اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
عمر محمود - الدوحة - الخليج أونلاين
الكاتب السياسي راكان السعايدة: الاعتداء يحمل رسالة واضحة تتضمن تحدياً وتهديداً لكل دول الخليج والدول العربية.
في تطوّر غير مسبوق على الساحة العربية، والخليجية تحديداً، جاء الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة ليشكل صدمة سياسية وأمنية عميقة.
ووصف رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الحادث بأنه 'إرهاب دولة'، ما يرفع الحادثة من كونها خرقاً أمنياً محدوداً إلى مستوى تهديد مباشر للقانون الدولي ولمنظومة الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا التطور لم يقتصر على كونه استهدافاً لسيادة قطر فحسب، بل أعاد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول أمن الخليج ككل، فالموقف الرسمي القطري، وإن انطلق من الدفاع عن السيادة الوطنية، يضع مجلس التعاون أمام معادلة حرجة: هل يُنظر إلى ما جرى بوصفه حادثاً معزولاً، أم بوصفه إنذاراً استراتيجياً يستهدف الأمن الخليجي المشترك؟
وقاحة سياسية
إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحمّل مسؤولية العملية لم يكن مجرد تصريح عابر، بل مثّل وقاحة سياسية عززت الانطباع بأن الاعتداء لم يكن ردّ فعل عسكرياً فحسب، وإنما خطوة مدروسة في إطار محاولة استراتيجية لإعادة رسم خريطة النفوذ في الخليج.
ففي هذا السياق، ينظر إلى استهداف الدوحة على أنه جزء من مسعى إسرائيلي يهدف إلى تقليص الدور القطري كوسيط فاعل في ملف غزة، ومنع تحويل الخليج إلى منصة دبلوماسية قادرة على الضغط من أجل تهدئة أو إعادة توازن معادلات الصراع، تمهيداً لفرض واقع أمني وسياسي أكثر انسجاماً مع مصالحها.
ويؤكد مراقبون أن الهجوم الإسرائيلي يمثل اعتداءً على جميع دول مجلس التعاون الخليجي، لافتين إلى أهمية العمل الموحد لمواجهة التحديات التي يواجهها مستقبل المنطقة.
الكاتب القطري عبد الله العذبة قال في حديث لـ'تلفزيون قطر' إن ما حدث يؤكد أن دولة قطر سعت دائماً لأن تكون قضية فلسطين هي القضية المحورية والأساسية.
وأوضح العذبة أن الجميع يعلم أن 'دولة قطر دفعت الكثير من الأثمان من أجل نصرة القضية الفلسطينية التي لن تتخلى عنها قطر ولا قياداتها بعد هذا العدوان الهمجي'.
كما أكد أن وفد 'حماس'قدموا إلى الدوحة بطلب وإلحاح متكرر من الولايات المتحدة منذ حقبة الرئيس بايدن؛ لكي تكون قطر الوسيط الذي يجمع أطراف التفاوض.
وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي 'لا يمس فقط الضيوف'، مشدداً على أن 'من اعتدى على قطر اعتدى على جميع دول مجلس التعاون. الخطر هو خطر على الجميع'.
من جانبه قال الكاتب القطري جابر الحرمي، في حديث لقناة 'الجزيرة': إن 'احلام نتنياهو في شرق أوسط جديد لا تستثني منطقة دون أخرى بما فيها منطقة الخليج'.
وعليه يشدد الحرمي أن 'المنظومة الخليجية، التي صمدت طوال 45 عاماً، اليوم أمامها تحديات حقيقية'، مبيناً أن 'قادة مجلس التعاون يعون هذه التحديات الكبرى'.
تطرق الحرمي إلى مخططات 'إسرائيل' التي كشف عنها نتنياهو في أكثر من موقع، مبيناً أن 'نتنياهو ليس من الآن بل من على منبر الأمم المتحدة حمل خارطة يتحدث عن الشرق الأوسط الجديد، وفي تصريحات مختلفة يتحدث عن مملكة إسرائيل والأراضي التي يريد الوصول إليها'.
لذلك، يرى الحرمي أن منطقة الخليج ليست بعيدة عن الطموحات الإسرائيلية التي يسعى نتنياهو إلى تحقيقها، مبيناً أن 'مجلس التعاون اليوم أمامه تحدٍّ خطير وكبير في الحفاظ على هذه المنظومة. الاستهداف ليس لقطر بل لمجلس التعاون الخليجي'.
