هل تنجح مساعي تحول الكويت لمركز مالي إسلامي؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

ما هو المركز المالي؟

كيف يكون المركز المالي جاذباً للشركات؟

عليه أن يلبي عدداً من المتطلبات المترابطة التي تتعلق بشكل أساسي بالاستقرار والموارد، وأبرزها:

على الرغم من أن مشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي إسلامي، مطروح منذ سنوات عديدة، يبدو أن هناك سعياً حقيقياً يدفع به مجلس الأمة ليكون هذا المشروع حقيقة قائمة على أرض الواقع.

وأوصى مجلس الأمة خلال جلسته التي عُقدت الثلاثاء (18 يوليو 2023)، بدراسة إمكانية تحويل البلاد إلى 'مركز مالي إسلامي'.

ويهدف هذا المسعى إلى أن تتميز الكويت عن باقي المنطقة بالتخصص في الصيرفة الإسلامية، واستقطاب الشخصيات التي نجحت في أعمالها االخاصة للاستفادة من خبراتها.

والمراكز المالية هي مدن عالمية تضم عدداً كبيراً من المصارف والمؤسسات التجارية والبورصات المالية البارزة عالمياً.

وتسهل المراكز المالية النشاط الدولي، لكن لكي يكون المركز المالي جاذباً للشركات عليها أن تلبي عدداً من المتطلبات المترابطة التي تتعلق بالاستقرار والموارد بشكل أساسي، وأبرزها توافر تكاليف معاملات منخفضة، وسهولة الوصول إلى رأس المال، والقوى العاملة المؤهلة، والاستقرار السياسي، ونظام الأعمال البيئي الديناميكي.

يرى الخبير الاقتصادي د. محمد موسى، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، أن توصية مجلس الأمة بدراسة إمكانية تحويل الكويت إلى 'مركز مالي إسلامي'. تشير إلى وجود مراقبة ومتابعة من قبل مجلس الأمة لهذه الخطوة.

ولفت موسى إلى أن هذه المتابعة النيابية 'مفيدة جداً'، حيث يطلب كل ثلاثة أشهر تقريراً لمتابعة هذا الموضوع، ومن ثم هذه المتابعة والمراقبة قد تكونان أداة أساسية لدعم قرار تحوّل الكويت لمركز مالي، وفق قوله.

الخطوة التي تريد الكويت أن تخطوها لها أساس ناجح داخل البلد الخليجي، يقوم على البنوك الإسلامية المحلية التي أثبتت وجودها بقوة بين المصارف الأخرى.

وتعتبر البنوك الإسلامية في الكويت من البنوك الرائدة في العمل المصرفي خليجياً وعلى مستوى العالم؛ حيث تعمل وفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وتقدم كثيراً من الخدمات المصرفية.

ويعتبر بنك 'بوبيان' وتأسس عام 2004، من أبرز البنوك الإسلامية المفضلة في الكويت، وحاز عدة جوائز مصرفية عالمية، منها جائزة أفضل بنك إسلامي على مستوى الكويت والشرق الأوسط، لمدة عشر سنوات متتالية.

ومن البنوك البارزة أيضاً ، 'البنك الكويتي الدولي الإسلامي' الذي أُسس عام 1973، و'بيت التمويل الكويتي' أُسس عام 1973، وهناك 'البنك الأهلي المتحد' وأُسس عام 1971، و'بنك وربة' أُسس عام 2009.

وفي يونيو الماضي، حصد بيت التمويل الكويتي 'بيتك'، جائزتي 'أفضل بنك إسلامي في الكويت' و'أفضل بنك إسلامي في معايير الاستدامة في العالم' لعام 2023 من مجلة يورموني العالمية الرائدة في عالم المال والأعمال، ضمن الجوائز التي تمنحها للتفوق سنوياً.

يقوم عمل البنوك الإسلامية على تجميع الأموال وتوظيفها وتقديم الخدمات المصرفية، بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

كما تنطلق هذه البنوك في عملياتها الاستثمارية ملتزمة بمنع التعامل بالفائدة وكل أشكالها أخذاً أو عطاءً، كما أنها تتعامل على أساس الملكية المزدوجة الخاصة والعامة.

ويتلخص مجال عمل المصارف الإسلامية في الاستثمار المباشر (المتاجرة)، والاستثمار غير المباشر، وذلك بواسطة صيغ التمويل الإسلامي مثل عقود المضاربات والمشاركات والمرابحة والسَّلم والاستصناع والإجارة.

ومثلما الحال في البنوك الأخرى، تقدم البنوك الإسلامية مختلف الخدمات المصرفية، لكن العمل المصرفي الإسلامي أدخل آليات جديدة في تعبئة المدخرات وجذب الاستثمارات.

ومن خلال قواعدها التي تعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية في التعامل، نجحت هذه البنوك في أن تحجز لها مكانة متقدمة بقطاع المصارف العالمي؛ مواكبةً كل التطورات في هذا القطاع.

يعتقد د. محمد موسى أن الكويت بمقدورها أن تكون منطقة جذب أساسية وتتحول إلى مركز مالي إسلامي؛ وذلك لعدة عوامل، تتمثل بوجود بيئة مصرفية مواتية، ومؤسسات ذات سمعة جيدة؛ نتيجة 'امتلاك الكويت قدرة جاذبة لهذه الاستثمارات'.

لكن ما تحتاجه الكويت، وفق موسى، هو 'خلق بيئة استثمارية قادرة على جذب مؤسسات أكبر، ولا بد من ورشة تشريعات على المستوى القانوني، وعلى مستوى الإقامات وإنشاء الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية، وجذب كوادر تعنى بالتمويل الإسلامي بجميع البيئات الاستثمارية من صكوك ومستندات وتكافل وتأمينات'.

كمايشير إلى أن 'خطوة الكويت ستكون مهمة جداً في حال تنفيذها، لا سيما أن حجم سوق الصيرفة الإسلامية وصل في العام 2023 إلى 3.7 تريليونات دولار'.

وتأتي أهمية الصيرفة الإسلامية بعد الاهتزازات التي يشهدها العالم بعد التضخم ورفع أسعار الفائدة، ومن ثم فإن البيئة الربوية باتت مهزوزة؛ وهذه فرصة لتشجيع بيئة الصيرفة الإسلامية، خاصة بعد ما جرى مع 'سويس بنك' و'سيلفرغيت بنك' وغيرهما من المصارف نتيجة نسبة التضخم في الولايات المتحدة، وفق موسى.

أبرز ما ساعد في إنجاح القطاع المصرفي الإسلامي، الشريحة الكبيرة من المسلمين في مختلف البلدان، خاصةً الدول الإسلامية.

وعليه فقد لبت المصارف الإسلامية احتياجات المسلمين الذين يفضلون الاحتفاظ بالأموال على توظيفها لدى البنوك التقليدية التي تتعامل بالفائدة، خاصة بعد الأزمة المالية التي هزت اقتصاد العالم الرأسمالي عام 2008، حيث أخذت تظهر دعوات عربية وإسلامية إلى التحول نحو بناء اقتصاد جديد يعتمد على أسس الشرع الإسلامي.

وأخذت هذه الدعوات تدفع إلى تشجيع الاستثمار في هذه المصارف؛ ما ساهم في نجاحها وتحقيقها إنجازات كبيرة في القطاع المصرفي 

يرى د. محمد موسى، أن الكويت في حال تمكنت من إنشاء مركز مالي إسلامي، ستضيف نجاحاً لمنطقة الخليج التي أصبحت عامرة بالتخصصات الاقتصادية على مستوى العالم.

كما يشير إلى 'نهضة دبي على مستوى التجارة الدولية، ورؤية 2030 السعودية الرائدة على مستوى نيوم وغيرها، ورؤية 2040 العُمانية التي تجعل من السلطنة محوراً على مستوى الشحن في العالم'.

وأضاف: 'الكويت تريد أن تخطو على مستوى الصيرفة الإسلامية وعلى مستوى التمويل الإسلامي، ومن ثم تلعب الكويت كارتاً رابحاً في حال ربحت الرهان وأسست البيئة المواتية على مستوى الاستثمار والتمويل والتشريعات، لكي تكون لها حصتها الخاصة وتخطو نقطة تخصص لها على المستوى الإسلامي'.

وزاد موسى مبيناً أن الكويت تمتلك الأسس التي تمكنها من النجاح في إنشاء مركز مالي إسلامي، منها أنها نقطة جاذبة للبنوك العالمية التي تعنى بنافذة استثمارية إسلامية على مستوى العالم كذلك كل المصارف الإسلامية'.

كما يشير إلى أنها أيضاً 'تمتلك علاقات صفر مشاكل مع كثير من دول العالم على مستوى الاستثمارات'، بحسب موسى الذي يرى أن 'الكويت لديها فرصة مواتية ولكن العبرة بالتأسيس الصحيح وجذب الكوادر وتأسيس البيئة الخلاقة لهذا المضمار'.