تحليل إخباري: تراجع نواب «الصوت العالي».. وثقة متجددة بالوجوه الجديدة

جاءت نتائج انتخابات 6 يونيو 2023 مليئة بالرسائل والمضامين التي عبرت عنها الأرقام النهائية لأرقام المرشحين، اولى الرسائل الملتقطة هي نسبة الاقبال على الصناديق التي خالفت التوقعات ولم تتأثر كثيرا بتكرار الانتخابات ثالث مرة في ثلاث سنوات، واثبت الكويتيون بهذا الحضور الايجابي تمسكهم بالدستور والديموقراطية وبخيار المشاركة بالتصويت كأسمى وسيلة كفلها الدستور للتعبيرعن الرأي. وبرهنت على أن الكويتيين متفاعلون بايجابية مع العملية الانتخابية وتظهر الارقام ان عدد المقترعين اقتراعا صحيحا قد بلغ 466712 ناخباً وناخبة من اجمالي 740271 ناخبا وناخبة يحق لهم التصويت وبنسبة مشاركة تقدر %62.8 وهي نسبة جيدة مقارنة بالتوقيت وباجواء السياسية المحبطة.

نواب الصوت العالي الرسالة الاعمق التي جاءت بها رسائل الصناديق هي تلك الموجهة للظواهر الصوتية في البرلمان ونواب الصوت العالي منهم تحديدا، فقد تراجعت ارقام هذه الفئة من النواب بشكل كبير في العدد والمركز وتدحرجت مراكزهم من الصدارة الى الموخرة والى خروج كامل من البرلمان في بعض الدوائر، بينما حافظ اصحاب الطرح العقلاني المستند إلى فكر سياسي واضح ورقي في انتقاء المفردات السياسية للتعبير عن مواقفهم على مراكزهم، بل تقدمت مراكزهم عن العام الماضي، واحتلوا مقدمة المراكز في جميع الدوائر الخمس، وتكفي المقارنة بين ترتيب مرشحي هاتين الفئتين في كل دائرة للوصول الى هذه الخلاصة. التي تنقلنا الى رسائل اخرى مرتبطة بها بشكل مباشر وهي تلك التي وجهت الى اصحاب الشعارات والمشاريع الشعبوية التي استخدموها للتكسب الانتخابي، فكانت رسالة الصناديق ان الشعارات وحدها لا تكفي ما لم تقترن بانجاز، وان الشارع بلغ مرحلة من الوعي لا يلتفت معها الى النواب الذين يرفعون لواء مشاريع غير قابلة للتجسيد على ارض الواقع مثل «قضية اسقاط القروض» التي خسر كل من رفع شعارها وتبناها لقناعة الشارع انها لا تعدو عن كونها تكسبا انتخابيا ودغدغة للعواطف، ومحاولة من النواب لصرف الانتباه عن عجزهم عن تقديم مشاريع بديلة لتحسين مستوى دخل المواطنين قابلة للتحقيق والتطبيق.

النواب الجدد

الرسالة الاخرى التي جاءت بها الصناديق هي منح فرصة انتقائية لنواب مجلس 2022 حيث منح الفرصة للنواب الجدد اليوم لمن دخلوا مجلس 2022 لأول مرة، فأعاد الثقة بهم مرة أخرى، حيث حافظ أسامة الزيد وحمد المدلج على مراكزهما في «الأولى» وفلاح ضاحي شعيب شعبان والعيسى والأنبعي في «الثانية» جنان بوشهري وحمد العبيد في «الثالثة» ومبارك الطشة في «الرابعة» وسعود العصفور ومحمد المهان في «الخامسة»، لكنه لم يفعل الأمر نفسه مع نواب المجالس السابقة، حيث تراجعت أرقام كثير منهم وخرج البعض الآخر منهم من المجلس الجديد.

حالات المجلس

شكلت نجاح بعض النواب حالات انتخابية خاصة، وكان أبرزها الرقم الذي حققه كل من بدر سيار ومتعب الرثعان في الدائرة الرابعة بإنجاز مضاعفة الرقم عن الانتخابات السابقة التي جرت قبل 9 اشهر، فمتعب الرثعان الذي حقق 7670 صوتاً تمكن من مضاعفة رقمه لنسبة %117 خلال 9 اشهر، أما بدر سيار فضاعف رقمه بنسبة %103 عن الرقم الذي سجله قبل 9 اشهر.

الحالة الأخرى التي صنعتها نتائج مجلس 2023 هي في الرقم الذي حققه شعيب شعبان في «الثانية» بحصوله على 5630 صوتاً، فلا يتعلق الامر بتكرار نجاحه فقد شاركه آخرون، لكن الحالة التي خلقها شعبان هي في قدرته على زيادة رقمه بنسبة الثلثين عن انتخابات العام الماضي ووحصده أصوات مختلف شرائح الدائرة الثانية متخطياً الحواجز الطائفية والفوارق الاجتماعية.

يضاف إلى ذلك ، النائب حمد العليان الذي زاد رقمه بنسبة 106 %، فقد تحرك رقمه من 2370 صوتا في انتخابات 2022 إلى 4896 صوتا في هذه الانتخابات.

مؤشرات إحصائية

◄ قياس المركز الأول

نظراً للتفاوت في أعداد الناخبين بين دائرة وأخرى. فقد أصبح من غير الممكن الاعتماد على مؤشر الرقم الأعلى عددياً من دون النظر إلى حجم الكتلة الناخبة في الدائرة:

وعليه، فإنه بربط الرقم الذي حصل عليه صاحب المركز الأول بنسبة المقترعين من الدائرة يظهر لنا قياس أكثر دقة لمكانة صاحب المركز الأول الانتخابية.

ووفقاً لهذا القياس تبين ان مرزوق الغانم متصدر الدائرة الثانية قد حقق النسبة الأعلى في الكويت بحصوله على 6661 صوتاً بما يعادل ما نسبته %11.8 من إجمالي المقترعين بالدائرة الثانية الذين يبلغ عددهم 56259 مقترعاً.

يليه عبدالله جاسم المضف متصدر الدائرة الأولى بمجموع أصوات 5815 صوتاً بما يعادل %10.1 من إجمالي مقترعي الدائرة الأولى الذين بلغ مجموعهم 57519 مقترعاً.

من ثم مهلهل المضف متصدر الدائرة الثالثة بـ7268 صوتاً بنسبة %9.9 من إجمالي مقترعي الدائرة الثالثة البالغ مجموعهم 79035 مقترعاً.

يليه سعود العصفور متصدر الدائرة الخامسة الذي حصل على 12786 صوتاً بما نسبته %8.6 من إجمالي أصوات مقترعي الدائرة الخامسة الذي بلغ مجموعهم 148193 مقترعاً.

أما بدر سيار الشمري متصدر الدائرة الرابعة فحصد 8355 صوتاً ما يعادل %6.5 من أصوات مقترعي الدائرة الرابعة الذين بلغ مجموعهم 127706 مقترعين.

◄ نسبة المشاركة في الانتخابات

تعد عملية احتساب نسبة المشاركة إحدى إشكاليات القراءات الانتخابية، فالحساب الدقيق لنسب المشاركة يكون باحتساب نسبة المقترعين قياساً إلى عدد من يحق لهم التصويت وليس بالمقارنة مع مجمع الكتلة الناخبة، وقد أدت عملية تسجيل من هم فوق سن 21 تلقائياً إلى تضاعف أعداد الموقوفين ولا سيما العسكريين منهم، حيث بلغ تجاوز عددهم في الدوائر الخمس أكثر من 55 ألف صوت، إضافة إلى مئات موقوفي السن الذي سجلوا قيودهم في تسجيلات فبراير ومارس 2023 ولم يبلغوا السن القانونية وقت التصويت.

وقد سجلت الدائرة الرابعة النسبة الأعلى بنسبة حضور بلغت %67.5 تلتها الدائرة الثانية بنسبة حضور %66.3 ثم حلت الدائرة الخامسة بنسبة %62.1 وجاءت بعدها الدائرة الثالثة بنسبة %59.8 وأخيراً حلت الأولى بنسبة %58.