«الشركات النائمة».. تدخل دائرة اهتمام منظومة السوق

عيسى عبدالسلام -

تتميز بورصة الكويت بتنوع كبير في مستويات الحركة السعرية عبر قطاعات السوق المختلفة، حيث تنشط بعض الأسهم بقوة خلال فترات قصيرة مدفوعة بتدفقات سيولة مضاربية أو استثمارية، بينما تظل أسهم أخرى ثابتة لمدد طويلة رغم ما تعلنه شركاتها من نتائج مالية قوية وملاءة تشغيلية متنامية.

كشفت مصادر مطلعة لـ القبس أن هذه الشريحة من الأسهم التي يطلق عليها المستثمرون «الشركات النائمة أو الخاملة»، أصبحت محور اهتمام منظومة السوق وعدد متزايد من المستثمرين، لكونها تمثل فرصا استثمارية غير مكتشفة تعكس فجوة بين واقع أداء الشركات وبين تسعيرها السوقي.

وبينت المصادر أن هذه الأسهم محل دراسة منظومة السوق لوضع الحلول لها، فعلى الرغم من ان هذه الشركات قد تحظى بمفهوم سلبي أو ضعيف، الا أنها في الحقيقة تحمل دلالات ايجابية، خصوصا عندما تكون الشركات نفسها قوية ماليا وتتمتع بادارة ذات كفاءة وتحقق نتائج تشغيلية مستقرة، فوفقا لبيانات الشركات المدرجة تقدم بيانات السوق خلال السنوات الأخيرة عدة نماذج لشركات أظهرت أداء ماليا لافتا من دون أن يشهد سهمها الحركة السعرية المتوقعة.

غياب محفزات

فعلى سبيل المثال، هناك شركات في قطاعات معينة سجلت نموا في الايرادات مع ارتفاع صافي الربح وتحسن هوامش التشغيل، ورغم ذلك ظلت أسعار أسهمها ضمن نطاق ضيق لأشهر طويلة، ويعود ذلك غالبا الى غياب المحفزات الفورية، ما أدى إلى تأجيل تفاعل السوق مع نتائجها.

كما تظهر أمثلة بارزة في قطاعات تشغيلية، حيث تمتلك بعض الشركات محفظة أصول قوية أو مشاريع قائمة تحقق تدفقات نقدية مستقرة، الا أن السهم يبقى مقيدا بسبب انخفاض التداول الحر أو تمسك المساهمين الرئيسيين بحصصهم، ما يقلل من حجم السيولة المتداولة ويحد من الحركة السعريّة رغم قوة النتائج.

وفي حالات أخرى، هناك شركات استثمارية أو قابضة تسجل نموا لافتا في قيمة أصولها أو ارتفاعا ملحوظا في دخل استثماراتها، لكن السعر السوقي يبقى أقل من القيمة الدفترية بفارق كبير نتيجة تقييمات متحفظة من قبل المتداولين أو تأخر في اكتشاف القيمة الحقيقية لتلك الأصول.

وتعكس هذه النماذج واقعا مهما يتلخص في أن التحسن المالي لا يعني بالضرورة انعكاسا فوريا على السعر السوقي، وأن بعض الشركات تحتاج الى مزيد من الوقت أو عوامل خارجية مثل توسعات جديدة أو اعادة هيكلة أو زيادة مستوى الشفافية والافصاح، حتى يدخل سهمها مرحلة صعود تنتظرها شريحة واسعة من المستثمرين.

أبرز العوامل

ووفق المصادر هناك مجموعة من العوامل التي تجعل بعض الأسهم لا تتحرك بالوتيرة المتوقعة، رغم اعلانها عن نتائج مالية ايجابية أو تحقيقها مستويات نمو تفوق متوسطات السوق، من أبرز هذه العوامل:

1- نقص التحاليل الفنية: في كثير من الأحيان لا تحظى بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة بتقارير دورية من بيوت الاستثمار أو التغطية الاعلامية، الأمر الذي يقلل من وعي المستثمرين بالمستجدات المالية، هذا الغياب يجعل نتائج الشركة لا تصل بالشكل الكافي الى المتداولين والمستثمرين، وبالتالي لا ينعكس التحسن المالي على السعر السوقي.

