×



klyoum.com
kuwait
الكويت  ٢٧ نيسان ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
kuwait
الكويت  ٢٧ نيسان ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار الكويت

»منوعات» جريدة الوسط الكويتيه»

منوعات / الخشوع .. عنوانُ الإيمان وعلامة السعادة

جريدة الوسط الكويتيه
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ٢٠ أذار ٢٠٢٤ - ١٦:٤٢

منوعات الخشوع .. عنوان الإيمان وعلامة السعادة

منوعات / الخشوع .. عنوانُ الإيمان وعلامة السعادة

اخبار الكويت

موقع كل يوم -

جريدة الوسط الكويتيه


نشر بتاريخ:  ٢٠ أذار ٢٠٢٤ 

آيات كثيرة في القرآن الكريم تأمر بالخشوع وتمدح أصحابه، وتصف المؤمنين بالخشوع وخصاله، وهنا يتساءل العلامة عبد الرحمن السعدي عن ما يتعلق بهذا الموضوع، يقول: ما هو الخشوع الذي أمر الله به، ومدح أهلَه وذم من قسا قلبه فلم يخشع، فما حقيقة ذلك؟ وما علاماته ودلالاته؟  وأجاب فقال:  مدح الله الخشوع عموماً في جميع الأوقات والحالات والعبادات، مثل قوله تعالى: (وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ)(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)ومدح الخشوع خصوصاً في الصلاة، مثل قوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) فخشوعُ القلب عنوانُ الإيمان وعلامة السعادة، كما أن قسوتَه وعدمَ خشوعه عنوانُ الشقاوة؛ فالخشوع انكسار القلب وذله بين يدي ربه، وأن يبقى هذا الخشوع مستصحباً مع العبد في جميع أوقاته، إن غفل رجع إليه، وإن مرح عاد إليه، وإن شرع في تعبد وقربة من القربات خضع فيها، وقام بالأدب الذي هو أثر الخشوع، خصوصاً في أم العبادات، والجامعة بين أنواع التعبدات القلبية والبدنية وأقوال اللسان وهي: الصلاة؛ فإنه يقوم فيها مراعياً للمراقبة، ومرتبة الإحسان أن يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يره فإنه يراه، فيُجهد نفسَه على التحقيق بهذه العبودية الكاملة، فيُحضر قلبَه فيناجي ربه بقلبه قبل لسانه، ويستحضر ما يقوله ويفعله؛ فتسكن حركاته ويقل عبثه. ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي وهو يعبث في لحيته فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»وبهذا يُعرف أن من أعظم علامات الخشوعِ سكونُ الجوارح، والتأدب في الخدمة الذي هو أثر سكون القلب، ولهذا وصف الله عباده الذين أضافهم إلى رحمته في قوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)خاضعين متواضعينومن أمارات هذا الخشوع أن يطمئن القلب بذكر الله، ويخشع ويخضع للحق الذي أنزله الله؛ فيعتقد ما دل عليه من الحق، ويرغب فيما دعا إليه من الخير، ويرهب عما حذر منه من الشر، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)فالقلب القاسي لا تؤثر فيه الآيات شيئاً، ولا يزداد مع التذكير إلا تمادياً في غيّه وطغيانه وضلاله، والقلب الخاشع – لما كان حسن القصد متواطئاً على الحق طالباً له مستعداً لقبوله – لما وصل إليه الحق عرفه، وعرف الحاجة بل الضرورة إليه ففرح به واطمأن به، وزادت رغبتُه وأثّر في قلبه خضوعاً، وفي عينيه دموعاً، وفي جلده قشعريرة، ثم يلين قلبه ويطمئن إلى ذكر الله تعالى؛ فهذا من هداية الله لعبده وتوفيقه إياه، إلا مَن أعرضوا فأعرض الله عنهم وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) ، أي بل خروا سامعين مبصرين، منقادين لها طوعاً واختياراً.وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) فهذا تأثير آيات الله في أهل العلم الخاشعين، يجمعون بين خشوع القلب وخضوع اللسان وتضرعه، وخضوع الجوارح حيث خروا للأذقان يبكون.وقال تعالى بعدما ذكر أصفياءه الخاضعين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)ومِن أعظم علامات الخاشعين: ما ذكر اللهُ بقوله (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) ثم وصفهم فقال: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) فلما أخبتت قلوبهم إلى ربهم – فذلّت له وانكسرت وتبتّلت إليه تبتيلاً – وجِلَتْ عند ذكره، وصبرتْ على ما أصابها مِن ابتلاء الله، وأدَّتْ ما أُمِرتْ به من الصلاة وأنواع النفقات؛ فجمع بين وصف المخبتين، وبين أعمال القلوب – وهو الصبر والوجل – وأعمال الجوارح كلها، وأقوال اللسان – وهو الصلاة التي تجتمع فيها أنواع التعبد- والأعمال المالية، وتقديم محبة الله على محبة المال، فأخرَجتِ المالَ المحبوبَ للنفوس في الوجوه التي يحبها الله تعالى؛ إيثاراً لربها، فهذه أوصاف المخبت الخاشع، التي لا يستحق هذا الاسم من لم يتصف بها.  