عمر الحريري... نجم لا ينطفئ بريقه

اجتاز الحريري مرحلة الانتشار الفني، وقدّم كمًا هائلاً من الأفلام خلال حقبة الخمسينيات، وتضاعف رصيده السينمائي في عام 1958، وشارك مع المطرب فريد الأطرش ومريم فخرالدين ورشدي أباظة في فيلم «ماليش غيرك»، تأليف بديع خيري، وإخراج هنري بركات.

وفي العام ذاته، جسّد شخصية «الدكتور مصطفى» في فيلم «سيدة القصر»، تأليف حسين حلمي المهندس وإخراج كمال الشيخ، وبطولة فاتن حمامة وعمر الشريف وفردوس محمد، واستيفان روستي، وزوز ماضي. وتدور القصة حول «سوسن» فتاة يتيمة متوسطة الحال، تتعرف على «عادل» الشاب الثري في صالة مزادات، فيعجب بها ويحاول التودد إليها، وحينما يفشل يقرّر الزواج منها، وتتصاعد الأحداث.

وتكرّر لقاء الحريري بالنجمة فاتن حمامة في الفيلم الرومانسي «حتى نلتقي»، تأليف يوسف عيسى، وإخراج هنري بركات. وشارك في البطولة عماد حمدي، وأحمد مظهر، وزهرة العلا، وسراج منير، وقد عُرِض الفيلم لأول مرة يوم 9 يناير 1958، وفاز بجائزة المركز الكاثوليكي المصري في نفس العام.

شباب اليوم

عاد الحريري إلى أفلام الميلودراما في «شباب اليوم»، تأليف عبدالعزيز سلام، وإخراج محمود ذوالفقار، وجسّد فيه شخصية الطبيب «ممدوح» أمام مريم فخرالدين، وكاريمان، ومحمود المليجي، ويوسف فخرالدين. ويدور حول الفتاة «فتحية» التي تعتنى بأبيها المريض، وذات يوم تكتشف أنها ليست ابنته فتنقلب حياتها رأسًا على عقب، وعُرِض الفيلم لأول مرة في 3 مارس 1958.

وفي العام نفسه، شارك في بطولة فيلم «المَعَلمة»، المقتبس عن مسرحية «عطيل» للكاتب الإنكليزي ويليام شكسبير، سيناريو السيد بدير وإخراج حسن رضا، وبطولة تحية كاريوكا ويحيى شاهين ومحمود المليجي ونجوى فؤاد، ويدور الفيلم حول «المَعَلم عباس» رجل مليء بالوساوس ويزرعها بداخله أحد أصدقائه المقربين، ويحاول أن يوغل صدره ضد زوجته «المعلمة توحة»، ويُدبّر للمعلم عباس مكيدة تفضي به إلى السجن.

عش الغرام

تتابعت رحلة الحريري في السينما، وأسدل الستار على حقبة الخمسينيات، بعد ظهوره في سبعة أفلام، منها «العتبة الخضراء» تأليف جليل البنداري، وإخراج فطين عبدالوهاب، وجسّد فيه شخصية كاتب شاب أمام أحمد مظهر، وصباح، وإسماعيل ياسين، وزينات صدقي.

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي، حول شاب ريفي، يلتقي في القاهرة بشاب وسيم فيصادقه، وهو في الحقيقة محتال يوهمه أن بإمكانه أن يبيع له ميدان العتبة الخضراء الشهير في وسط القاهرة، فيصدقه، ويعطيه كل أمواله، وعلى الجانب الآخر مطربة شابة تحلم بالشهرة والمجد الفني، وتقع هي أيضًا في حبائل المحتال.

والفيلم مستوحى من قصة حقيقية، حدثت في خمسينيات القرن الماضي، وبطلها الشاب المحتال رمضان أبوزيد العبد، الذي قضى عقوبة السجن، لقيامه بعدة عمليات نصب، واشتهر باستغلال موهبته في الاحتيال. وتُعد حادثة بيع الترام لشاب ريفي يدعى حفظ الله سليمان من أشهر جرائمه، لكنه وقع في قبضة الشرطة، ونال عقوبة السجن لمدة عامين ونصف العام، وبعدها تحوّل هذا الحادث الشهير إلى الفيلم السينمائي «العتبة الخضراء».

وفي «عش الغرام» التقى الحريري مع شادية وكمال الشناوي، وجسّد شخصية الشاب الثري «جوهر أبوالدهب»، والفيلم تدور أحداثه في إطار كوميديا غنائية من تأليف يوسف جوهر، وإخراج حلمي رفلة، وشارك في بطولته ليلى فوزي، وحسين رياض، وميمي شكيب، وعزيزة حلمي، وعُرض في 2 نوفمبر 1959.