2-انخفاض مستوى التداول الحر: بعض الشركات تمتلك هيكل ملكيات يضم مساهمين كبارا يحتفظون بحصص مرتفعة ولا يتداولون عليها بشكل نشط، هذا النوع من قوائم الملكيات يؤدي الى انخفاض حجم الأسهم المتاحة للتداول، وبالتالي يبقى السهم مستقرا لفترات طويلة حتى مع تحسن الأداء.

3-التحفظ في الافصاحات أو ضعف التواصل مع المستثمرين: هذه الشركات التي لا تبذل جهدا لتعزيز استراتيجية علاقات المستثمرين، أو لا تقدم معلومات تفصيلية بشأن خططها المستقبلية، غالبا ما تبقى خارج دائرة الاهتمام المؤسسي، وقد أثبتت التجارب أن تحسين جودة الإفصاحات وحده قادر على تحريك السهم بشكل ملموس.

4-غياب محفزات قصيرة الأجل: في هذه الحالة حتى لو حققت الشركة أرباحا ايجابية، فان غياب الاعلان عن عقود جديدة أو دخول مستثمر استراتيجي أو توسعات تشغيلية، قد يجعل السهم ينتظر عوامل دعمه واضحة تحفزه للتحرك.

5- تقييمات متحفظة من السوق: قد يكون السهم مقوما بأقل من قيمته الحقيقية بسبب نظرة المستثمرين التاريخية للشركة أو ضعف نشاطها السابق، أو تأثرها بموجة بيع عامة في السوق، رغم تحسن أدائها المالي.

إيجابيات الشركات النائمة

في حال النظر الى الشركات النائمة من زاوية ايجابية، نجد أنها تقدم نموذجا من الاستقرار والقيمة التي يفضلها عدد كبير من المستثمرين، متوسط وطويل الأجل، خاصة أولئك الذين يبحثون عن فرص أقل مخاطرة وأكثر ارتباطا بالأساسيات المالية ومن نماذج هذه الشركات:

1-شركات تحقق نتائج تشغيلية مستقرة: تظهر العديد من هذه الشركات نموا في الايرادات والربحية، مع الحفاظ على معدلات ديون منخفضة وتدفقات نقدية قوية، ما يجعلها مرشحة لحركة سعرية مستقبلية عند دخول مستثمرين مؤسسيين جدد أو عند اعادة تقييم السهم.

2-أصول غير مفعلة بالكامل: بعض هذه الشركات تمتلك أصولا عقارية أو استثمارية كبيرة غير منعكسة على أداء الشركة وسعرها السوقي بشكل عادل، وهو ما يشير إلى وجود قيمة كامنة قد يتم اكتشافها في أي وقت، خاصة مع ارتفاع قيمة الأصول أو اعادة هيكلتها.

3-قدرة على تحقيق تصحيح صعودي سريع التجارب السابقة في السوق الكويتي أظهرت أن الاسهم التي تبقى مستقرة لفترات طويلة غالبا ما تشهد قفزات حادة عند ظهور محفز قوي أو عند توجه سيولة جديدة نحوها، وقد شهدت بورصة الكويت أمثلة عديدة على أسهم تضاعفت قيمتها السعرية خلال أشهر بعد سنوات من الثبات.

4- انخفاض المخاطر: استقرار حركة هذه الأسهم يجعلها أقل عرضة للمضاربات اليومية، وأكثر ملاءمة للمستثمر المحافظ الذي يركز على الأداء المالي المستدام بدلا من فرص المضاربة السريعة.