وكذلك: وصفهم بأنهم الذين يعرفون الحق في مواضع الشُبَه؛ فيزدادون إيماناً إلى إيمانهم، كما قال تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ)يتضمن وصفَ المخبتين الخاشعين بالرجوعِ إلى ربهم في جميع الحالات، والإنابة إليه في كل الأوقات؛ لأن تَعدية الفعل بـ(إلى) يدل على هذا المعنى، فإنهم لما أخبتوا إلى ربهم، وخضعوا لعظمته؛ أخبتوا إليه في التعبد متذللين فتقبّل منهم، وأوصلهم إلى مقصودهم، وجعلهم أصحابَ الجنة خالدين فيها، فلما خشعت قلوبُهم؛ خشعت أسماعُهم وأبصارُهم وألسنتُهم وجوارحُهم للرحمن.ومما يدل على أن هذه الأشياء تابعة للقلب في خشوعه: ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»، وقوله تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) ، (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ)ولهذا فسّر كثيرٌ من المفسرين: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) أنه غض البصر، وقلة الحركات، وعدم الالتفات، ولا شك أن هذا أثرُ الخشوع ودليلُه، فالخاشع: هو الذي سكن في قلبه تعظيمُ الله ووقارُه، وتصديقُ وعده ووعيده؛ فذلَّ وخضع، وانقادت جوارحه لما أُمرتْ به، وترك الأشرَ والبطرَ والمرحَ المنافي للخشوع، وكلما بعُد القلبُ عن هذا الوصف قسا وغلظ؛ فلم يخضع لأمر الله، ولا أثَّر فيه الذكر، بل ربما زاد خساراً، وافتتن عند المحن والشبهات، وفسق عن أمرِ ربه.الخشوع في الصلاةعدم الخشوع في الصلاة يحتمل عدة معان: ذا كان عدم الخشوع بمعنى أن يأتي المصلي أثناء صلاته بحركات كثيرة كأنه ليس في الصلاة، فيحك بدنه، وينظر في ساعته، ويعبئها، ويلتفت، ويعدل من عمامته أو عقاله .. وما إلى ذلك، كالذي نراه عند بعض الناس، هذا النوع الكثير من الحركات يبطل الصلاة … لأنه عبث، لا يتصور من مسلم مقبل على ربه بقلبه وفكره، ويحترم الصلاة ويشعر ويعي بقيمتها.أما إذا كان عدم الخشوع بمعنى أنه يتحرك أحيانًا حركات قليلة، أو يسرح فكره أو لا يستحضر قلبه في الصلاة، فهذا وإن لم يبطل الصلاة ولكنه يذهب روح الصلاة، فروح الصلاة في الحقيقة هو الخشوع .وقد قال الله تعالى: (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون).والخشوع خشوعان: خشوع قلب، وخشوع جوارح، فخشوع القلب أن يستحضر رقابة الله عز وجل ويستحضر عظمته، ويتدبر معاني القرآن، ويتدبر ما يتلوه من آيات أو ما يسمعه، وما يذكره من أذكار: معنى التكبير، معنى التسبيح، معنى سمع الله لمن حمده .. وهكذا .. يستحضر معاني هذه الأذكار ويتدبر ما يتلو أو يسمع من آيات، عندئذ يشعر فعلاً أنه يقف بين يدي الله عز وجل، وأن الصلاة يجب أن تنزه عن اللعب والعبث .وقد سئل أحد السلف – وهو حاتم الأصم – كيف يؤدي صلاته فقال : ' أكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل، وأركع ركوعًا بتخشع، وأسجد سجودًا بتذلل، وأعتبر الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والصراط تحت قدمي، والكعبة بين حاجبي، وملك الموت على رأسي، وذنوبي محيطة بي، وعين الله ناظرة إليّ، وأعتدها آخر صلاة في عمري، وأتبعها الإخلاص ما استطعت، ثم أسلم، ولا أدري أيقبلها الله منّي أم يقول: اضربوا بها وجه من صلاها .أما أن يقف وتجتمع كل هموم الدنيا عليه، حينما يصلي، ويشغل نفسه بكل شيء إلا بالصلاة، فهذا لا ينبغي للمسلم. على كل حال، فهناك أمور عارضة تجبر الإنسان وتقهره، وهو مطالب أن يبعد هذه الأمور عن رأسه وعن فكره، وأن يقف في المكان الذي يهييء له الخشوع، وأن يتدبر المعاني، وأن يركز فكره ما أمكن، ويغفر الله ما سوى ذلك إن شاء.هذا هو خشوع القلب. وهناك خشوع الجوارح، وهو مكمل لخشوع القلب، ومظهر له . كما جاء في الأثر ' لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه '. (رواه الحكيم الترمذي في النوادر بسنده عن أ بي هريرة مرفوعًا وفيه راو مجمع على ضعفه والمعروف أنه من قول سعيد بن المسيب). فمعناها أن لا يتلفت في الصلاة التفات الثعلب، ولا يعبث عبث الأطفال، ولا يتحرك حركات كثيرة تخل بالخشوع، وتذهب بروح الصلاة، وإنما ينبغي أن يقف وقورًا بين يدي الله عز وجل، فهذا أيضًا مطلوب في الصلاة. والله أعلم

