمدعومة رأساً من حكومة الدبيبة، هو الدخول إلى طرابلس لتقوية نفوذ حكومة الوحدة الوطنية وحمايتها من أية جهات مسلحة أخرى قد تهدد وجودها واستمرارها في السلطة، على غرار 'قوة الردع الخاصة' التي تسيطر على جهاز الاستخبارات العامة، لذلك فإن هذه التحركات العسكرية تأتي من باب تعزيز النفوذ وحال الصراع على السلطة في المنطقة الغربية، ولكنها في المقابل تعرض حياة المدنيين للخطر.
واعتبر أن الوضع الأمني الحالي الذي تتخبط فيه المنطقة الغربية يعود إلى عام 2011، فمنذ هذه الفترة يعيش القطب الغربي الليبي تحت حكم التشكيلات والميليشيات المسلحة التي استغلت هشاشة مؤسسات الدولة وانعدام وجود قوتها على أرض الواقع العائد لجملة من العوامل، منها أن السلطات التي تتعاقب على مراكز السلطة في طرابلس هي سليلة خلفيات أيديولوجية لا تؤمن بالدولة بل يهمها بقاء ليبيا في حال فوضى، حتى تتمكن من نهب الثروات وتتمتع بها على حساب عموم الشعب، إضافة إلى العامل الأجنبي الممول لميليشيات عدة، بغية توظيفها لخدمة ملفات معينة مثل الهجرة غير النظامية وعمليات التهريب وتنفيذ أجندة الصراع الدولي على الأراضي الليبية.