كيف حافظت اليابان على رشاقة مواطنيها؟

رغم أن شعب اليابان من أكثر شعوب العالم حباً للطعام، إلا أن لديه نسبة عالية من الرشاقة والنحافة، مقارنة بالعديد من شعوب الدول المتقدمة التي تفشت فيها ظاهرة السمنة.

وتشير بعض الدراسات إلى أن انتشار مستويات غير صحية من الوزن على نطاق واسع ترتبط غالباً بالازدهار الاقتصادي، فكلما زاد ثراء الناس أضحوا يأكلون أكثر ويميلون إلى السمنة.

في بريطانيا على سبيل المثال، يعاني نحو ثلثي سكان البلاد من زيادة في الوزن، وفقاً لما ذكرته صحيفة التايمز اللندنية.

ورغم أن أوزان اليابانيين، الذين يعيشون في دولة ثرية جداً، زادت قليلاً على مر العقود الماضية، فإن مستويات السمنة فيها لا تزال تتساوى مع تلك المعدلات الموجودة في بلاد تعاني فقراً مدقعاً، مثل أفغانستان وبنغلادش.

◄ انخفاض السمنة

وتعد «بلاد الساموراي» مجتمعاً تجارياً حديثاً، حيث توجد دائماً إغراءات الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة والحلويات بمختلف أنواعها، ومع هذا فإن متوسط الاستهلاك اليومي يصل إلى 2705 سعرات حرارية في اليوم، مقارنة بـ3344 سعرة حرارية في بريطانيا و3782 في الولايات المتحدة.

وبحسب خبراء صحة، فإن أسباب معدلات السمنة المنخفضة في اليابان معقدة، فهي عبارة عن مزيج صغير من سياسات حكومية يقابله خليط أكبر من العادات الثقافية والاجتماعية الراسخة. ويرى رجل الأعمال البريطاني وأحد أبرز رواد صناعة الوجبات السريعة، هنري ديمبلبي أن سياسات الغذاء اليابانية يمكن تبنيها في المملكة المتحدة لمكافحة السمنة والأمراض الناجمة عن زيادة الوزن.

◄ قانون الفحوصات الطبية

وبموجب القانون الياباني، يتعين على الشركات تقديم فحوصات طبية سنوية لجميع الموظفين الذين يعملون بدوام كامل وتزيد أعمارهم على 40 عاماً.

ومن بين الفحوصات الأخرى التي يجب إجراؤها قياس حجم الخصر، إذ يتم تقديم المشورة بشأن إنقاص الوزن للرجال الذين يزيد قطر خصرهم على 85 سم والنساء اللواتي لديهن حجم الخصر أكثر من 90 سنتيمتراً.

وكان قد جرت المصادقة على ذلك القانون في عام 2008 استجابة لارتفاع معدلات السمنة التي بدأت تشهدها البلاد، رغم أنها كانت تعتبر قليلة جداً ومذهلة وفقاً للمعايير الغربية.

◄ ثقافة الغذاء الصحي

وتكمن الأسباب العميقة للنحافة اليابانية في انتشار الثقافة التي يكون فيها تناول الغذاء الصحي هو الشغل الشاغل لدى سكان تلك البلاد، بل إن الأمر قد يصل إلى درجة الهوس لدى البعض.

وما يساعد على انتشار ثقافة الطعام الصحي في اليابان أن تكلفته ليست مرتفعة لمعظم سكان البلاد، ما يتيح خيارات عديدة ومتنوعة تبعد عنهم شبح الملل وتشجع على تنويع الأطباق.

ويحتوي كل مبنى إداري كبير في طوكيو على قبو مليء بالمطاعم، حيث يمكن للعمال والموظفين شراء وجبة غداء متنوعة مقابل 1000 ين ياباني (7.45 دولارات)، وهذا مبلغ ليس بالكبير مقارنة بمتوسط دخل الفرد الذي يزيد على 68 ألف دولار سنوياً.

◄ أطعمة بحرية

وتتضمن تلك الوجبات قطعة من السمك المشوي أو صحن سوشي أو طبقاً تقليدياً، وكلها تكون معدة بطريقة بصرية جميلة تلفت النظر وتثير الشهية. من جانب آخر، يفضل اليابانيون شرب الماء أو الشاي غير المحلى أكثر من المشروبات الغازية والعصائر الغنية بالسكر. ورغم أن ذلك الشعب المدمن على العمل بات يأكل لحومًا حمراء أكثر مما اعتاد عليه في العقود المنصرمة، بيد أنه لا يزال معظم أفراده يحرصون على تناول الأسماك والأطعمة البحرية بنسبة أكبر من الأوروبيين والأميركيين.

◄ الوجبات المدرسية

تغرس وجبات الطعام المدرسية الإجبارية عادات الأكل الجيد في وقت مبكر لدى الأطفال، فهي تمتاز بكونها بسيطة وصحية ومنخفضة السعرات الحرارية. كما أن المدارس الابتدائية تمنع تلاميذها من إحضار الطعام من منازلهم، وبالتالي فهم يأكلون الوجبات نفسها ضمن الأوقات المحددة لذلك، ووفق كميات محددة تمنع عنهم النهم والإفراط.