آخر ضحاياها قطر والكويت.. كيف تواجه كرة القدم "الإساءات العنصرية"؟

يوسف صالح - الخليج أونلاين

ما أبرز العقوبات على الإساءات العنصرية؟

الغرامات، واللعب دون جمهور، والإيقاف من اللعب، أو خصم النقاط.

ما أحدث الإساءات العنصرية المُثبتة في ملاعب كرة القدم؟

ما تعرض له لاعب ريال مدريد فينيسيوس جونيور، في مايو الماضي، خلال مباراة فريقه أمام فالنسيا.

تشدد اتحادات كرة القدم المختلفة عقوباتها عند ارتكاب أفعال أو التلفظ بألفاظ قد تُفهم بأنها عُنصرية خلال فعاليات كرة القدم أو خارجها، لكن العقوبات تكون أقسى إذا ما جاءت من اللاعبين أنفسهم الذين يُفترض بهم التمتع بأخلاق رياضية عالية تُمثلها ما باتت تُسمى الروح الرياضية لخوض منافسة شرسة، لكن لا تصل إلى مستوى تحقير الآخر.

لكن السؤال المطروح هو ما مدى الالتزام بعدم ارتكاب ممارسات عنصرية خلال اللعب؟ وما إمكانية استغلال التشديد في هذه المخالفة بتقديم ادعاءات ومزاعم قد تكون منقوصة، سواء حدثت على ساحة الملعب أو جرى استغلالها لتشويه الخصم.

أحدث تلك الاتهامات بارتكاب إساءات عنصرية حدثت في مباراتين وديتين أجريتا، الاثنين (19 يونيو)؛ الأولى بين المنتخب النيوزلندي ونظيره القطري، والثانية بين منتخب إيرلندا تحت سن 21 عاماً والمنتخب الكويتي الأولمبي.

اتهامات متبادلة

وادعى المنتخب النيوزلندي أن لاعبه مايكل بوكسول تعرض 'لإساءة عنصرية خلال الشوط الأول، ولهذا قرر الفريق عدم اللعب في الشوط الثاني' من المباراة التي أقيمت في النمسا.

لكن الاتحاد القطري لكرة القدم قال في بيان إنه تواصل مع لاعبه يوسف عبد الرزاق لتوضيح حقيقة ما حدث خلال المباراة، حيث أكد بدوره تبادل الكلمات مع الخصم، ولم توجَّه أي لغة عنصرية ضد أي لاعب في فريق نيوزيلندا.

وأضاف بالقول: 'على العكس من ذلك شدد اللاعب يوسف على أنه في الواقع تعرض لإساءات عنصرية خلال المباراة'.

وكان البرتغالي كارلوس كيروش، مدرب منتخب قطر، قد قال في تصريحات لقنوات 'الكأس' القطرية: 'حكم المباراة لم يسمع ما حدث ولا المدربون، كلّ ما حصل تبادل عبارات بين لاعبين اثنين. أعتقد أن هذه قصة جديدة في عالم كرة القدم، لا يمكن لأحد أن يفهم ما حصل، ونترك القرار الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لتوضيح ما حصل في هذه المباراة الودية'.

أما الواقعة الثانية فحين رفض المنتخب الإيرلندي تحت 21 عاماً استكمال مباراته ضد المنتخب الأولمبي الكويتي في سلوفينيا؛ بعد زعم استخدام لاعب كويتي ما وصفها بـ'لغة عنصرية' تجاه لاعب إيرلندي بديل.

لكن الاتحاد الكويتي لكرة القدم استنكر ما أعلنه الاتحاد الإيرلندي، مؤكداً رفضه التام لمثل هذه الاتهامات، 'لا سيما أن المباراة لم تستكمل بسبب الخشونة والتوتر الزائد عن الحد بين اللاعبين، وأوقفها الحكم في الدقيقة الـ70 لحماية اللاعبين من الإصابات'.

تأثير الاتهامات

واكتسبت قطر والمنطقة العربية زخماً كبيراً بعد نجاح استضافة بطولة كأس العالم، أواخر العام الماضي، دون تسجيل أي حوادث تُذكر، وهو ما جعلها تنجح في الحصول على حق استضافة كأس آسيا 2023، في الفترة بين 12 يناير والعاشر من فبراير 2024.

ومنذ فوز قطر بتنظيم بطولة مونديال 2022 في العام 2010، تعرضت لعديد من حملات التشويه في مسعى لإقصائها عن تنظيم الاستحقاق العالمي لأول مرة في دولة عربية وبمنطقة الشرق الأوسط.

وامتدت حملات الهجوم على قطر حتى أسابيع قليلة من تنظيم البطولة العام الماضي، دون أي مبرر واضح إلا التحيز ضد كل ما هو عربي وإسلامي.

الاتهامات الجديدة يُمكن أن تُستغل أيضاً في تشويه سمعة المنتخبات القطرية والكويتية بشكل خاص، وتنسحب بشكل عام على المنتخبات الخليجية والعربية إذا ما استغلتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية، أو جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي دون تناول النفي القطري والكويتي لتلك المزاعم.

وقال جاسم بن راشد البوعينين، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم: إن الاتحاد يشجع 'باستمرار القيم متعددة الثقافات في برامجه ومبادراته، ولعقود عدة شارك منتخبنا الوطني في عديد من البطولات حول العالم دون أن يوجه لأعضاء الفريق من لاعبين وغير لاعبين أي اتهامات متعلقة بالسلوك التمييزي'.

