اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٤ أيلول ٢٠٢٥
تصاعدت، خلال الأشهر القليلة الماضية، وتيرة عقد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله لاجتماعات أسبوعية تناقش ملفات ذات طبيعة اقتصادية وفنية متعددة تعدّ في مجملها من أولويات ومتطلبات وتحديات قضايا التنمية الاستدامة.فخلال 3 أشهر ماضية، عقد رئيس مجلس الوزراء 24 اجتماعاً اقتصادياً، نصفها مع الجانب الصيني لمناقشة البنية التحتية، لا سيما ميناء مبارك الكبير وتوطين الصناعات والنقل والتكنولوجيا والصلب والطاقة الكهربائية والمتجددة وغيرها، والنصف الآخر كان مع وزارات وجهات حكومية ولجان وزارية لمتابعة قضايا الإسكان والبترول والإطارات المستعملة والمشاريع الكبرى وقانون البلدية وتعزيز منظومة الرقابة وكفاءة تشغيل الخدمات واستدامتها، فضلاً عن مناقشة القضايا التي سبق أن تناولها العبدالله مع الجانب الصيني.جهد وحصافةومع تأكيد أن أي جهد مبذول لتحريك الملفات العالقة والمتأخرة هو أمر جيد، فإن من الحصافة التشديد على مجموعة من النقاط والملاحظات كي تفضي هذه الاجتماعات إلى نتائجها المفترضة في تطوير المشهد التنموي للبلاد، خصوصاً أن الاجتماعات الاقتصادية على مستوى رئيس الوزراء ليست سياسة جديدة لرئيسها الشيخ أحمد العبدالله، بل سبقه فيها رؤساء حكومات، وتحديداً منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003، عقدوا عشرات الاجتماعات الحكومية مع مختلف الجهات الاقتصادية والفنية تزامنت مع اجتماعات وجولات آسيوية، أبرزها إلى الصين لمناقشة المدن الإسكانية والمطار الجديد وميناء مبارك وقضايا الطاقة والبنية التحتية والاستثماروالتكنولوجيا وكل هذه «المناقشات» لم تؤدّ لا إلى إنجاز المشروعات الكبرى ولا إصلاح اختلالات الاقتصاد، ولو جزئياً، لأنها ظلت في إطار المناقشات ولم تتحول إلى مشاريع وسياسات حقيقية.جزر مستقلة
تصاعدت، خلال الأشهر القليلة الماضية، وتيرة عقد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله لاجتماعات أسبوعية تناقش ملفات ذات طبيعة اقتصادية وفنية متعددة تعدّ في مجملها من أولويات ومتطلبات وتحديات قضايا التنمية الاستدامة.
فخلال 3 أشهر ماضية، عقد رئيس مجلس الوزراء 24 اجتماعاً اقتصادياً، نصفها مع الجانب الصيني لمناقشة البنية التحتية، لا سيما ميناء مبارك الكبير وتوطين الصناعات والنقل والتكنولوجيا والصلب والطاقة الكهربائية والمتجددة وغيرها، والنصف الآخر كان مع وزارات وجهات حكومية ولجان وزارية لمتابعة قضايا الإسكان والبترول والإطارات المستعملة والمشاريع الكبرى وقانون البلدية وتعزيز منظومة الرقابة وكفاءة تشغيل الخدمات واستدامتها، فضلاً عن مناقشة القضايا التي سبق أن تناولها العبدالله مع الجانب الصيني.
جهد وحصافة
ومع تأكيد أن أي جهد مبذول لتحريك الملفات العالقة والمتأخرة هو أمر جيد، فإن من الحصافة التشديد على مجموعة من النقاط والملاحظات كي تفضي هذه الاجتماعات إلى نتائجها المفترضة في تطوير المشهد التنموي للبلاد، خصوصاً أن الاجتماعات الاقتصادية على مستوى رئيس الوزراء ليست سياسة جديدة لرئيسها الشيخ أحمد العبدالله، بل سبقه فيها رؤساء حكومات، وتحديداً منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003، عقدوا عشرات الاجتماعات الحكومية مع مختلف الجهات الاقتصادية والفنية تزامنت مع اجتماعات وجولات آسيوية، أبرزها إلى الصين لمناقشة المدن الإسكانية والمطار الجديد وميناء مبارك وقضايا الطاقة والبنية التحتية والاستثماروالتكنولوجيا وكل هذه «المناقشات» لم تؤدّ لا إلى إنجاز المشروعات الكبرى ولا إصلاح اختلالات الاقتصاد، ولو جزئياً، لأنها ظلت في إطار المناقشات ولم تتحول إلى مشاريع وسياسات حقيقية.
جزر مستقلة
فلذلك، ما يجب أن تركز عليه الإدارة التنفيذية هو تحويل هذه الاجتماعات العالية المستوى إلى سياسات واضحة ضمن بيئة سليمة ذات كفاءة وحوكمة وجودة في التشريع ومقاييس في التنفيذ، مما يتطلب وجود برنامج عمل حكومي جامع يرتب تحويل القرارات إلى نتائج واقعية، غير أن البرنامج الحكومي لم يصدر منذ تشكيل الحكومة قبل 16 شهراً، مما سمح لوزارات وهيئات حكومية، كوزارات الدفاع والخارجية والتجارة والإعلام والصحة والتربية وهيئات الشباب والموانئ ومؤسسة البترول، وغيرها، باعتماد استراتيجيات عمل للسنوات القادمة، وهو إجراء يجعلها تعمل كـ «جزر مستقلة» عن الإدارة التنفيذية التي يفترض أن تكون مهمتها التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية ضمن برنامج حكومي مفقود.
ويلاحظ أن القضايا الاقتصادية والخدمية المهمة التي تناقشها اجتماعات رئيس الحكومة لا تجد طريقها إلى اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية، وهي مسألة تستدعي خلق آلية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحوّل اللقاءات الاقتصادية إلى جدول أعمال الحكومة أسبوعياً كي تصبح سياسة عامة وإجراءات نافذة وليست فقط لقاءات غير مجدية.
تسريع وتعزيز
وربما تكون أكثر الأهداف تداولاً في اجتماعات رئيس الوزراء الاقتصادية عبر ما صدر من بيانات رسمية هما « تسريع تنفيذ المشاريع « للشأن الاقتصادي المحلي و»تعزيز الشراكة مع الصين» للملف الاقتصادي الخارجي، وكلا الهدفين من متطلبات الاصلاح الاقتصادي في البلاد غير أن تحقيقهما يتطلب انتهاج سياسات فعّالة وواضحة، فتأخّر تنفيذ المشاريع الخاصة بالبنية التحتية يستوجب وجود أدوات قياس فصلية وسنوية لتقييم جودة الأعمال والتنفيذ ولاحقاً مدى كفاءة التشغيل في معالجة اختلالات الاقتصاد، لا سيما سوق العمل وتنمية وتنويع الناتج المحلي الإجمالي أما تعزيز الشراكة مع الصين فهي أعمق من مسألة إرساء مناقصات ومقاولات لبناء مشاريع بنية تحتية فبناء الشراكات والتحالفات والمصالح العميقة تتطلب وجود هوية استراتيجية اقتصادية كأن تكون الكويت منطقة مصالح دولية وجزء من طريق الحرير الصيني الذي يربط شرق اسيا بأوروبا وهو ما يتطلب فهم اوضح لمصطلح « الشراكة « ودوره في تنمية اقتصاد الكويت وحتى حمايتها امنيا وتعزيز حضورها السياسي.
إصلاح وأعباء
كذلك يلاحظ عند مراجعة البيانات الرسمية لاجتماعات رئيس الوزراء أن مسألة إصلاح المالية العامة لا تزال - حتى آخر اجتماع على الأقل - غائبة عن النقاش وهي مسألة جوهرية تتعلق بالميزانية العامة للدولة لا سيما للسنة المالية الحالية 2025 -2026 وما بعدها من سنوات في ظل تضخم مصروفات الإنفاق العام وتركزه بنسبة 81 في المئة على الرواتب والدعوم مع ملامسة أسعار النفط لمستويات سعر الأساس «68 دولاراً» أي السعر المتحفظ في الميزانية وسط تغيرات جيوسياسية وإنتاجية تؤثر سلباً على أسعار الطاقة مع الأخذ بعين الاعتبار دخول الكويت لأسواق الدين العام بلا مشروع اقتصادي واضح.
وما سبق يعزز طرح تساؤلات عديدة في المجتمع حول من سيتحمل أعباء فاتورة العجوزات المالية المفترضة خلال السنوات القادمة ومدى تأثر شريحة الموظفين في القطاع الحكومي الذين يشكلون 84 في المئة من قوة العمل الكويتية بأي سياسات خفض مفاجئ للرواتب والامتيازات المالية، كما حدث مع العديد من الجهات الحكومية فضلاً عن أثر هذه السياسات على توجه الموظفين للتقاعد بالتالي مدى الضغط على صناديق التأمينات في المستقبل وهذه كلها تحتاج إلى إجابات حكومية حاسمة.
خطوة واتجاه
لا شك أن اجتماعات رئيس الوزراء الاقتصادية هي خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها تظل خطوة من ضمن خطوات أصعب وأكثر جدية، فالمطلوب هو وجود سياسة عامة تشرف على برنامج عمل واضح ضمن جداول زمنية وجدية في المحاسبة والرقابة بحيث يتضمن معالجات لاختلالات الاقتصاد الهيكلية من تنويع الإيرادات العامة وإصلاح سوق العمل ومعالجة التركيبة السكانية وتنمية وتنويع الناتج المحلي الإجمالي ناهيك عن جذب التكنولوجيا وتحفيز الاستثمارات والخبرات... وهذا كله يكون الشغل الشاغل للإدارة العامة التي تتولى حالياً كل الاختصاصات التشريعية والتنفيذية في البلاد.