اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
في عالم السيارات، تتسابق الشركات على تقديم ما هو أسرع، أجمل، وأكثر ذكاءً. لكن فولفو، منذ تأسيسها عام 1927، اختارت طريقًا مختلفًا تمامًا: لم تبنِ سمعتها على السرعة أو الفخامة فقط، بل على قيمة أعمق: أمان الإنسان أولًا. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت هذه الفلسفة إلى معيار عالمي تبنّته صناعة السيارات بأكملها.
هذه الرؤية الإنسانية قادت فولفو إلى تطوير أكثر من 21 ألف براءة اختراع، منها آلاف الابتكارات النشطة التي غيّرت وجه الصناعة، وأنقذت أرواحًا لا تُحصى.
اليوم، عندما تركب سيارة فولفو، فأنت لا تركب مجرد مركبة. بل تدخل إلى بيئة مصممة لحمايتك، تفكر فيك، وتتصرف قبلك. إنها تجربة قيادة تُشعرك بالثقة، وتُذكّرك أن التكنولوجيا يمكن أن تكون إنسانية.
منذ أول سيارة فولفو خرجت من مصنعها في مدينة غوتنبرغ السويدية، كان هدف الشركة واضحًا: حماية السائق والركاب، بل وكل من يشاركهم الطريق. لم يكن الأمان في نظرها ميزة إضافية، بل واجبًا إنسانيًا. لذلك استثمرت فولفو، لعقود، في الأبحاث والدراسات لتفهم طبيعة الحوادث وكيفية الوقاية منها.
في خمسينيات القرن الماضي، حين غيّرت فولفو قواعد اللعبة باختراع حزام الأمان الثلاثي، الذي أنقذ ملايين الأرواح حول العالم لم تكتفِ فقط بتطويره، بل واصلت فولفو ريادتها بابتكارات غيّرت شكل مفهوم السلامة على الطرق. طوّرت أنظمة مثل الدعامة الجانبية المزدوجة (SIPS) التي تمتص الصدمات الجانبية، ونظام الحماية من الاصطدام الأمامي (WHIPS) لحماية الرقبة والعمود الفقري عند التصادم الخلفي، إضافة إلى الوسائد الهوائية المزدوجة التي أصبحت لاحقًا معيارًا في كل سيارة حديثة.
ومع دخول الألفية الجديدة، نقلت فولفو الأمان إلى مستوى أكثر ذكاءً عبر أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والكاميرات والرادارات. فظهر نظام تجنّب التصادم (City Safety) الذي يراقب المشاة والدراجات والسيارات المحيطة ويتدخل تلقائيًا بالفرامل لتجنّب الحوادث. كما أدخلت نظام التحذير من الخروج عن المسار الذي يُفعّل تلقائيًا حزام الأمان ويعزز دعم العمود الفقري، والمساعد الذكي للبقاء ضمن المسار، ونظام كشف المشاة والتفاعل التلقائي مع الخطر إلى جانب نظام مراقبة النقطة العمياء (BLIS) الذي يحذّر السائق من المركبات غير المرئية في المرايا.
كل هذه الابتكارات تهدف إلى منع الحوادث قبل وقوعها، والتفاعل الذكي مع الطريق، والمحيط، وحتى سلوك السائق نفسه. إنها منظومة متكاملة من الذكاء والسلامة، تُجسّد فلسفة فولفو بأن السيارة يجب أن تفكر وتحمي قبل أن تتحرك. وجعلت فولفو لا تُصنّف فقط كصانعة سيارات، بل مختبر أمان متحرك، تُجرى فيه آلاف الاختبارات سنويًا، بعضها في مختبرات متخصصة تحاكي مختلف أنواع الحوادث لتطوير حلول جديدة باستمرار.
ولهذا لم يكن غريبًا أن تعلن فولفو رؤيتها الشهيرة عام 2008: «بحلول عام 2020، لن يُصاب أي شخص أو يُقتل داخل سيارة فولفو جديدة». ورغم أن هذا الهدف بدا طموحًا، إلا أن الأرقام اليوم تؤكد أن سيارات فولفو من بين الأكثر أمانًا على الإطلاق، وأن هذه الرؤية أصبحت واقعًا يقترب كل يوم. فولفو لم تجعل الأمان ميزة ترويجية، بل جعلته هوية. ولهذا، كلما جلس السائق خلف مقود فولفو، فهو لا يقود مجرد سيارة، بل يعيش تجربة تُذكّره أن حياته هي الأولوية.
في المقال القادم، سنواصل رحلتنا مع فولفو، ونكشف كيف تسعى لتطوير القيادة الآمنة عبر أنظمة ذاتية التفكير، وكيف أصبحت عين ثالثة تحمي الجميع على الطريق.مشعل يوسف الصفران


