وأضاف: 'كما استضافت قطر عديداً من الأحداث الرياضية دون حدوث مواقف مشابهة، لذا لا نزال ملتزمين بدعم اللاعب يوسف في الوقت الراهن'.

من جانبه قال اللاعب القطري يوسف عبد الرزاق إنه تعرض لإساءات عنصرية من أحد أعضاء الفريق النيوزلندي خلال المباراة، لكنه فوجئ باتهامات موجهة ضده من قبل اللاعب نفسه باستخدام لغة مسيئة.

وأوضح في بيان: 'تعرضت لإساءات عنصرية في السابق خلال رحلاتي حول العالم كلاعب كرة قدم، لكنني لم أكن ضحية ومتهماً في نفس الحادثة. صحيح أن اللاعبين غالباً ما يتبادلون الألفاظ في خضم اللقاءات، ولكن هناك خطوط واضحة ولم أتجاوزها أبداً'.

واعتبر أن 'العنصرية في كرة القدم مشكلة كبيرة لا ينبغي الاستهانة أو الاستخفاف بها، كما أن الاتهامات الباطلة كتلك التي تعرضت لها بالأمس تقوّض جهود مكافحة العنصرية في كرة القدم'.

هل هي 'مؤامرة'؟

ولاقت الانسحابات ردود فعل مستهجنة على وسائل التواصل الاجتماعي الخليجية، حيث اعتبروا الأمر منسقاً بين الفريقين المنسحبين.

وقال الرياشي قحطان عبر حسابه في 'تويتر': 'أعتقد أن الموضوع فيه مؤامرة على المنتخبات العربية، ومحاولة التأثير الإعلامي على عدم إقامة بطولات عالمية قادمة على أرض عربية!'.

أما عبد العزيز بن عمر فكتب منتقداً: 'الغرب أصبحوا يتهموننا باتهامات باطلة'، مستشهداً بالمثل الشعبي: 'ضربني وبكى، سبقني واشتكى'.

واستغرب فيصل بن جلوي قائلاً: 'عن أي عنصرية يتحدثون النيوزلنديون؟'، فيما تساءل عبد اللطيف شعبان: 'المسألة منسقة؟'.

المسألة منسقة ؟

نيوزيلندا تنسحب امام قطر

ايرلندا تنسحب امام الكويت https://t.co/Lj4wMYD3N2

قوانين الكرة مع العنصرية

تتشدد قوانين كرة القدم تجاه ارتكاب مخالفات عنصرية من قبل اللاعبين والجمهور، ابتداءً بفرض غرامات، أو اللعب دون جمهور، أو الإيقاف من اللعب، أو خصم النقاط، لكن ذلك يعتمد على البلد الذي تُلعب فيه المباراة، ومدى حزم الاتحاد الإقليمي الذي يُنظم المباراة.

لكن إقرار تلك العقوبات يأتي بعد إثبات وقوعها، سواء فوراً إذا ما حدثت بشكل مُعلن وواضح، أو الانتظار لنتائج لجنة تحقيق في الأمر إذا كانت نتاج اتهامات ومزاعم غير مُثبتة. 

وتبدأ العقوبات بالغرامات، وهي الأكثر شيوعاً، خاصة عند ارتكاب تصرفات عنصرية قادمة من الجماهير، وتكون الغرامة ضد الأندية أو أي متورط في المخالفة.

وفي لوائح 'فيفا' التأديبية يُعاقب بالإيقاف لخمس مباريات على الأقل أي طرف متهم بالإساءة العنصرية، سواء كانت الجماهير أو أي شخص آخر، وقد يقترن هذا أيضاً بإيقاف الملعب ومنعه من استقبال المباريات مع فرض غرامة مالية، كما يمكن معاقبة الفريق باللعب دون جمهور لعدة مباريات، وهو عقاب معنوي كبير.

كما تواجه الفرق التي ترتكب جماهيرها سلوكيات عنصرية خصم نقاط من المسابقات التي تشترك فيها، سواء كانت أندية أو منتخبات دول.

ويمكن اللجوء إلى الاعتقال في حالة ممارسة تصرفات عنصرية، رغم أن هذا أقل شيوعاً من قبل اللاعبين، وقد يأتي بشكل أكبر من الجماهير المشجعة للفريق.

آخر عنصرية في أوروبا

والإساءات العنصرية أكثر حضوراً في كرة القدم الأوروبية، وكان أحدث هذه المواقف ما تعرض له لاعب ريال مدريد فينيسيوس جونيور، في مايو الماضي، من إهانات عنصرية من الجماهير خلال مباراته أمام فالنسيا في الدوري الإسباني لكرة القدم، وهو ما أثار ضجة عالمية وردود فعل غاضبة، دفعت كبار نجوم كرة القدم للتعبير عن تضامنهم مع اللاعب البرازيلي.

ودفعت تلك التصرفات الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا للدخول على خط الأزمة وإعلان تضامنه مع فينيسيوس، كما استدعت الحكومة البرازيلية السفير الإسباني لتوضيح الموقف.

ودعت وزارة الرياضة والاتحاد المحلي ورابطة الدوري في إسبانيا إلى حمل لافتة كُتب عليها: 'العنصرية خارج كرة القدم'، قبل كل مباريات الجولة (36) من المسابقة، تزامناً مع حملات استنكار واسعة في كل أنحاء العالم.