آيات كثيرة في القرآن الكريم تأمر بالخشوع وتمدح أصحابه، وتصف المؤمنين بالخشوع وخصاله، وهنا يتساءل العلامة عبد الرحمن السعدي عن ما يتعلق بهذا الموضوع، يقول: ما هو الخشوع الذي أمر الله به، ومدح أهلَه وذم من قسا قلبه فلم يخشع، فما حقيقة ذلك؟ وما علاماته ودلالاته؟  

وأجاب فقال:  مدح الله الخشوع عموماً في جميع الأوقات والحالات والعبادات، مثل قوله تعالى:

 (وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ)

(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

ومدح الخشوع خصوصاً في الصلاة، مثل قوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)

 فخشوعُ القلب عنوانُ الإيمان وعلامة السعادة، كما أن قسوتَه وعدمَ خشوعه عنوانُ الشقاوة؛ فالخشوع انكسار القلب وذله بين يدي ربه، وأن يبقى هذا الخشوع مستصحباً مع العبد في جميع أوقاته، إن غفل رجع إليه، وإن مرح عاد إليه، وإن شرع في تعبد وقربة من القربات خضع فيها، وقام بالأدب الذي هو أثر الخشوع، خصوصاً في أم العبادات، والجامعة بين أنواع التعبدات القلبية والبدنية وأقوال اللسان وهي: الصلاة؛ فإنه يقوم فيها مراعياً للمراقبة، ومرتبة الإحسان أن يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يره فإنه يراه، فيُجهد نفسَه على التحقيق بهذه العبودية الكاملة، فيُحضر قلبَه فيناجي ربه بقلبه قبل لسانه، ويستحضر ما يقوله ويفعله؛ فتسكن حركاته ويقل عبثه. ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي وهو يعبث في لحيته فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»

وبهذا يُعرف أن من أعظم علامات الخشوعِ سكونُ الجوارح، والتأدب في الخدمة الذي هو أثر سكون القلب، ولهذا وصف الله عباده الذين أضافهم إلى رحمته في قوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)

