اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١١ كانون الأول ٢٠٢٥
د. ولاء حافظ -
لطالما اعتقد الكثيرون أن تناول فيتامين «سي» هو أحد أهم الأسلحة للوقاية من نزلات البرد، وأن الإكثار من العصائر الحمضية أو تناول المكملات يمكن أن يوقف العدوى قبل حدوثها. ورغم أن هذا الفيتامين يمتلك بالفعل فوائد صحية كبيرة، فإن الأبحاث العلمية الحديثة تُظهر صورة مختلفة تماماً عن هذا الاعتقاد الشائع.
في تقرير لصحيفة الغارديان، قال دانيال إم ديفيس، رئيس قسم علوم الحياة في «إمبريال كوليدج لندن»: «يُعدّ فيتامين سي مهماً لصحتك من نواحٍ عديدة، فهو مضاد أكسدة قوي، يساعد على حماية الخلايا من المركبات الضارة غير المستقرة الناتجة عن السموم والتلوث. كما أنه يساعد الجسم على امتصاص الحديد، ويُستخدم أيضاً في إنتاج الكولاجين. لكن فكرة أن تناول جرعات عالية من فيتامين سي - أو شرب الكثير من عصير البرتقال - سيمنع الإصابة بنزلات البرد، أو يساعد على التعافي بشكل أسرع، هي مجرد خرافة».
◄ خرافات متجذِّرة
هذا الاعتقاد المتجذر استمر لأكثر من نصف قرن، ويشرح ديفيس، مؤلف كتاب «الدفاع عن النفس» دليلا لتفنيد الخرافات حول صحة المناعة، أن سبب انتشاره يعود بشكل كبير إلى تأثير عالم الكيمياء الشهير لينوس باولينغ - الحائز على جائزتي نوبل - الذي نشر عام 1970 كتابه المثير للجدل «فيتامين سي ونزلات البرد»، الذي ارتفعت مبيعاته بشكل ضخم لدرجة أن الطلب على المكملات دفع شركات عدة لبناء مصانع مخصصة لإنتاج فيتامين «سي».
ومع أن باولينغ كان أحد الرموز العلمية في القرن العشرين، فإن الأبحاث اللاحقة أثبتت أنه بالغ كثيراً في تقدير فوائد هذا الفيتامين في الوقاية من العدوى الفيروسية.
◄ دراسات حديثة
راجعت دراسات حديثة، أبرزها التحليل الشامل المنشور في قاعدة بيانات «كوكرين» عام 2020، تأثير فيتامين «سي» على نزلات البرد، وتوصلت إلى أن الأشخاص الذين يتناولون مكملات فيتامين «سي» ليسوا أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد مقارنة بمن لا يتناولونها. وأكدت الدراسة أن المكملات قد تُخفف مدة الأعراض بشكل طفيف فقط، بنسبة %8 لدى البالغين و%14 لدى الأطفال، لكن هذا التأثير بسيط جدًا ولا يُعتبر ذا أهمية سريرية كبيرة.
ويشير ديفيس إلى أن تفسير هذه البيانات ليس سهلاً، موضحاً: «من الصعب تفسير هذه البيانات، لأن الأشخاص الذين يتناولون جرعات عالية من فيتامين «سي» بانتظام غالباً ما يكونون أكثر وعياً بصحتهم بشكل عام».
وبينما يُظهر فيتامين «سي» دوراً داعماً في تعزيز المناعة، فإن تأثيره لا يرقى إلى مستوى الوقاية أو العلاج السريع لنزلات البرد كما يُروج له. إذ بيّنت دراسة نشرت في Nutrients Journal عام 2017 أن فيتامين «سي» يساهم في تحسين وظيفة الخلايا المناعية، لكنه يصبح فعالًا فقط عند وجود نقص حاد، وهو أمر نادر لدى معظم الناس.
◄ فيتامين «د».. الأفضل
على عكس فيتامين «سي»، تُجمع الأبحاث الحديثة على الدور الواضح والمباشر لفيتامين «د» في تقليل خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.
وقد أكدت دراسة واسعة نُشرت في BMJ عام 2017 أن مكملات فيتامين «د» تقلل بالفعل من احتمالات الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يعانون من نقصه.
ويضيف ديفيس: من الواضح تماماً أن فيتامين «د» أكثر أهمية لصحة المناعة. وتوصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية بتناول مكملات فيتامين «د»، خاصة خلال فصل الشتاء، حين يقل التعرض للشمس، المصدر الأساسي لهذا الفيتامين.


