الطبيب والمبروك

شارك الحريري في فيلمين حول الدجل والشعوذة، أولهما «أم رتيبة» عام 1959، قصة يوسف السباعي وإخراج السيد بدير، وتدور الأحداث في إطار كوميدي حول أم رتيبة (ماري منيب) التي تعاني وشقيقها الأصغر (عمر الحريري) تسلط شقيقهما الأكبر عبدالصبور (حسين رياض) المهووس بأعمال السحر والدجل والشعوذة، ويتعامل مع الدجال (فريد شوقي)، وتعاني بسبب رفضه التام لفكرة زواجها من جارها.

وفي فيلم «المبروك» جسّد الحريري شخصية «الطبيب حسن» أمام محمود المليجي، ومريم فخرالدين، وعماد حمدي، وعلوية جميل، وسميحة أيوب، وإخراج حسن رضا. وتدور قصته حول رجل يُدعى «المبروك» يمارس الدجل من أجل كسب غير شريف، تدفعه إلى ذلك زوجته «بهية»، ويتعرف ذات يوم على أرملة تُدعى «بهيجة هانم» التي تطلب منه أن يأتي إلى منزلها الريفي لمعالجة ابنتها زينب من أمراضها النفسية، وتنكشف حقيقته، وينال عقوبة السجن.

سينما الستينيات

لعب عمر الحريري دورًا مؤثرًا في سينما الستينيات، وبات من أبرز نجومها الشباب، واستهل تلك الفترة بعشرة أفلام دفعة واحدة، منها «وطني وحبي» بطولة وإخراج حسين صدقي، والنجمة السورية هالة شوكت، وصلاح منصور، ونظيم شعراوي، وعبدالغني قمر، وعُرض في دور السينما في 14 أبريل 1960.

وفي العام ذاته، شارك في بطولة فيلم «الرباط المقدس» أمام المطربة صباح، وعماد حمدي، وصلاح ذوالفقار، والفيلم مأخوذ عن قصة للأديب توفيق الحكيم، وكتب السيناريو يوسف جوهر، وتولى الإخراج محمود ذوالفقار.

وارتكز الفيلم على الطابع الذهني لأعمال الحكيم، واستحضاره شخصية الكاتب الذي يعيش معزولًا في برجه العاجي، وتدور الأحداث في عالم افتراضي يناقش خلاله مفهومه للزواج من خلال شخصية «الدكتور رأفت» الذي لا يعتني بزوجته، ويقضي وقته في قراءة ومتابعة مؤلفات الروائي الشهير راهب الفكر، فتقرر الزوجة أن تبحث عند الراهب نفسه لتعرف سر شعبيته واستحواذه على كل حواس زوجها، لكنها سرعان ما تصبح هي بدورها من تلميذاته المتحمسات، وتقرّر البدء في كتابة قصة مستوحاة من حياتها الزوجية.

نهر الحب

والتقى الحريري مرة أخرى بالنجمة فاتن حمامة وعمر الشريف في «نهر الحب»، المقتبس عن رواية «آنا كارنينا» للكاتب الروسي ليو تولستوي، سيناريو يوسف عيسى وإخراج عزالدين ذوالفقار، واشترك في البطولة زكي رستم، وفؤاد المهندس، وزهرة العلا، وأمينة رزق، وسهير البابلي.

ولعب الحريري دور «ورد» في فيلم «قيس وليلى» سيناريو ولي الدين حسن، وإخراج أحمد ضياء الدين، وبطولة شكري سرحان «قيس»، وماجدة «ليلى»، وعباس فارس «والد ليلى». وتدور الأحداث في إطار رومانسي حول القصة الشهيرة لليلى العامرية وقيس بن الملوّح، وعرض الفيلم لأول مرة في 18 يناير 1960.

نهاية الطريق

وفي عام 1960، التقي الحريري مع الفنان يوسف وهبي في الفيلم الكوميدي النادر «شجرة العائلة»، تأليف وإخراج شريف والي، وبطولة أحمد رمزي، والمطربة السورية ندى، وعبدالسلام النابلسي. ويدور الفيلم حول قصة حب بين إلهام وفريد (ندى والحريري) يواجه زواجهما عقبة، فإلهام تسكن في أحد الأحياء الفقيرة، ووالدها المَعَلم مدبولي، بينما فريد من عائلة ثرية، فتطلب من أبيها أن يتعلم أصول الاتيكيت، ويتولى زاهر (عبدالسلام النابلسي) هذه المهمة.

