اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٤
قال نائب الرئيس التنفيذي للتخطيط والابتكار في شركة نفط الكويت، محمد العبدالجليل: «إن شركة نفط الكويت تحتفل هذا العام بمرور تسعين عاماً على تأسيسها، حيث تمكنت خلال هذه العقود من تحقيق الريادة ليس فقط في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز، بل أيضاً في مجالات أخرى تُبرز التزامها بمسؤوليتها تجاه دولة الكويت والعالم».
واشار الى انه على مدى تسعين عاماً، كرّست الشركة جهودها لتعزيز احتياطيات الكويت من الموارد البترولية، وزيادة مستوى الإنتاج، مما أسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني، والمساهمة في مسيرة التطوير. كما أولت الشركة اهتماماً بالغاً بتطوير الكفاءات البشرية، سواء من العاملين لديها أو من أبناء المجتمع، مع الحرص على حماية البيئة ودعم القطاعات المختلفة، والعمل الدؤوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واوضح ان شعار الشركة كان على الدوام، الوقوف إلى جانب قيادة الكويت الحكيمة ومساندة مسيرتها التنموية، وهو عهد لم يُغفل لحظة واحدة. فقد عمل أبناء الشركة على تحقيق هذا الالتزام بكل جد وإخلاص، مما أثمر إنجازات متتالية ونجاحات بارزة، حتى أصبحت الشركة نموذجاً يُحتذى في العمل والإنتاجية.
واضاف: في هذه المناسبة العزيزة، نستعرض أبرز المحطات المضيئة في تاريخ الشركة، بما في ذلك إسهاماتها المتميزة خلال المراحل الأكثر تحدياً. كما نُلقي الضوء على المستقبل الواعد الذي تنتظره الشركة، ونجدد العهد بمواصلة العمل على رفع اسم الكويت عالياً في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والعالمية.
بداية الرحلة نحو الريادة
تأسست شركة نفط الكويت عام 1934، وذلك نتاج شراكة بين شركتين عالميتين: شركة النفط الإنكليزية – الإيرانية، المعروفة حالياً باسم «بريتيش بتروليوم» (BP)، وشركة غالف للزيت الأمريكية، التي تُعرف اليوم باسم «شيفرون». حيث مُنحت شركة نفط الكويت المحدودة في ذلك العام امتياز التنقيب عن النفط في الكويت.
ومنذ اللحظة الأولى، بدأت الشركة العمل على استثمار الثروة النفطية التي أنعم الله بها على الكويت، مع الالتزام بالحفاظ عليها وتنميتها. وفي عام 1936، قامت الشركة بحفر أول بئر استكشافية في منطقة «بحره»، لتضع بذلك الأساس لنهضة قطاع النفط في البلاد.
وفي عام 1938، تحقق اكتشاف تاريخي مع العثور على النفط في حقل برقان الكبير، الذي لا يزال حتى يومنا هذا يُعتبر ثاني أكبر حقل نفطي في العالم. أعقب هذا الإنجاز حفر ثماني آبار إضافية في الحقل نفسه، مما عزز مكانة الكويت كدولة نفطية بارزة.
لكن مسيرة الشركة لم تكن خالية من التحديات؛ فقد أدت الحرب العالمية الثانية إلى توقف العمليات مؤقتاً. ومع انتهاء الحرب في عام 1945، استأنفت الشركة نشاطها، وبدأت مجدداً مساعيها لتحقيق رؤيتها الطموحة.
تصدير أول شحنة
في 30 يونيو 1946، حققت شركة نفط الكويت إنجازاً تاريخياً تمثل في تصدير أول شحنة من النفط الخام. وقد شهد هذا الحدث البارز قيام المغفور له، الشيخ أحمد الجابر الصباح، أمير البلاد الراحل، بتدوير العجلة الفضية، إيذاناً بتحميل أول شحنة نفطية على متن الناقلة البريطانية «بريتيش فوسيلير». وتم ذلك من خلال تمديد أول خطوط بحرية لتحميل النفط مباشرة إلى الناقلات، مما مهد الطريق لتصدير النفط الكويتي إلى العالم.
