مختصون بيئيون: تلوُّث الهواء بالمناطق السكنية.. يهدِّد الصحة

خالد الحطاب ومحمود الزاهي -

قرع مختصون بيئيون وصحيون أجراس الخطر إزاء تزايد معدلات تلوث الهواء في بعض مناطق البلاد السكنية بشكل بات يهدد الصحة العامة وينذر بالمزيد من الأمراض، خاصة التنفسية.

وقال هؤلاء المختصون لـ القبس إن هناك انبعاثات غازية ضارة متزايدة في مناطق أم الهيمان والفحيحيل والأحمدي والمنقف والصباحية، بينما تعاني مناطق أخرى مثل الشويخ والجهراء والسلام والزهراء والمطلاع وسعد العبدالله من ارتفاع الجسيمات الدقيقة في الهواء، مؤكدين أن تركيز الجسيمات في هذه المناطق ارتفع بنسبة %100.

وبينما علمت القبس أن هناك تعطلا لقراءات تركيزات الهواء في محطة رصد الشعيبة، أظهرت محطات الرصد في محافظة الأحمدي تجاوز تركيز بعض الغازات في الهواء للحدود المسموح بها وبشكل يشكل خطرا محدقا بصحة المواطنين والمقيمين.

يأتي ذلك في وقت تزايدت فيه شكاوى المواطنين في الأيام الماضية من وجود روائح كريهة في الجو تزكم أنوفهم منذ فترة طويلة، دون معرفة أسبابها، مؤكدين لـ القبس أن معدل الإصابة بالأمراض التنفسية تزايد بين بعض فئات المجتمع، أخيرا، مثل الأطفال وكبار السن.

ولوح هؤلاء المواطنون باللجوء إلى القضاء من أجل محاسبة المسؤولين عن التلوث، موضحين أنهم تقدموا بالعديد من الشكاوى إلى الهيئة العامة للبيئة والجهات المختصة، من دون أن يستجيب لهم أحد أو يتحرك لحل المشكلة.

ارتفاع حاد

في السياق، كشف تطبيق جودة الهواء التابع لهيئة البيئة عن ارتفاع حاد، متجاوزا المعايير الوطنية والدولية لقياس PM10 الذي يحتوي على خليط من الجسيمات العالقة في الهواء التي لا يتجاوز قطرها 10 ميكروغرامات، حيث لفتت منظمات ومحطات الرصد الأوروبية والأميركية إلى أن ارتفاع معدلاتها خطر جدا على صحة الانسان والمناخ لاحتوائه على مواد ملوثة.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن متوسط التركيز اليومي لهذه الجسيمات 50 ميكروغراما لكل متر مكعب، بينما وصل في الكويت في المحطات الجنوبية بين الفحيحيل وأم الهيمان على مدى الأيام الماضية أكثر من 500 ميكروغرام، ما يؤثر سلبيا على الجهاز التنفسي ويسبب نوبات السعال والصفير عند التنفس، ويؤثر بشدة على المصابين بالربو.

غازات عالية

ووفق بيانات منظمة الصحة أن الجسيمات الدقيقة التي تلوث سماء الكويت حاليا والمعروفة بـPM2.5 قادرة على اختراق الرئتين ودخول مجرى الدم، ما يسبب تأثيرات على القلب والأوعية الدموية والدماغ والجهاز التنفسي، كما أن ارتفاع ثاني أكسيد النيتروجين، له اضرار على الجهاز التنفسي، خاصة مرضى الربو، ما يؤدي إلى أعراض مثل السعال وصعوبة التنفس ودخول المستشفى.

وأظهرت بيانات محطات الرصد خلال الأيام الماضية ارتفاعا في قراءات 3 غازات في الهواء، هي: غاز ثاني أكسيد الكبريت، وغاز ثاني اكسيد النيتروجين، وغاز الأوزون، حيث تجاوزت معدلات ارتفاعها المعيار الوطني.

ثاني أكسيد النيتروجين يلوِّث أجواء الشعيبة الصناعية

كشف تطيبق جودة الهواء التابع للهيئة العامة للبيئة أن نسب قياس غاز ثاني أكسيد النيتروجين NO2 تضاعفت بشكل كبير منذ 6 وحتى 19 مايو الجاري في منطقة الشعيبة الصناعية، حيث وصلت القراءات إلى 0.119 بينما كان المعيار الوطني المسموح به عند 0.050.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن التعرض لثاني اكسيد النيتروجين بقيم أقل من 100 جزء في المليار لمدة ساعة واحدة يؤدي لازدياد الأعراض التنفسية، مثل الأزيز وضيق الصدر وشدة الالتهابات بين الأطفال المصابين بالربو.