خاضعين متواضعين

ومن أمارات هذا الخشوع أن يطمئن القلب بذكر الله، ويخشع ويخضع للحق الذي أنزله الله؛ فيعتقد ما دل عليه من الحق، ويرغب فيما دعا إليه من الخير، ويرهب عما حذر منه من الشر، كما قال تعالى: 

(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)

 وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)

وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)

فالقلب القاسي لا تؤثر فيه الآيات شيئاً، ولا يزداد مع التذكير إلا تمادياً في غيّه وطغيانه وضلاله، والقلب الخاشع – لما كان حسن القصد متواطئاً على الحق طالباً له مستعداً لقبوله – لما وصل إليه الحق عرفه، وعرف الحاجة بل الضرورة إليه ففرح به واطمأن به، وزادت رغبتُه وأثّر في قلبه خضوعاً، وفي عينيه دموعاً، وفي جلده قشعريرة، ثم يلين قلبه ويطمئن إلى ذكر الله تعالى؛ فهذا من هداية الله لعبده وتوفيقه إياه، إلا مَن أعرضوا فأعرض الله عنهم

 وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) ، أي بل خروا سامعين مبصرين، منقادين لها طوعاً واختياراً.

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا)

 فهذا تأثير آيات الله في أهل العلم الخاشعين، يجمعون بين خشوع القلب وخضوع اللسان وتضرعه، وخضوع الجوارح حيث خروا للأذقان يبكون.

وقال تعالى بعدما ذكر أصفياءه الخاضعين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)

ومِن أعظم علامات الخاشعين: ما ذكر اللهُ بقوله (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) ثم وصفهم فقال: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)

 فلما أخبتت قلوبهم إلى ربهم – فذلّت له وانكسرت وتبتّلت إليه تبتيلاً – وجِلَتْ عند ذكره، وصبرتْ على ما أصابها مِن ابتلاء الله، وأدَّتْ ما أُمِرتْ به من الصلاة وأنواع النفقات؛ فجمع بين وصف المخبتين، وبين أعمال القلوب – وهو الصبر والوجل – وأعمال الجوارح كلها، وأقوال اللسان – وهو الصلاة التي تجتمع فيها أنواع التعبد- والأعمال المالية، وتقديم محبة الله على محبة المال، فأخرَجتِ المالَ المحبوبَ للنفوس في الوجوه التي يحبها الله تعالى؛ إيثاراً لربها، فهذه أوصاف المخبت الخاشع، التي لا يستحق هذا الاسم من لم يتصف بها.

  وكذلك: وصفهم بأنهم الذين يعرفون الحق في مواضع الشُبَه؛ فيزدادون إيماناً إلى إيمانهم، كما قال تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ)

يتضمن وصفَ المخبتين الخاشعين بالرجوعِ إلى ربهم في جميع الحالات، والإنابة إليه في كل الأوقات؛ لأن تَعدية الفعل بـ(إلى) يدل على هذا المعنى، فإنهم لما أخبتوا إلى ربهم، وخضعوا لعظمته؛ أخبتوا إليه في التعبد متذللين فتقبّل منهم، وأوصلهم إلى مقصودهم، وجعلهم أصحابَ الجنة خالدين فيها، فلما خشعت قلوبُهم؛ خشعت أسماعُهم وأبصارُهم وألسنتُهم وجوارحُهم للرحمن.

ومما يدل على أن هذه الأشياء تابعة للقلب في خشوعه: ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»، وقوله تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) ، (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ)

ولهذا فسّر كثيرٌ من المفسرين: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) أنه غض البصر، وقلة الحركات، وعدم الالتفات، ولا شك أن هذا أثرُ الخشوع ودليلُه، فالخاشع: هو الذي سكن في قلبه تعظيمُ الله ووقارُه، وتصديقُ وعده ووعيده؛ فذلَّ وخضع، وانقادت جوارحه لما أُمرتْ به، وترك الأشرَ والبطرَ والمرحَ المنافي للخشوع، وكلما بعُد القلبُ عن هذا الوصف قسا وغلظ؛ فلم يخضع لأمر الله، ولا أثَّر فيه الذكر، بل ربما زاد خساراً، وافتتن عند المحن والشبهات، وفسق عن أمرِ ربه.