كان هذا اليوم نقطة تحول مفصلية في تاريخ الكويت، حيث أسهمت عائدات النفط في وضع البلاد ضمن نادي الدول النفطية، وأسهمت بشكل جوهري في تمويل مسيرة التنمية والتطوير والحداثة التي شهدتها الكويت في العقود التالية.
وفي إطار تعزيز عملياتها وتوسيع بنيتها التحتية، واصلت شركة نفط الكويت جهودها الإستراتيجية، وكان من أبرز إنجازاتها إنشاء مدينة الأحمدي. حيث أصبحت الأحمدي بمرافقها الإدارية وورش العمل والمباني السكنية الخاصة بالشركة رمزاً لشركة نفط الكويت، خاصة مع التطورات المتلاحقة التي جعلتها نموذجاً للحداثة والتقدم.
التوسع في مختلف المجالات
بعد استقرار شركة نفط الكويت إداريًا في مدينة الأحمدي، بدأت بخطوات توسعية كبيرة على مستويات عدة. ففي الفترة ما بين عامي 1951 و1953، امتدت عمليات التنقيب إلى منطقة المقوع، حيث تم بدء الإنتاج من الحقل هناك. ثم، في ديسمبر 1955، حققت الشركة اكتشافًا جديدًا باكتشاف النفط في منطقة الروضتين شمالي الكويت، مما عزز مكانة الكويت كدولة رائدة في إنتاج النفط.
ولم يقتصر توسع الشركة على الجانب الصناعي فقط، بل شمل أيضًا الجوانب الاجتماعية والثقافية. ففي عام 1956، أنشأت الشركة معرضًا متخصصًا لعرض تاريخها وعملياتها، حيث لعب هذا المعرض دورًا رياديًا في تعريف الجمهور بصناعة النفط والغاز وأهميتهما. كما استقطب المعرض على مدى عقود العديد من الشخصيات البارزة، من ملوك وأمراء إلى رؤساء دول وحكومات.
صرح صحي متطور
في 27 أبريل 1960، دشنت شركة نفط الكويت مستشفى الأحمدي، الذي شكّل نقلة نوعية في تقديم خدمات الرعاية الصحية لموظفي الشركة وأفراد عائلاتهم. تم إنشاء هذا الصرح الطبي وفق أفضل المعايير المتاحة في ذلك الوقت، ليكون نموذجاً متقدماً في تقديم الخدمات الصحية.
وتواصلت جهود التطوير حتى افتتاح المستشفى الجديد في عام 2017، الذي يُعد اليوم مركزاً صحياً شاملاً، يقدم خدمات طبية تخصصية وفق أحدث التقنيات والمعايير العالمية، مؤكداً التزام شركة نفط الكويت رعاية موظفيها والمجتمع المحيط بها.
التأميم في عام 1975
شهد منتصف سبعينيات القرن العشرين تحولًا جذريًا في مسيرة شركة نفط الكويت، حيث بدأ هذا التغيير في عام 1974 عندما مُنحت دولة الكويت نسبة %60 من عمليات الشركة بموجب اتفاقية المشاركة التي أقرها مجلس الأمة الكويتي. أما النسبة المتبقية، وهي %40، فقد تقاسمتها شركة البترول البريطانية وشركة الخليج مناصفة.
وفي مارس 1975، اكتملت هذه المسيرة بتأميم الشركة بالكامل، إيذانًا ببدء حقبة جديدة مشرقة في تاريخها، حيث شكّل هذا التحول التاريخي بداية عهد من العطاء والازدهار الذي استمر حتى اليوم، معزّزًا مكانة الكويت في قطاع النفط العالمي.
من النتائج الأولية لهذا الإنجاز، كان وضع حجر الأساس لمشروع الغاز في ميناء الأحمدي في نوفمبر 1976 على يد المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح، طيب الله ثراه. وقد افتُتح المشروع بعد ثلاث سنوات ليكون إضافة استراتيجية لقطاع النفط والغاز في البلاد. كما شهد عام 1977 إنجازًا آخر مع حفر أول بئر استكشافية عميقة في حقل برقان، بعمق يصل إلى 20 ألف قدم، مما عزز قدرة الكويت على الاستكشاف والإنتاج في الحقول النفطية الكبرى.
ملحمة الصمود وإعادة البناء
كما تأثرت جميع قطاعات دولة الكويت بالغزو الذي تعرضت له البلاد في 2 أغسطس 1990، حيث واجهت شركة نفط الكويت توقفًا شبه كامل في عملياتها اليومية. ومع ذلك، أظهر أبناء الشركة صمودًا استثنائيًا، حيث بذلوا جهودًا جبارة من مواقعهم المختلفة لحماية الثروة النفطية والحفاظ على الهيكل الأساسي للشركة وإمكاناتها.
بعد تحرير الكويت، واصلت الشركة مقاومتها من خلال الاستجابة السريعة والفعالة للكارثة البيئية الكبرى التي أعقبت الغزو، عندما فجرت القوات العراقية المنسحبة 727 بئرًا نفطية في فبراير 1991. مما تسبب في إشعال أكبر حريق نفطي في التاريخ، وتطلب استنفارًا عالميًا شمل مشاركة 27 فريق إطفاء دولياً إلى جانب الفريق الكويتي، الذي كان له دور بارز في السيطرة على تلك الكارثة.
وعلى الرغم من حجم الدمار الذي لحق بمنشآت الشركة، أثبتت شركة نفط الكويت مجددًا كفاءتها وتميزها، حيث بدأت رحلة إعادة البناء فور التحرير، حين نجحت الشركة في إخماد جميع حرائق الآبار في غضون 240 يومًا فقط، وهو إنجاز مذهل أدهش العالم.
وفي 27 يوليو 1991، سجلت الشركة إنجازًا بارزًا بتصدير أول شحنة من النفط الخام بعد التحرير. تلا ذلك استئناف عمليات الحفر في حقل المقوع في 14 سبتمبر من العام نفسه.
وفي 6 نوفمبر 1991، شهدت الكويت يومًا تاريخيًا عندما قام أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، بإطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة، وهي بئر «برقان 18»، ليطوي بذلك صفحة مؤلمة في تاريخ الكويت ويفتح صفحة جديدة من الأمل والبناء.
جهود «نفط الكويت» المستدامة
منذ انطلاقها، وضعت شركة نفط الكويت البيئة في صلب اهتماماتها، مدركةً التأثيرات التي قد تنجم عن أنشطة الحفر والاستكشاف والإنتاج. لهذا السبب، جعلت الالتزام بالمعايير البيئية جزءاً أساسياً من استراتيجيتها، مع الحرص على إطلاق مبادرات بيئية مصاحبة لكل مشروع تنفذه.
ومن أبرز إنجازاتها البيئية إنشاء سبع محميات وواحات طبيعية بين عامي 2004 و2016، وهي جهود مستمرة تسعى الشركة من خلالها إلى تعزيز الاستدامة البيئية في الكويت. كما أطلقت العديد من المبادرات التي تجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية، وتشكل مدينة الأحمدي نموذجاً حياً لهذه الجهود.
وفي عام 2005، خطت الشركة خطوة مميزة بإنشاء مستعمرة بحرية تُعد الأولى من نوعها في العالم بين شركات النفط. هذه المحمية البحرية الفريدة تعكس التزام شركة نفط الكويت تقديم حلول مبتكرة ومؤثرة للحفاظ على البيئة البحرية، مما يبرز مكانتها كرائدة عالمية في مجال المسؤولية البيئية.
«نفط الكويت» رائدة على المستويين الإقليمي والعالمي
على مر العقود، استطاعت شركة نفط الكويت أن ترسخ مكانتها كأحد اللاعبين الأساسيين في السوق العالمي لتصدير النفط، وهو ما تجسد في العديد من المحافل البارزة. ومن أبرز هذه المحطات الاحتفال الكبير الذي نظمته الشركة في ديسمبر 2009 بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها. حيث أقيم هذا الحدث برعاية وحضور سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي عهده آنذاك الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراهما، إلى جانب الرئيس التركي عبدالله غول وعدد من كبار المسؤولين والضيوف.