معدَّلات ارتفاع الغازات حسب المناطق الجنوبية:

● ثاني أكسيد النيتروجين في الشعيبة الصناعية

● ثاني أكسيد النيتروجين وغاز الأوزون في الفحيحيل

● ثاني أكسيد الكبريت So2 في أم الهيمان

● الجسميات الدقيقة pm2.5 والخشنة pm10 بمعدلات سيئة في الأحمدي

صلاح المضحي لـ القبس: انتشار كبريتيد الهيدروجين وراء روائح الجو الكريهة

أرجع الخبير البيئي د. صلاح المضحي وجود روائح كريهة في نطاق العاصمة إلى عدة أسباب أولها: أن المنطقة خلال العشرين عاما الأخيرة تشهد إنشاء أبراج مرتفعة، وهو ما يستدعي الحفر لأعماق كبيرة تظهر معها مياه جوفية تحتوي على غاز كبريتيد الهيدروجين السام الذي تشبه رائحته رائحة البيض الفاسد، ولذلك يشترط للحفر وجود أجهزة لاكتشاف هذا الغاز من أجل توخي الحذر أثناء العمل.

وقال المضحي لـ القبس إن السبب الثاني لوجود روائح كريهة، سواء في العاصمة أو المناطق الصناعية القريبة منها، هو وجود مخالفات من قبل بعض المحال وتحديدا المطاعم أو الأماكن الصناعية التي تلقي بزيوت مستخدمة بالمخالفة للاشتراطات التي يتضمنها قانون البيئة، وتمنع سكب الزيوت في المناهيل وتشترط التخلص منها عبر محطات المعالجة التي يتطلب التعامل معها دفع بعض الرسوم، مشيرا إلى أن سكبها في المناهيل يسبب وجود ترسبات تنتج عنها روائح كريهة ليس في حيز المحل فقط وإنما بامتداد المنهول.

وأضاف أن القول بأن هواء الكويت ملوث حديث يتكرر بين فترة وأخرى لوجود محطة رصد الملوثات تابعة للسفارة الأميركية، ومن المعلوم أن الكويت دولة مغبرة وأجهزة محطة السفارة تعتمد على مقاييس أميركية غير معمول بها في الكويت، ولا تأخذ بعين الاعتبار معدلات الغبار في البلاد أو العوالق، ولذلك تأتي القراءات لتشير إلى وجود نسبة ملوثات مرتفعة في الهواء، وهو أمر يختلف عن التصنيف والمقاييس الموجودة في الدول المغبرة كدول مجلس التعاون.

ولفت إلى أن الهيئة العامة للبيئة لديها محطات منتشرة في الكويت تنشر يوميا القياسات الخاصة بها، ولا يتم الاعتماد على محطة واحدة، مشيرا إلى أن هواء الكويت في المناطق الصناعية تتوقف جودته على التزام المصانع، وقد كانت هناك معاناة في جنوب البلاد في السابق لضعف القانون، ولكن في ظل القانون الجديد هناك التزام قوي بتطبيقه، والأمر الثاني أن هناك قرارا من المجلس الأعلى للبيئة قبل قرابة 5 سنوات بايقاف التوطين الصناعي في منطقة الشعيبة الغربية، والسبب أن الرياح في الكويت إما شمالية أو شمالية غربية وبالتالي كانت أي ملوثات منها تتجه نحو منطقتي علي صباح السالم والشاليهات، لذا تم اتخاذ القرار لحين التأكد من استكمال جميع المصانع الحالية للاشتراطات، وهو ما أسهم في تحسين الوضع، والوضع العام للبيئة في الكويت تحسن في السنوات الماضية عما كان عليه في السابق.

د.فنيس العجمي لـ القبس: صحة المواطنين خط أحمر

قال الناشط البيئي د.فنيس العجمي لـ القبس إن الشكاوى والملاحظات بشأن انبعاث الروائح الكريهة وتغير لون السماء بات واضحا في المنطقة الجنوبية وبشكل مستمر منذ أيام. وأضاف العجمي أن الجهات ذات العلاقة يجب أن تتحرك لإيقاف الضرر الواقع على صحة المواطنين، ويجب على الشركات النفطية العمل سريعا على تصفية الهواء والفلاتر.

وبين ان مثل هذه الملوثات وكثرتها بحسب الدراسات تتسبب في ظهور الأمراض وأعراض الربو وغيرها من السرطانات، داعيا إلى عدم اهمال الأمر والتحرك عاجلا، فسلامة المواطنين خط أحمر. وطالب بزيادة محطات القياس لجودة الهواء وأن تتمتع بالشفافية والقيام بالمعالجات اللازمة.

المحامي حسن العاطفي: تجاهل «البيئة» للشكاوى.. مخالفة قانونية

كشف المحامي حسن العاطفي عن وجود انتشار كبير لغاز الأمونيا ذي الرائحة القوية في المنطقة العاشرة، داعيا المواطنين المتضررين الذين لم تستجب هيئة البيئة لشكاواهم، إلى اللجوء الفوري للنيابة العامة للتقدم بشكوى حول التلوث البيئي وتضررهم منه. وقال العاطفي لـ القبس معاناة سكان المنطقة العاشرة مستمرة منذ اسبوع تقريبا، وهناك عشرات الشكاوى التي تقدم بها المواطنون إلى هيئة البيئة بشأن ذلك وتأثرهم من التلوث الجوي.

وأضاف: قانونيا، وفي حال عدم استجابة الهيئة العامة للبيئة لشكاوى المتضررين، يمكن لأي شخص اللجوء للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة فورا، لاسيما أن البيئة معنية بالإعلان بشفافية عن التلوث الجوي حال حدوثه.