الخشوع في الصلاة

عدم الخشوع في الصلاة يحتمل عدة معان: ذا كان عدم الخشوع بمعنى أن يأتي المصلي أثناء صلاته بحركات كثيرة كأنه ليس في الصلاة، فيحك بدنه، وينظر في ساعته، ويعبئها، ويلتفت، ويعدل من عمامته أو عقاله .. وما إلى ذلك، كالذي نراه عند بعض الناس، هذا النوع الكثير من الحركات يبطل الصلاة … لأنه عبث، لا يتصور من مسلم مقبل على ربه بقلبه وفكره، ويحترم الصلاة ويشعر ويعي بقيمتها.

أما إذا كان عدم الخشوع بمعنى أنه يتحرك أحيانًا حركات قليلة، أو يسرح فكره أو لا يستحضر قلبه في الصلاة، فهذا وإن لم يبطل الصلاة ولكنه يذهب روح الصلاة، فروح الصلاة في الحقيقة هو الخشوع .

وقد قال الله تعالى: (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون).

والخشوع خشوعان: خشوع قلب، وخشوع جوارح، فخشوع القلب أن يستحضر رقابة الله عز وجل ويستحضر عظمته، ويتدبر معاني القرآن، ويتدبر ما يتلوه من آيات أو ما يسمعه، وما يذكره من أذكار: معنى التكبير، معنى التسبيح، معنى سمع الله لمن حمده .. وهكذا .. يستحضر معاني هذه الأذكار ويتدبر ما يتلو أو يسمع من آيات، عندئذ يشعر فعلاً أنه يقف بين يدي الله عز وجل، وأن الصلاة يجب أن تنزه عن اللعب والعبث .

وقد سئل أحد السلف – وهو حاتم الأصم – كيف يؤدي صلاته فقال : ' أكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل، وأركع ركوعًا بتخشع، وأسجد سجودًا بتذلل، وأعتبر الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والصراط تحت قدمي، والكعبة بين حاجبي، وملك الموت على رأسي، وذنوبي محيطة بي، وعين الله ناظرة إليّ، وأعتدها آخر صلاة في عمري، وأتبعها الإخلاص ما استطعت، ثم أسلم، ولا أدري أيقبلها الله منّي أم يقول: اضربوا بها وجه من صلاها .

أما أن يقف وتجتمع كل هموم الدنيا عليه، حينما يصلي، ويشغل نفسه بكل شيء إلا بالصلاة، فهذا لا ينبغي للمسلم. على كل حال، فهناك أمور عارضة تجبر الإنسان وتقهره، وهو مطالب أن يبعد هذه الأمور عن رأسه وعن فكره، وأن يقف في المكان الذي يهييء له الخشوع، وأن يتدبر المعاني، وأن يركز فكره ما أمكن، ويغفر الله ما سوى ذلك إن شاء.

هذا هو خشوع القلب. وهناك خشوع الجوارح، وهو مكمل لخشوع القلب، ومظهر له . كما جاء في الأثر ' لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه '. (رواه الحكيم الترمذي في النوادر بسنده عن أ بي هريرة مرفوعًا وفيه راو مجمع على ضعفه والمعروف أنه من قول سعيد بن المسيب). فمعناها أن لا يتلفت في الصلاة التفات الثعلب، ولا يعبث عبث الأطفال، ولا يتحرك حركات كثيرة تخل بالخشوع، وتذهب بروح الصلاة، وإنما ينبغي أن يقف وقورًا بين يدي الله عز وجل، فهذا أيضًا مطلوب في الصلاة. والله أعلم

أخر اخبار الكويت:

البديوي: المنتدى الاقتصادي يُمثّل ركيزة لبحث الفرص الاقتصادية

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 1640 days old | 609,828 Kuwait News Articles | 4,819 Articles in Apr 2024 | 95 Articles Today | from 27 News Sources ~~ last update: 15 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



منوعات الخشوع .. عنوان الإيمان وعلامة السعادة - kw
منوعات الخشوع .. عنوان الإيمان وعلامة السعادة

منذ ثانية


اخبار الكويت

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل