حكومة جديدة بماليزيا.. هل تتطور علاقات كوالالمبور مع الخليج؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

أنور إبراهيم، وقد شغل مناصب حكومية ومعارضة خلال السنوات السابقة.

متينة وتشهد تطوراً مستمراً في مجالات متعددة.

2 ديسمبر 2022، وتولى رئيس الوزراء كذلك منصب وزارة المالية.

على مر التاريخ سعى قادة ماليزيا ودول مجلس التعاون الخليجي لتطوير العلاقات الثنائية في مختلف القطاعات، خاصةً الاقتصادية والعلمية والتقنية والعسكرية؛ نظراً إلى الروابط الوثيقة التي تجمع شعوب هذه البلدان.

وشكلت الوحدة الدينية عاملاً رئيساً في تطور العلاقات الماليزية الخليجية، إضافة إلى قوة كوالالمبور كإحدى دول شرق آسيا، وتمتعها بثقل سياسي واقتصادي إقليمياً ودولياً، خاصةً أنها عضو مؤسس في رابطة دول جنوب شرقي آسيا 'آسيان'.

والجمعة (2 ديسمبر 2022)، شهدت ماليزيا ولادة حكومة جديدة برئاسة أنور إبراهيم، الذي كان قد أدى القسم الدستوري أمام الملك السلطان 'عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه'، بالقصر الملكي، في 24 نوفمبر الماضي.

وعيّن 'إبراهيم' نفسه وزيراً للمالية، مراهناً على أنه أفضل شخص قادر على الحفاظ على التعافي الهش في البلاد بعد الوباء، فيما يقترب الاقتصاد من التباطؤ، العام المقبل.

وقال أنور إبراهيم (75 عاماً)، للصحفيين بعد إعلان تشكيلة الحكومة: 'أريد أن أبدأ نهجاً جديداً' وأمنح رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب الثقة بالاقتصاد.

ومع أداء رئيس الوزراء الماليزي الجديد، أنور إبراهيم، اليمين الدستورية، يتوقع مراقبون أن تستمر العلاقات الخليجية الماليزية بقوتها ذاتها، مع تطورها بعديد من القطاعات.

وماليزيا دولة اتحادية ملكية دستورية تقع في جنوب شرقي آسيا، مكونة من 13 ولاية و3 أقاليم اتحادية، وتبلغ مساحتها 329.845 كيلومتراً مربعاً، وعاصمتها كوالالمبور.

علاقات مميزة

وحول العلاقات الخليجية الماليزية في عهد رئيس الوزراء الجديد، رأى الباحث والمحلل السياسي، حبيب الهادي، أنها ستستمر بالنمو والتطور في مجالات متعددة.

وقال الهادي في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'مع رئيس الوزراء الماليزي الجديد ستكون العلاقات كما هي؛ لكونها مبنية على قواعد متينة وقوية منذ البداية'.

وأوضح أن السياسة الخارجية لماليزيا تجاه دول الخليج مستقرة وغير متغيرة، حيث تحرص كوالالمبور على تقوية العلاقات معها.

وأشار إلى أن ماليزيا ودول الخليج تربطها علاقات سياسية واقتصادية مهمة، لذلك فإن كل التوقعات تشير إلى توجه هذه العلاقات نحو النمو، خاصة في ظل ما يمر به العالم من متغيرات سياسية واقتصادية تحتاج إلى تحالف بين الدول الصديقة.

ويعتقد المحلل السياسي، أن العلاقات بين الدول الصديقة مثل ماليزيا ودول الخليج 'لا يمكن أن تتأثر بتغير رئيس الوزراء؛ نظراً إلى عمق هذه العلاقات وكونها قائمة على مصالح متبادلة وروابط دينية وسياسية واجتماعية'.

العلاقات السعودية الماليزية

وتتسم العلاقات السعودية الماليزية بالتطور في عديد من المجالات، خاصةً الاقتصادية والعملية منها.

وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في منتصف عام 1961، وبعدها شهدت نمواً في مجالات مختلفة.

واقتصادياً تربط السعودية بماليزيا علاقات اقتصادية وتجارية قوية، جعلت كوالالمبور أحـد الشـركاء التجاريين الرئيسين للمملكة، حيث تخضع هذه العلاقات لاتفاقيات عديدة، أبرزها اتفاق تعاون اقتصادي وفني بين الحكومتين لتطوير التعاون الاقتصادي والفنـي بينهما.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وماليزيا 17.8 مليار دولار سنوياً، حسب البيانات الرسمية السعودية للطعام 2021.

يذكر أن المشاريع الاستثمارية الماليزية المباشرة في المملكة بلغت 38 مشروعاً بقطاعات خدمية وصناعية، وبلغ إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في تلك المشاريع أكثر من 1.7 مليار ريال (450 مليون دولار)، وفق البيانات نفسها.

وعسكرياً تعد ماليزيا من أوائل الدول التي رحبت بتشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، الذي تقوده السعودية، ومقره بالرياض، وأصبحت أحد أعضائه عام 2015.

وضمن أشكال تطور العلاقات بين البلدين وافق مجلس الوزراء السعودي، في يوليو الماضي، على إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الماليزي، وذلك بهدف رفع سقف الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

وكانت أبرز الاتفاقيات المشتركة بين البلدين في المجال العسكري هي التي وقعت في أبريل 2011، وتشمل تعاوناً أمنياً واستخباراتياً بهدف مكافحة الإرهاب ومحاربة المجموعات الإجرامية.

وتشمل الاتفاقية التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب الدولي، وتمويل الإرهاب، والجريمة المنظمة، وجرائم المخدرات والتزوير وتزييف العملات، وتهريب الأسلحة، والاتجار غير المشروع بها، والجرائم الاقتصادية وغسل الأموال، وجرائم الأمن المعلوماتي.

العلاقات القطرية الماليزية

بدورها تتسم العلاقات القطرية الماليزية بالتطور المستمر، وتربطها كثير من القواسم المشتركة في العقيدة والرؤى المشتركة للوحدة والتضامن بين الدول الإسلامية.

وتطورت العلاقات بين البلدين، حين زار ماليزيا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في ديسمبر 2018، وهو ما ساهم في نمو العلاقات الاقتصادية.

وتعد قطر سادس أكبر شريك تجاري لماليزيا كوجهة تصدير ومصدر للواردات بين دول غرب آسيا.

وبلغ حجم التجارة بين ماليزيا وقطر في عام 2021، 2.63 مليار رينغيت ماليزي (634.2 مليون دولار أمريكي)، حسب بيانات الخارجية الماليزية.

العلاقات الإماراتية الماليزية

أما الإمارات فترتبط بعلاقات متطورة مع ماليزيا، حيث شهدت تطوراً سريعاً بعد افتتاح سفارة ماليزيا في أبوظبي عام 1983، وسفارة دولة الإمارات في كوالالمبور عام 1995.

ووقّع البلدان عديداً من الاتفاقيات بمجال التجارة وتشجيع الاستثمار في البلدين، إضافة إلى مذكرات التفاهم في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والسياحة.

وشهدت السنوات الأخيرة عديداً من الزيارات الرسمية المتبادلة على مستوى كبار المسؤولين، أهمها: زيارة محمد بن زايد لماليزيا عندما كان ولياً لعهد أبوظبي، وذلك في يوليو 2019.

كما زار ملك ماليزيا، في مارس 2021، العاصمة الإماراتية أبوظبي، وبحث مع 'بن زايد'، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها.

عُمان والبحرين والكويت

وإلى جانب الإمارات، ترتبط سلطنة عُمان بعلاقات مميزة مع ماليزيا، خاصة في المجال الاقتصادي، وتعاون في مجالات متعددة.

ولا تتوافر أرقام رسمية حول حجم التجارة أو الاستثمارات المتبادلة بين سلطنة عمان وماليزيا.

وعلى صعيد العلاقات الماليزية البحرينية، فتشهد تطوراً مستمراً، وزيارات متبادلة بين مسؤولي الدولتين.

وأكدت البحرين على لسان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، اهتمام بلاده الدائم بتطوير مسارات التعاون مع ماليزيا ارتكازًا إلى ما يربط البلدين من علاقات مميزة.

وبين 'آل خليفة'، في تصريح له في فبراير الماضي، أن العلاقات الثنائية بين البلدين وصلت إلى مستويات متقدمة.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 792 مليون دولار العام الماضي، في حين بلغت قيمة الصادرات البحرينية إلى ماليزيا نحو 730 مليون دولار بنسبة 92%، فيما تبلغ قيمة الصادرات الماليزية للبحرين 62 مليون دولار بنسبة 8%، وفقاً للسفير الماليزي في البحرين أجوس سليم بن حاجي يوسف.

وحسب تصريح للسفير يوسف في يوليو 2021، فإن ماليزيا تتصدر للبحرين مجموعة من السلع تشمل منتجات الأخشاب، والأثاث، والمفروشات، وقطع غيار السيارات، والإلكترونيات، لا سيما التلفزيونات وأجهزة التكييف، والمواد الغذائية.

وعلى صعيد العلاقات الكويتية الماليزية، فيرتبط البلدان بالعديد من الاتفاقيات في المجالات التجارية، والتعليمية، والمالية، وأخرى تتعلق بتشجيع الاستثمار.

من هو أنور إبراهيم؟

وفي الخلفية السياسية لرئيس الوزراء الماليزي الجديد، وجد 'الخليج أونلاين'، أنه بدأ حياته السياسية أواخر الستينيات في جامعة ملايا في كوالالمبور، حين كان زعيماً طلابياً.

وأسس إبراهيم عام 1971، حركة الشباب المسلم في ماليزيا، وتولى منصب رئيسها حتى عام 1982.

وحكومياً شغل منصب وزير الثقافة والشباب والرياضة عام 1983، والزراعة سنة 1984، والتعليم بين عامي (1986ـ 1991)، ثم عين وزيراً للمالية بين عامي (1991ـ 1998)، ونائباً لرئيس الوزراء (1993-1998).

وذاع صيت إبراهيم محلياً وعالمياً حين صنفته مجلة 'نيوزويك' الأمريكية عام 1998 الرجل الأول في شرق آسيا.

واعتقل إبراهيم للمرة الأولى عام 1974 لمدة 22 شهراً دون محاكمة بسبب نشاطه السياسي ودفاعه عن الفلاحين الفقراء في ماليزيا.

وفي عام 1998 وجهت لإبراهيم اتهامات بالفساد والشذوذ الجنسي، ولكنه اعتبرها مجرد مكيدة سياسية، وقد قضى 6 سنوات في الحبس الانفرادي، إلى أن برأته المحكمة من كل التهم الموجهة إليه في 2 سبتمبر 2004، ثم عادت هذه التهم وحوكم عام 2015 بالسجن 5 سنوات قبل الخروج منه عام 2018.

وخلال تلك الفترتين عاد إبراهيم عام 2008، إلى الحياة السياسية، وقاد المعارضة وفاز معها بثلث المقاعد البرلمانية، مكتسحاً عديداً من الدوائر المحسوبة لصالح الحكومة في أقوى تهديد لتحالف الجبهة الوطنية منذ خمسين عاماً.