وفي أكتوبر 2012، افتتحت الشركة «مركز الكويت للحقول الذكية المتكاملة»، برعاية وحضور المغفور له الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وكبار المسؤولين بالدولة. يُعد هذا المركز خطوة رائدة أظهرت بوضوح رؤية الشركة المستقبلية، التي استشرفت التحول الرقمي مبكرًا، مما عزز ريادتها في هذا المجال. ولم تقتصر هذه الرؤية الطموحة على الرقمنة، بل امتدت لتشمل مجالات أخرى مثل الاستدامة والبيئة.
إنجازات متجددة للشركة
في 17 أكتوبر 2016، افتتحت الشركة معرض أحمد الجابر للنفط والغاز، الذي يُعد صرحاً حضارياً فريداً، يقدم تجربة تعليمية وتثقيفية رائدة تسلط الضوء على صناعة النفط والغاز. وبعد ذلك بأيام قليلة، وتحديداً في 26 أكتوبر 2016، دشنت الشركة مشروع سدرة 500 للطاقة الشمسية في حقل أم قدير، والذي يهدف لتوليد 10 ميغاواطات من الكهرباء في خطوة مبتكرة تُعتبر الأولى من نوعها لشركة نفطية في المنطقة.
في عام 2017، استكملت الشركة بنجاح العمليات الميدانية لمشروع المسح الاستكشافي الزلزالي الثلاثي الأبعاد في جون الكويت والمناطق المحيطة به، قبل الموعد المحدد بشهرين. وغطى المشروع، الذي استغرق نحو سنتين، مساحة 3300 كيلومتر مربع، مما يمثل %19 من إجمالي مساحة دولة الكويت.
وفي 2018، حققت الشركة إنجازاً مفصلياً آخر باحتفالها بتصدير أول شحنة من النفط الخفيف. وهذا المنتج الجديد فتح آفاقاً أوسع للنفط الكويتي، حيث مكّن البلاد من دخول أسواق عالمية جديدة، ما يعزز مكانة الكويت كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة الدولية.
بداية الاستكشاف البحري
على مدى تاريخها الحافل، اقتصرت عمليات شركة نفط الكويت على الحقول البرية، ورغم توافر محاولات سابقة للاستكشاف البحري، فإن عام 2019 شكل نقطة تحول، حيث وقّعت الشركة عقداً مع شركة هاليبرتون لتنفيذ مشروع الحفر والاستكشاف البحري، معلنة بذلك انطلاق مرحلة جديدة في تاريخها. بدأ المشروع عمليات التنقيب عن النفط في المناطق البحرية ضمن الحدود الكويتية، وحقق أول إنجازاته هذا العام باكتشاف نفطي جديد بعد خمس سنوات من العمل المستمر حيث تم اكتشاف أول مورد نفطي في مشروع الحفر الاستكشافي البحري، في حقل النوخذة البحري. وتشير التقديرات إلى أن هذا الحقل يحتوي على موارد هيدروكربونية تصل إلى 2.1 مليار برميل من النفط الخفيف، و5.1 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز، مما يمثل إنجازاً استراتيجياً مهماً يعزز مكانة الكويت في قطاع الطاقة العالمي.
وفي عام 2020، أحرزت الشركة تقدماً نوعياً آخر بإطلاق الإنتاج في مشروع النفط الثقيل بحقل جنوب الرتقة شمالي الكويت. يُعد هذا المشروع الأضخم في تاريخ البلاد وأحد أكبر المشاريع في منطقة الشرق الأوسط، ونجحت الشركة في تصدير أول شحنة من النفط الثقيل إلى الأسواق العالمية، متحدية الظروف الصعبة التي فرضها انتشار جائحة «كورونا».
تعزيز الكفاءة والإنتاجية
تعمل الشركة حاليًا على تنفيذ إستراتيجيتها لعام 2040، التي تركز على تعزيز الكفاءة والإنتاجية، إلى جانب إستراتيجية التحول في الطاقة لعام 2050، التي تهدف لتحقيق معدل صفر من الانبعاثات الكربونية. وقد استكملت الشركة أخيراً عملية الهيكلة الداخلية التي تساعدها على مواجهة التحديات المستقبلية والتطورات العالمية.