خيارات ردّ الفعل الخليجي
ردّ الفعل الخليجي المتوقع يجب أن يبنى على مبدأ أن ما تعرّضت له قطر ليس حدثاً منفصلاً، بل تهديد لبنية الأمن الإقليمي برمّته، ما يضع في الواجهة معاهدة الدفاع المشترك في مجلس التعاون كأداة يمكن تفعيلها، ليس بالضرورة عبر تحركات عسكرية مباشرة، وإنما عبر صياغة موقف استراتيجي يعلن بوضوح أن استهداف أي عاصمة خليجية يعد استهدافاً للجميع.
ولعل الخيارات المتاحة أمام دول الخليج تشمل مسارات متعددة، فعلى الصعيد الدبلوماسي، يمكن استدعاء السفراء أو تجميد الاتصالات الثنائية، أما على الصعيد الاقتصادي فيمكن استخدام أوراق الاستثمار والتعاون التجاري كأداة ضغط منسقة.
وعلى الصعيد القانوني الدولي يمكن طرح القضية أمام مجلس الأمن والجمعية العامة باسم دول الخليج مجتمعين، ما يعزز من قوة الرسالة السياسية ويحوّل الاعتداء من مجرد خلاف ثنائي إلى قضية إقليمية ذات أبعاد دولية.
وتتمثل أحد أبرز أبعاد الحادث في استهداف الوساطة القطرية في غزة، ما يعني أن الاعتداء لا يمسّ فقط الأمن الخليجي، بل يهدد أيضاً فرص التهدئة في واحدة من أكثر ساحات النزاع تعقيداً.
فالدفاع عن أمن الخليج أصبح مرتبطاً مباشرة بالدفاع عن فرص الاستقرار في المنطقة الأوسع، وبينما يشكل تجاهل هذا الارتباط إضعافاً للدور الإقليمي للخليج، يعزز تبنيه مكانته كلاعب قادر على الربط بين أمنه الداخلي ومسارات السلام الإقليمي.
الكيان لا يردع بالردود السياسية
الكاتب السياسي راكان السعايدة يرى أن الاعتداء يحمل رسالة واضحة تتضمن تحدياً وتهديداً لكل دول الخليج، وحتى للدول العربية الأخرى.
ويضيف في حديثه لـ'الخليج أونلاين':
- أحد المسؤولين الصهاينة صرح بعد العملية بأن هذه الخطوة تمثل رسالة لكل دول الشرق الأوسط.
- أكد أنه لا يتردد في استهداف أي دولة عربية إذا رأت حكومته ذلك مناسباً.
- خيار الأمن الجماعي الخليجي قد يحقق ردعاً نسبياً لـ'إسرائيل'، لكنه لن يكون كلياً، نظراً لحماية الكيان الأمريكية والغربية، وللتوجهات اليمينية المتطرفة فيها.
- أيضاً لقدرتها على اتخاذ خطوات مغامرة ومجازفة، إضافة إلى تقييمها للواقع العربي الذي قد يدفعها إلى استهداف أي بلد عربي بشكل علني أو خفي، كما حدث مع سفن كسر الحصار على شواطئ تونس.
- الكيان في صورته الحالية لا يردع بالردود السياسية فقط، بل يحتاج إلى قوة فعلية مضافة للعمل السياسي لضمان الفاعلية.
- التحرك الدبلوماسي، والضغط الاقتصادي، وتفعيل البعد الأمني والعسكري يجب أن يتم بشكل متكامل، بحيث تملك الدول العربية الخيارات وأوراق القوة، سواء على المستوى المعنوي أو المادي.
ويتساءل السعايدة في نهاية حديثه عن مكان معاهدة الدفاع العربي المشترك، مؤكداً أنه 'ما لم تعمل الدول العربية يداً واحدة وتتجاوز خلافاتها وتبايناتها، فإنها ستتعرض للاستفراد واحدة تلو الأخرى في سياق تفكيك المنطقة وإعادة ترتيبها وفق رؤية أمريكية وإسرائيلية تستهدف الجميع'.
وشهدت الساحة العربية موجة تضامن رسمية واسعة مع دولة قطر عقب الهجوم الإسرائيلي على أراضيها، حيث توالت بيانات التنديد التي اعتبرت الاعتداء 'انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي'.