وفي «نهاية الطريق» جسّد الحريري شخصية الشاب «فؤاد» أمام رشدي أباظة، وهدى سلطان. والفيلم من إخراج كمال عطية، وشارك في بطولته توفيق الدقن، وعباس فارس، ووداد حمدي، وحسن البارودي. وتدور أحداثه حول «شربات» التي تتزوج من شاب كانت تحبه، وتساعده في رحلته الدراسية حتى يتخرج ويصير محاميًا، وتقودها رغبتها في الثراء، للانفصال عنه، وتتزوج من أحد الأثرياء، وتتعرض لمفاجآت غير متوقعة.

ولعب الحريري شخصية المحامي في فيلم «سر امرأة»، قصة يوسف عيسى وإخراج عاطف سالم، وشارك في البطولة هدى سلطان، وصلاح ذوالفقار، وعايدة هلال. والفيلم يدور في إطار تشويقي حول جريمة قتل رجل ترك بيت الزوجية، وانغمس في حياة اللهو، وتُتَهم إحدى السيدات بقتله، وفي أثناء التحقيقات، تكتشف الشرطة أن لهذه السيدة شقيقاً يتولى الإنفاق عليها، والذي يقوم بالدفاع عنها في محاولة لمعرفة القاتل الحقيقي.

ثلاث وريثات

وظهرت صورة الحريري على ملصق فيلم «ثلاث وريثات» إخراج السيد بدير، وبطولة مريم فخرالدين، وأحمد مظهر، وزهرة العلا، ولولا صدقي، وعبدالمنعم إبراهيم. وتدور الأحداث في إطار كوميدي حول ثلاث فتيات «ميرفت وفوقية وكاميليا» يفزن بجائزة اليانصيب وقدرها ألف جنيه، فيقررن القيام بمغامرة من أجل البحث عن زوج ثري، وقد عُرض الفيلم في 10 أغسطس 1960.

وشارك الحريري في الفيلم الرومانسي «السبع بنات» (1961)، قصة نيروز عبدالملك، وإخراج نيازي مصطفى، وبطولة سعاد حسني، ونادية لطفي، وزيزي البدراوي، وحسين رياض، وأحمد رمزي، وعبدالسلام النابلسي. وتدور القصة حول رجل مكافح في عمله لديه سبع بنات، وتحمل مسؤولية تربيتهن بعد وفاة والدتهن، وتتعرض ثلاث من بناته «أحلام ووداد وسلوى» للعديد من المشكلات، وتتوالى الأحداث.

غاب عن المسرح القومي وعاد «في عز الضهر»

ارتبط الفنان عمر الحريري بمسرح الدولة، منذ خمسينيات القرن الماضي، ووقتها كان المسرح يتميز بالالتزام الشديد، ومن الصعب أن يمارس الممثل عملاً آخر بجانبه، وتولى يوسف وهبي إدارة الفرقة، وقدّم معه 30 مسرحية في موسم صيفي واحد بمدينة الإسكندرية الساحلية، وأغلبها من تراث فرقته السابقة «رمسيس»، ومنها «راسبوتين» و«كرسي الاعتراف» و«بيومي أفندي».

وفي أوائل الستينيات، استقال الحريري من المسرح القومي، وقرّر التفرغ للسينما، بعد أن أصبح نجمًا، وطلبته فرقة مسرح الريحاني ليشارك معها في بعض العروض، فانضم إليها، وقدّم العديد من المسرحيات بما لا يتعارض مع عمله في السينما، ومن بينها «الحظ لما يطرقع» و«تعيش وتاخذ غيرها».

وبعد إنشاء مسارح التلفزيون، انضم إليها لأنه لم يستطع الابتعاد عن خشبة المسرح، وفي تلك الفترة قدّم العديد من المسرحيات منها «العش الهادئ» أمام ليلى طاهر، وبعدها اتجه إلى المسرح الخاص، ومن أبرز أعماله فيه «شاهد ماشافش حاجة»، و«الواد سيد الشغال» مع عادل إمام.

ومن خلال فرقة المسرح القومي شارك الحريري في مسرحية «الناصر»، تأليف الشاعر عزيز أباظة، وإخراج زكي طليمات، وبعدها قدّم مسرحية «طالب ثانوي»، إخراج فتوح نشاطي، وكانت أول بطولة مطلقة له، بينما كانت «بداية ونهاية» عام 1961، آخر مسرحياته في المسرح القومي، وجسّد فيها شخصية الضابط حسين، وهي الشخصية التي جسدها عمر الشريف في الفيلم السينمائي الذي يحمل نفس الاسم.

وبعد غياب لسنوات طويلة، عاوده الحنين لمسرح القطاع العام، وصعد فوق خشبة المسرح القومي، وشارك في بطولة مسرحية «في عز الضهر» (2003)، أمام نجمة المسرح سميحة أيوب، وتوفيق عبدالحميد، وماجدة الخطيب، ومحمود الحديني، والعمل من تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد عمر.