اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
في أولى حلقاتي التلفزيونية على تلفزيون الكويت، وكذلك في قناتي على اليوتيوب، تحدثت عن تقبّل الوالدين لأبنائهم. وأظن أنني سأكرر هذا الحديث، لأن التكرار يُعلِّم الشطّار.
أعتقد أننا اخترنا أن نكون آباءً وأمهات موحّدين نؤمن بالله إيمانًا تامًا، ونؤمن بقضائه وقدره، وما يوازي تلك المعادلة هو أن نرضى أولًا بأبنائنا، بكل اختلافاتهم وفروقاتهم الفردية.
ولأوضح أكثر، هناك جملة تتكرر على مسامعي منذ سنوات، وألمس من خلالها المقارنة: «بنتي الكبيرة شاطرة، مؤدبة، تسمع الكلام، ما تأذيني بالدراسة... والثانية عكسها!»..
وفي سياق هذه الجملة، تكون الأم قد أعطتني الحل من حيث لا تدري، لأن المشكلة تكمن في المقارنة. وعندما أواجه الأم بذلك، تردّ: «أنا لا أقارن!».. لكن لتصحيح المفهوم، ولجعل الصورة أوضح، أقول: حين تخبرني أم (وهذا لم يحدث معي شخصيًا طوال فترة تقديمي للاستشارات) بجملة مثل: «بنتي الوسطى هادئة، غير متفوقة، وأحتاج أن أطورها... نقطة على السطر»..
دون أن تذكر أخًا أو أختًا أخرى، أعلم حينها أن الأم لا تقارن، بل تسعى للتطوير الفردي.
أتمنى أن يكون المعنى قد وصل.
لكن ما هو أدهى وأمرّ، أن تقول لي أم:
«ولدي ما يحس بالنعم! كثر ما نشتري له! ولد أختي أو ولد أخوي أو عيال صديقتي...»..
وهنا، أدعو الجميع أن ينظر للنعم، ويقدّر هبة الله لنا في الأبناء. فهناك من لم يُرزقهم الله بالذرية، لحكمة منه.
فلنتأدّب مع عطاء الله، ولنحترم الفروق الفردية.
تخيّل، أيها الأب أو أيتها الأم، أنني أقارنك برجل أو امرأة أخرى... ما شعورك؟ وكيف ستكون تصرفاتك أو مشاعرك تجاه الزوجة التي تقارنك دائمًا بزوج أختها؟ أو الزوج الذي يقارن زوجته بزوجة أخيه مثلًا؟ ألن تشعر بالإحباط؟ وأنك لست كفؤًا؟ أو أن من يقارنك لا يستحقك أصلًا؟
لكن ماذا لو لم تكن هناك مقارنة؟
بل قال الزوج لزوجته (أو العكس):
«أتمنى أن تصبح علاقتنا في هذا الجانب أفضل».
«أتمنى أن نتطور في نقطة معينة».
كيف سيكون الشعور حينها؟ بالتأكيد سيكون أريح وأرقى.
وهذا ما أردت أن أوصله من خلال هذا المقال...
لنعِد ترتيب أفكارنا ومشاعرنا تجاه أبنائنا.
كم من ابن أو ابنة انتقدناهم، ولو رأيتم عقولهم وقلوبهم – كما أراها من خلال الرحلات والنوادي – لأدركتم كم هي جميلة ومبدعة.
لكن كثرة المقارنات كسرت شيئًا في داخلهم.
أتمنى أن يكون مقالي لطيفًا رغم قسوته، لكنني في نهاية المطاف، لا أريد سوى أن نرتقي بأفكارنا ومشاعرنا، ونرتفع بأبنائنا.
ندى مهلهل المضف